مقدمة
تُعد معركة حطين واحدة من أهم المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي، والتي كان لها بالغ الأثر على المنطقة بأسرها. فهي لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت نقطة تحول استراتيجية وسياسية غيّرت موازين القوى في الشرق الأدنى. في هذه المقالة، سنستعرض تفاصيل هذه المعركة الحاسمة، ونتائجها على الصعيدين القريب والبعيد، ودور القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي في تحقيق هذا النصر التاريخي.
توقيت وموقع المعركة
وقعت معركة حطين في يوم الجمعة الموافق 25 ربيع الآخر سنة 583 هـ، بين جيش المسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي وجيوش الصليبيين. كان الهدف الأساسي لصلاح الدين هو تحرير مدينة طبريا من سيطرة الصليبيين. عندما علم الصليبيون بنوايا صلاح الدين، قاموا بتجهيز جيش ضخم لمواجهته في منطقة صفورية. لكن صلاح الدين فضل النزول بجيشه في طبريا وفرض حصارًا عليها، وأرسل جزءًا من قواته لملاقاة الصليبيين في صفورية.
بعد حصار دام لفترة، سقطت طبريا في يد المسلمين، لكن قلعتها استمرت في المقاومة. تقدم جيش صلاح الدين نحو حطين، وهي منطقة تتميز بمراعيها الخصبة وموارد المياه الوفيرة. ولكن، قبل الاشتباك، قام الجيش الإسلامي بإحراق الأعشاب والأشجار اليابسة التي كانت تغطي المنطقة، مما تسبب في زيادة العطش والمعاناة لدى جنود الصليبيين. وقد أدى ذلك إلى انهيار معنوياتهم، حيث أصبحوا محاصرين تمامًا، وبدأ المسلمون في شن هجمات متتالية عليهم. نتيجة لذلك، كان قتال الصليبيين يائسًا ومحبطًا، مما أدى إلى مقتل العديد منهم في بداية المعركة، بينما استمر المسلمون في القتال ببسالة حتى تحقق لهم النصر الحاسم.
النتائج المترتبة على المعركة
كان لمعركة حطين نتائج بعيدة المدى على المنطقة، ويمكن تلخيص أبرز هذه النتائج فيما يلي:
- تغيير الخارطة السياسية للمنطقة: بعد انتصار المسلمين في حطين، تمكن صلاح الدين من تحرير الساحل الشامي وإعادته إلى سيطرة المسلمين.
- التمهيد لتحرير القدس: كانت معركة حطين بمثابة نقطة انطلاق لتحرير بيت المقدس واستعادته من أيدي الصليبيين.
- بداية زوال النفوذ الصليبي: شكلت معركة حطين بداية النهاية للوجود الصليبي في منطقة الشرق الأدنى الإسلامي، حيث بدأ المد الصليبي في التراجع وتفككت ممالكهم.
- مكانة صلاح الدين: عززت معركة حطين مكانة صلاح الدين كواحد من أعظم القادة والمجاهدين المسلمين، وأصبح اسمه مرادفًا للهيبة والاحترام والإعجاب، حتى في نظر الصليبيين، وذلك بفضل شهامته وتسامحه ونبل أخلاقه.
قال الله تعالى في كتابه العزيز:
﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 139].
صلاح الدين الأيوبي
وُلِد صلاح الدين الأيوبي في مدينة تكريت عام 1137م، وينتمي إلى عائلة كردية عريقة. كان والده، نجم الدين أيوب، يعمل في خدمة عماد الدين زنكي. نشأ صلاح الدين في دمشق وبعلبك، وبرز نجمه عندما شارك في الحملات العسكرية التي هدفت إلى حماية مصر من السقوط في أيدي الصليبيين. في عام 1169م، تم تعيين صلاح الدين قائدًا للقوات في مصر ووزيرًا للخليفة فيها. منذ عام 1174م، جعل صلاح الدين توحيد البلاد الإسلامية الهدف الأسمى له، وقد نجح في ذلك إلى حد كبير. تمكن من إخضاع الصليبيين واجتاح مملكتهم، وسقطت في يديه العديد من المدن الهامة، مثل يافا والناصرة وطبريا وبيروت ونابلس وعسقلان وبيت المقدس، وغيرها.
كان صلاح الدين الأيوبي مثالًا للقائد العادل والرحيم، وقد ترك إرثًا عظيمًا في التاريخ الإسلامي.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: “المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا” [صحيح البخاري].
المصادر والمراجع
- محمد الجنباز (24-9-2018)،”معركة حطين بقيادة صلاح الدين”، www.alukah.net، تم الاطلاع عليه بتاريخ 15-1-2019.
- أحمد الخاني (17-12-2014)،”صلاح الدين الأيوبي فاتح القدس ومعركته حطين”، www.alukah.net، تم الاطلاع عليه بتاريخ 16-1-2019.
- “نتائج معركة حطين”، islamstory.com، 22-7-2013، تم الاطلاع عليه بتاريخ 16-1-2019.
- د.عبدالله ناصح علوان، صلاح الدين الأيوبي بطل حطين ومحرر القدس من الصليبيين، مصر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 12.
- Paul E. Walker (21-11-2018),”Saladin”، www.britannica.com, Retrieved 16-1-2019. Edited.