مقدمة
سورة المرسلات هي سورة مكية تتناول مواضيع هامة تتعلق بالإيمان واليوم الآخر. تتضمن السورة آيات تتحدث عن دلائل قدرة الله سبحانه وتعالى، وعن مصير المكذبين والمتقين. يهدف هذا المقال إلى تقديم شرح مبسط لمعاني سورة المرسلات، مع التركيز على الدروس والعبر التي يمكن للأطفال والناشئة استخلاصها.
التأكيد على وقوع يوم الحساب
تبدأ سورة المرسلات بالقسم بعدة أمور ليؤكد حقيقة وقوع يوم القيامة. هذه الأقسام تدعو للتفكر والاعتبار. ومن الآيات التي وردت في هذا السياق:
{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا}
في تفسير هذه الآية أقوال متعددة، منها:
- الرياح المتعاقبة.
- الملائكة التي تُرسل بالخير والنهي عن الشر.
- الأنبياء والرسل المعروفون بآياتهم ومعجزاتهم.
- الرياح العاصفة.
- الملائكة التي تقبض أرواح الكافرين.
- الرياح التي تنشر الغيوم.
- الملائكة التي تنشر الكتب.
- الصحف التي تظهر فيها أعمال العباد.
- البعث يوم القيامة.
- المطر الذي ينشر النبات.
- الملائكة التي تميز الحق من الباطل.
- آيات القرآن التي تفرق بين الحلال والحرام.
- الرياح التي تفرق السحاب.
- الملائكة التي تبلغ الوحي للرسل.
- الرسل الذين يبلغون الوحي للأمم.
{عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} أي أن كل ما سبق ذكره هو للتذكير بيوم القيامة والتحذير منه.
{إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} تأكيد على قيام الساعة والبعث والجزاء.
وصف مشاهد يوم البعث
بعد التأكيد على حتمية وقوع يوم القيامة، تصف الآيات بعضًا من أهوال ذلك اليوم:
{فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ} أي ذهب نورها واختفى.
{وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ} أي انشقت وتصدعت.
{وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ} أي أزيلت من مكانها واقتُلعت.
{وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} أي حان الوقت الذي ينتظره الرسل للحكم بينهم وبين أقوامهم.
{لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ} سؤال عن اليوم الذي حدده الله للقضاء بين العباد.
{لِيَوْمِ الْفَصْلِ} أي يوم القيامة.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ} استفهام لبيان عظمة وهول ذلك اليوم.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} هلاك وحسرة للمكذبين بالرسل.
{أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ} إشارة إلى إهلاك الأمم السابقة التي كذبت الرسل.
{ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ} الهلاك سيقع على من يكذب الرسل من الأمم اللاحقة.
{كَذَٰلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ} هذا العذاب الأليم سيكون للمجرمين المستكبرين.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} تكرار للتهديد.
إظهار عظمة الخالق
تنتقل الآيات بعد ذلك لعرض دلائل قدرة الله سبحانه وتعالى في الخلق:
دلالة خلق الإنسان
قال تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ * فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ * فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ}
تذكر هذه الآيات بأن الإنسان خُلق من ماء ضعيف، ثم وُضع في مكان آمن وهو رحم الأم، وتكوّن بقدرة الله. الله هو القادر المطلق، ومع ذلك يكذب البعض بهذه الحقائق.
معنى “فقدرنا” أي أن الله هو الذي دبر أمر الجنين وجعل خلقه في أطوار. معنى “فنعم القادرون” أي إن الله هو القادر القدرة المطلقة وهو المتصف بالحكمة والمستحق للحمد سبحانه.
الأرض مهد للحياة والموت
قال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا * وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاءً فُرَاتًا * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ}
تبين الآيات نعم الله على الإنسان بجعل الأرض مكانًا يعيش فيه ويموت، وجعل فيها جبالاً راسخة، وأنزل الماء العذب، ومع ذلك يستمر المكذبون في تكذيبهم.
عاقبة الجاحدين
بعد ذكر دلائل قدرة الله، تأتي الآيات لتصف عذاب المكذبين:
{انطَلِقُوا إِلَىٰ مَا كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ * انطَلِقُوا إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ * لَّا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ * إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * هَٰذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ * وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * هَٰذَا يَوْمُ الْفَصْلِ ۖ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ * فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ}
تصف هذه الآيات مصير المكذبين في الآخرة، حيث يُقال لهم: اذهبوا إلى العذاب الذي كنتم تكذبون به، إلى ظل دخان جهنم الذي لا يقي من اللهب. شرر النار كأنه القصور، ويشبه الجمال الصفر. في ذلك اليوم لا يستطيعون الكلام ولا يُسمح لهم بالاعتذار. هذا يوم الفصل، حيث يُجمع الأولون والآخرون، وليس لهم حيلة.
ثواب المؤمنين
تتحدث الآيات عن جزاء المتقين:
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}
المتقون سيكونون في ظلال وأشجار كثيفة، وحولهم ينابيع الماء، ويتوفر لهم كل ما يشتهون من الفواكه. يقال لهم: كلوا واشربوا هنيئًا جزاءً لما كنتم تعملون في الدنيا. هكذا يجزي الله المحسنين.
تحذير الكافرين
تختتم السورة بوعيد الكافرين:
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}
تهديد للمكذبين. يقال لهم: كلوا وتمتعوا قليلاً، فإنكم مجرمون. ومن أسباب استحقاقهم العذاب أنهم يمتنعون عن الصلاة. فإذا لم يؤمنوا بالقرآن، فبأي حديث آخر سيؤمنون؟
عبر وفوائد من سورة المرسلات للأبناء
تحمل سورة المرسلات دروسًا عظيمة:
- الحساب والجزاء حتمي في الآخرة.
- جزاء التكذيب والكفر هو الخسران والعذاب.
- العاقل يتعلم من قصص الآخرين.
- المتقون والمحسنون في نعيم ورغد في الآخرة.
- من يكذب بكتاب الله لا يصدق أي شيء آخر.