معاني سورة الواقعة للأجيال الناشئة

تعريف بسورة الواقعة

سورة الواقعة هي إحدى السور المكية في القرآن الكريم، وتعتبر من سور المفصل. يبلغ عدد آياتها ستة وتسعون آية. تتميز السورة بتركيزها على وصف يوم القيامة وأهواله، بالإضافة إلى تصنيف الناس في هذا اليوم العظيم. كما تتناول السورة قضية توحيد الله عز وجل، وتؤكد حقيقة البعث للمنكرين.

تفسير الآيات (1-3): مشهد القيامة

تبدأ السورة بوصف حدث جلل وهو وقوع يوم القيامة والحساب. وتفصيل ذلك فيما يلي:

• الواقعة: اسم من أسماء يوم القيامة، وهي النفخة التي ستحدث عند النفخ في الصور إيذاناً ببدء الساعة.
• وقوع الواقعة أمر لا ريب فيه ولا يمكن إنكاره.
• الواقعة تخفض أقواماً إلى نار جهنم بسبب كفرهم، وترفع أقواماً إلى جنة الله بفضل إيمانهم وطاعتهم. سيكون صوتها خفيضًا للقريب ومرتفعًا للبعيد.

تفسير الآيات (4-14): الأرض وأقسام الناس

توضح الآيات الكريمة أحوال الأرض والجبال يوم القيامة، بالإضافة إلى تقسيم الناس إلى ثلاثة أصناف رئيسية في ذلك اليوم، وذلك على النحو التالي:

• عند وقوع الواقعة، تهتز الأرض بشدة وتضطرب، وتتفتت الجبال وتتحول إلى غبار متناثر. أي تصبح الأرض خالية تماما من الجبال.
• ينقسم الناس إلى ثلاثة أقسام بناءً على أعمالهم:
• أصحاب الميمنة: وهم أهل الجنة الذين يتلقون صحائف أعمالهم بأيديهم اليمنى.
• أصحاب المشأمة: وهم أهل النار الذين يتلقون صحائف أعمالهم بأيديهم اليسرى.
• السابقون: وهم المقربون إلى الله، الذين فاقوا أصحاب الميمنة، وهم الأنبياء والمرسلون والشهداء والصديقون.
• السابقون إلى فعل الخيرات، أغلبهم من أوائل أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقليل منهم من آخرها.

تفسير الآيات (15-26): نعيم السابقين

تصف الآيات الكريمة جزاء السابقين والمقربين عند الله، وما ينعمون به في الجنة، وذلك كما يلي:

• يجلس أهل الجنة على أسرّة مزينة بالذهب، وجوههم متقابلة تعبيراً عن صفاء قلوبهم وحسن أخلاقهم.
• يطوف على أهل الجنة غلمان لا يشيبون لخدمتهم وتلبية احتياجاتهم، يحملون الأكواب والأباريق وكؤوسًا من الخمر الذي لا يسبب الصداع ولا يذهب العقل، على عكس خمر الدنيا.
• ينعمون بما تشتهيه أنفسهم من الفواكه اللذيذة وأنواع الطيور المختلفة.
• يتمتعون بالحور العين، وهن نساء كاملات الجمال، كاللؤلؤ المكنون الصافي، مكافأة لهم على ما كانوا يعملون في الدنيا.
• لا يسمعون في الجنة كلامًا باطلاً، بل يسمعون الكلام الطيب فقط.

تفسير الآيات (27-40): جزاء أصحاب اليمين

تتحدث الآيات عن النعيم الذي ينتظر أصحاب اليمين في الجنة، وتفصيل ذلك:

• أصحاب اليمين لهم مكانة عظيمة، سينعمون بالسدر الذي لا شوك فيه، والطلح الشهي، والماء المتدفق من الأنهار والعيون، والفاكهة التي لا تنقطع، والفرش المرتفعة جدًا المصنوعة من الذهب والحرير.
• الله -عز وجل- خلق نساء أهل الجنة خلقًا جديدًا، فجعلهن أبكارًا ومحببات لأزواجهن بحسن كلامهن، وجعلهن في سن واحدة.
• أصحاب الميمنة هم جمع غفير من أمة محمد من السابقين واللاحقين.

تفسير الآيات (41-56): عذاب أصحاب الشمال

تصف الآيات الكريمة جزاء أصحاب الشمال وعذابهم في نار جهنم، مع توضيح أسباب هلاكهم، وذلك كما يلي:

• أصحاب الشمال ينتظرهم ريح حارة من نار جهنم، وماء حار يقطع الأمعاء، لا يجدون راحة ولا متعة.
• لقد انشغلوا بالدنيا وعملوا لها، واستمتعوا بمباهجها، وكانوا يعيشون في ترف نهى الله عنه، حتى أنهم كانوا يرتكبون كبائر الذنوب ولا يتوبون عنها، وكانوا ينكرون البعث، ويقولون: كيف نُبعث بعد أن نصبح عظامًا وترابًا في القبور؟ فأمر الله الرسول أن يخبرهم بأن الأولين والآخرين سيُبعثون للحساب.

• قال تعالى:

  “ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ ﴿51﴾ لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ ﴿52﴾ فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ﴿53﴾ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ ﴿54﴾ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ﴿55﴾ هَٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ﴿56﴾”

• الضالون عن الهدى، المكذبون بالرسل سيأكلون من أقبح الأشجار وأنتنها رائحة، وسيشربون الماء المغلي من شدة العطش والجوع.

تفسير الآيات (57-74): دلائل البعث

توضح الآيات الكريمة البراهين والأدلة الواضحة على وجود البعث والحساب والجزاء، وذلك كما يلي:

• الله -تعالى- الذي خلق الإنسان من العدم قادر على إحياء الموتى عند البعث، وهو الذي بدأ خلق الإنسان من المني، وهدى الزوجين لبعضهما ليتم التناسل.
• الله -تعالى- هو الذي ينبت الثمار والزرع ويخرجه من الأرض ليوفر للناس طعامهم وغذاءهم، ولو شاء الله لجعله حطامًا لا فائدة منه ولا رزق، فتصبحون نادمين.
• الله -تعالى- هو الذي ينزل الماء من السحاب لنشرب ونحيا به، ولو شاء الله لجعله مالحًا لا يُشرب، ولهذا يجب أن نشكر الله على كل نعمه.
• الله -تعالى- هو الذي خلق الشجر الذي ننتفع به ونوقد النار، ولا يستطيع مخلوق أن ينشئ الشجر، فيجب أن نسبح الله ونحمده على كل نعمه وفضله علينا.

تفسير الآيات (75-82): فضل القرآن الكريم

تتحدث الآيات الكريمة عن القسم العظيم وعن القرآن الكريم وفضله، وتكذيب الكافرين به، وتفصيل ذلك:

• قال تعالى:

  “فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴿75﴾ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴿76﴾ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴿77﴾ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ ﴿78﴾ لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴿79﴾ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ﴿80﴾ أَفَبِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ ﴿81﴾ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴿82﴾”

• لقد أقسم الله -تعالى- بالنجوم ومواقعها، وهذا القسم عظيم؛ لأن في النجوم وجريانها آيات وعبر لا يمكن حصرها.
• القرآن هو كتاب عزيز لا شك فيه، مكتوب في اللوح المحفوظ عند الله -تعالى- والملائكة، ومصون عن أعين الخلق، ولا يمسه إلا المطهرون، وهو تنزيل من رب العالمين المشتمل على مصالح عباده الدينية والدنيوية.
• الله -تعالى- قد أنزل القرآن ليزيدكم من فضله، وأنعم عليكم ورزقكم، فلماذا تقابلون النعمة بالكفر والتكذيب؟

تفسير الآيات (83-96): مصير الميت

ذكر الله في الآيات الكريمة مصير الميت وجزاءه بعد الحساب، وعن قدرة الله على إعادة الميت وعجز الكافرين عن دفع الموت، وتفصيل ذلك:

• إذا خرجت الروح من الحلقوم وكان الإنسان يموت وأنتم تنظرون إليه ولكن لا ترون أن الله بعلمه وقدرته وملائكته أقرب إلى الميت منكم، فأعيدوا إلى الميت روحه إن كنتم تزعمون أنه لا يوجد بعث.
• ذكر الله مصير الأقسام الثلاثة بعد الحساب: فالمقربون لهم طمأنينة وراحة وسرور وبهجة وجنة النعيم، وأصحاب اليمين لهم السلامة والأمن والجنة، وأصحاب الشمال يدخلون نار الجحيم ويتعذبون فيها.