مفهوم الخذلان وطرق التغلب عليه

فهم معنى الخذلان، استراتيجيات للتعامل معه، تقبل المشاعر السلبية، التعبير بصدق عن الأحاسيس، قطع العلاقة مع مصدر الألم

تعريف معنى الخذلان

يعتبر الشعور بالخذلان تجربة قاسية ومؤلمة تنطوي على مجموعة من الأحاسيس الداخلية المزعجة التي تهاجم الشخص، مثل الشعور بخيبة الأمل والإحباط الشديد. يمكن أن ينشأ هذا الشعور نتيجة للتعرض للمعاناة والأذى النفسي من الآخرين، أو بسبب الاستياء من الذات، أو كنتيجة لتلقي صدمة عاطفية قوية كالخيانة، أو الإحساس بالعزلة وغياب شخص داعم وصادق يمكن الوثوق به والاعتماد عليه، أو بسبب الثقة المفرطة في الآخرين مما يؤدي إلى بناء توقعات عالية غير واقعية.

عندما يعلق الشخص آمالًا كبيرة على الآخرين دون دراسة شخصياتهم بعمق وبشكل صحيح، ودون موازنة بين ما يرغب فيه وما يتمناه وبين واقع وشخصية الطرف الآخر الحقيقية، قد ينتهي به الأمر ضحية لحسن ظنه وطيبته. قد يكون الخذلان من أصعب التجارب التي يمر بها الإنسان في حياته، والتي تترك آثارًا سلبية مؤلمة عليه، ولكنه لا يعني نهاية الحياة أو توقفها.

فالسعادة لا تدوم، والحياة مليئة بالتحديات والمواقف التي، حتى وإن سببت الألم والأذى، فإنها تقوي الشخص وتزيد من خبرته وتجعله يحسن التقدير والاختيار، خاصة عندما يتعرض لتجربة قاسية تفتح عينيه على الحقيقة وتجعله يرى الأمور بوضوح، مما يجبره على التعامل بحذر أكبر في المستقبل.

سبل مواجهة الخذلان

يُنصح باتباع الإرشادات التالية التي تساعد الشخص على تجاوز مشاعر الخذلان وخيبة الأمل:

استيعاب الحزن والغضب والتصالح مع النفس

لا ينبغي على الشخص أن يكون قاسيًا على نفسه بشكل مفرط أو أن يبالغ في التظاهر بالقوة، خاصة بعد التعرض لصدمة قوية تهز مشاعره، مثل الخيانة أو الرفض. هذه المواقف الصعبة لا يمكن أن تمر دون أن تؤثر فيه وتسبب له الإزعاج أو القلق أو الغضب. وبالتالي، يجب عليه الاعتراف بهذه المشاعر وتقبلها بدلًا من التظاهر بأنه لم يتأثر بها، أو محاولة دفعها وإبعادها في البداية، لينتهي به الأمر أسيرًا لها لاحقًا.

في الوقت نفسه، يحتاج الشخص إلى البدء في التصالح مع ذاته وترميم جروحه وعلاجها تدريجيًا، مستمدًا الدعم والحب من الآخرين. يجب ألا يقطع علاقاته الأخرى ويحكم عليها بالفشل أو يرفضها بسبب تأثره بعلاقة غير ناجحة وشخص غير جيد. يجب أن ينظر إلى الأمر من جانب آخر، وهو أن من يحبه سيبقى معه للنهاية، وأن من تخلى عنه وخذله يستحق أن يخرجه من حياته وينساه، ويستبدله بأشخاص أصدق وأكثر كفاءة يليقون به ويستحقون مكانة مميزة وعظيمة في قلبه.

الإفصاح عن الأحاسيس بشفافية بعيدًا عن الأوهام

بعد التعرض للإحباط والاستياء والأذى مباشرة، تكون نظرة الشخص للأمور غير واقعية تمامًا. الشعور بالألم والأذى النفسي الشديد الذي يمزقه من الداخل قد يجعله يبالغ في رؤية المشكلة ويضخمها ويعتبرها كارثة كبيرة. لكن مع مرور الوقت، تبدأ الصورة بالاتضاح أكثر وتهدأ المشاعر ويصبح الشخص أكثر وعيًا، ويسيطر عقله على الموقف ويبدأ في تقبله. بالتالي، فإن التعبير عن المشاعر وسؤال النفس عنها سيساعد على تحجيم الأمر بشكل أدق، وذلك باتباع الطرق الآتية:

  • طلب المشورة والتحدث إلى صديق موثوق: يساعد التحدث إلى صديق حكيم وهادئ ومقرب ومتعاطف بشأن الموقف على تنوير العقل والبصيرة وتقديم النصح والإرشاد. يفضل أن يكون هذا الشخص أكبر سنًا وله خبرة جيدة في الحياة.
  • الكتابة وتدوين المشاعر: التعبير عن المشاعر الداخلية المختلطة من غضب واستياء وحزن يساعد على تفريغ جزء من المشاعر السلبية التي يحملها الشخص. قراءة هذه المشاعر والتمعن بها والتفكير في حلول لها واقتراح بدائل وأفكار لتجاوزها قد يكون بوابة الأمل والخروج من الأزمة، شريطة الحفاظ على الخصوصية وعدم الإفصاح عنها أو نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها لتجنب النقد والتعليقات السلبية التي قد تزيد الأمر سوءًا.
  • مقارنة الموقف الحالي بمواقف أصعب: يمكن مقارنة الموقف الحالي الذي قد يبدو في نظر الشخص كارثة كبيرة بمواقف أخرى أصعب لأشخاص آخرين من حوله، حتى يقلل من شأن الأمر ويشعر بصغر الموقف مقارنة بأمور أسوأ وأكثر خطورة. يبدأ الشخص بعد ذلك في تدارك مشاعره والسيطرة عليها، ثم التخلص منها، خاصة عندما يرى غيره ممن يمرون بظروف أصعب يتداركونها ويحاولون التعامل معها وحلها رغم سوءها وصعوبتها.

إنهاء التواصل مع مسبب الشعور بالخذلان

تعتبر خطوة إنهاء العلاقات غير الآمنة التي تهدد سعادة الشخص خطوة مهمة في استعادة توازنه والبحث عن استقرار حياته وسلامه الداخلي. يتم ذلك من خلال المضي قدمًا وتجنب الأشخاص المسيئين عاطفيًا أو جسديًا، وقطع الاتصال بهم حفاظًا على الكرامة وتمسكًا بالراحة والسعادة.

كما يجب التوقف عن التضحية والتنازل لحماية النفس، ووضع حد يتوقف عنده الشخص فلا يؤذي نفسه، ويجتهد في التمسك بشخص يسبب له الاضطراب والأذى العاطفي والصراع الداخلي الذي يرهقه من خلال محاولته إصلاح الأمور من جانب واحد. في المقابل، يجب استبدال هذا الشخص بأشخاص إيجابيين وصادقين يرفعون من معنويات الشخص ويتمسكون بالعلاقة أيضًا، ويجتهدون في بنائها جنبًا إلى جنب معه.

التفاعل مع الظروف والأشخاص في المستقبل بوعي ونضوج

تأتي هذه الخطوة بعد فهم الشخص لمشاعره وتقبلها والتكيف معها حتى وإن لم يتمكن من نسيانها، بحيث يصل إلى قناعة بأن ما حدث يجب أن يصبح من الماضي وألا يسيطر عليه أكثر من ذلك، بل يأخذ الأمر على أنه درس من دروس الحياة وفرصة للتعلم.

وبالتالي، يجب الاستفادة منه قدر الإمكان وعدم التأثر به على المدى البعيد، وجعله سببًا إيجابيًا يساعد الشخص على التعامل مع الأشخاص الآخرين والمواقف الأصعب التي ستعترضه دون الوقوع في نفس الخطأ وتكراره، إضافة إلى منحه خبرة وإمكانية تزيد من صحة قراراته وتجعلها مدروسة وأكثر وعيًا.

التمسك بالرجاء والاستمرار في السعي وراء الأحلام وأهداف جديدة

يظن البعض أن تعرضهم للخذلان ولخيبات الأمل المتكررة سيجعل منهم أشخاصًا كئيبين غير قادرين على الابتسام والمضي قدمًا بتفاؤل ومرح كما في السابق، لكن هذا غير صحيح ويعتمد على إرادة الشخص ووعيه ورغبته في تجاوز الموقف بقوة وبأقل خسارة ممكنة رغم صعوبته وقسوته.

يجب السعي للبحث عن فرص جديدة تحقق السعادة وتمنح المزيد من الطاقة الإيجابية وتبث الأمل والتفاؤل من جديد، وذلك بخلق أهداف أخرى مميزة والاجتهاد والمثابرة في سبيل تحقيقها بغض النظر عن المصاعب والضغوطات التي ستعترض الطريق.

المراجع

  1. Heidi Priebe (15-1-2019),”Read This If You’re Disappointed With The People Around You”،thoughtcatalog.com, Retrieved 12-7-2020. Edited.
  2. Melanie Greenberg Ph.D. (26-5-2018),”6 Ways to Take Care of Yourself When People Disappoint You”،www.psychologytoday.com, Retrieved 12-7-2020. Edited.
  3. “How to Deal With Disappointment”,www.wikihow.com,12-1-2020، Retrieved 12-7-2020. Edited.
  4. Wendy Redden,”5 Things to Remember when Someone Keeps Letting You Down”،www.lifehack.org, Retrieved 12-7-2020. Edited.
  5. Darby Faubion (14-5-2020),”How To Deal With Disappointment And Let Things Go”،www.betterhelp.com, Retrieved 12-7-2020. Edited.
  6. Trudi Griffin, LPC, MS (29-3-2019),”How to Handle Disappointment”،www.wikihow.com, Retrieved 12-7-2020. Edited.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

التجنيد الإجباري في الجزائر: كل ما تريد معرفته

المقال التالي

نظام الجباية في عصر الخلفاء الراشدين

مقالات مشابهة