مقدمة
إنّ فهم القرآن الكريم وتدبّر معانيه له أهمية بالغة في بناء شخصية الطفل المسلم. ومن السور التي تحمل دروساً وعِبراً عظيمة سورة الطور. يهدف هذا المقال إلى تقديم شرح مبسط لآيات سورة الطور، ليسهل على الآباء والمعلمين إيصال معانيها إلى الأطفال بطريقة شيقة ومفهومة. سنستعرض الآيات التي تتحدث عن العذاب، وأهوال يوم القيامة، وكيف ثبت الله نبيه صلى الله عليه وسلم.
إيضاح الآيات المتعلقة بوقوع العذاب
تتضمن هذه الفقرة شرحاً للآيات من (1) إلى (8) والتي تتناول قسم الله تعالى بمخلوقاته الدالة على عظمته وقدرته، وتأكيد وقوع العذاب على أعدائه. فقد أقسم الله سبحانه وتعالى بعدة أمور:
- الطور: وهو الجبل الذي ينبت الشجر. قال تعالى: (وَالطُّورِ).
- الكتاب المسطور: وهو اللوح المحفوظ الذي دوّن الله فيه كل شيء. قال تعالى: (وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ).
- البيت المعمور: وهو بيت في السماء السابعة، عامر بالملائكة الذين يعبدون الله فيه باستمرار. قال تعالى: (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ).
- السقف المرفوع: وهي السماء. قال تعالى: (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ).
- البحر المسجور: تعددت التفاسير في معناه، فقيل إنه البحر المملوء بالماء الذي حبسه الله، وقيل إنه البحر الموقد بالنار يوم القيامة. قال تعالى: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ).
تفصيل الآيات التي تصوّر أحداث يوم الحساب
تشمل هذه الجزئية تفسير الآيات من (9) إلى (28) والتي تتحدث عن أهوال يوم القيامة، وإنذار الكافرين بعاقبة أعمالهم، وبيان مصير المتقين.
-
أهوال يوم القيامة: كما في قوله تعالى: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا* وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا).
حيث تدور السماء وتضطرب بشدة، وتتحرك الجبال من أماكنها وتسير كما يسير السحاب، وذلك لعظم الهول الذي سيحدث في ذلك اليوم.
-
إنذار الكافرين: كما في قوله تعالى: (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ* الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ* يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا* هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ* أَفَسِحْرٌ هَـذَا أَمْ أَنتُمْ لَا تُبْصِرُونَ* اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).
فكلمة “ويل” تدل على كل أنواع العذاب والخوف والحزن. والمكذبون هم الذين كانوا يخوضون في الباطل ويتخذون الدين هزواً، ويكذبون الحق ويصدقون الباطل. وفي يوم القيامة يدفعون إلى نار جهنم بعنف، ويقال لهم توبيخاً: هذه النار التي كذبتم بها في الدنيا، فذوقوا عذابها.
-
مصير المتقين: قال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ* فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ* كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ* مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ* وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ…).
فالمتقون سيكونون في جنات النعيم، ويستمتعون بما آتاهم الله من النعيم الذي لا يوصف. ويقال لهم: كلوا واشربوا مما تشتهيه أنفسكم، هنيئاً لكم بسبب أعمالكم الحسنة. وسيكونون جالسين على سرر مزينة، وزوجهم الله بنساء جميلات ذوات أخلاق حسنة. ومن نعيم الجنة أيضاً أن يلحق الله الذرية المؤمنة بآبائهم في الجنة وإن لم يبلغوا منزلتهم.
تبيين الآيات الخاصة بتدعيم النبي ومحاججة الكافرين
يستعرض هذا الجزء تفسير الآيات من (29) إلى (49) والتي تتضمن تثبيت الله للنبي صلى الله عليه وسلم، ومحاججة الكفار بالمنطق والعقل.
- تثبيت النبي: يأمر الله تعالى رسوله أن يذكّر الناس بالقرآن، فهو ليس كاهناً ولا مجنوناً ولا شاعراً. قال تعالى: (فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ). ويبين الله تربص الكفار بالنبي، فيرد عليهم النبي بأنه ينتظر أن يصيبهم الله بعذاب.
- النقاش العقلي مع الكفار: وذلك في مسألة خلقهم؛ هل خلقوا من العدم؟ وهو أمر مستحيل، أم هم الذين خلقوا أنفسهم؟ وهو أيضاً مستحيل. فالحجة قائمة عليهم بأن لهم خالقاً يجب أن يؤمنوا به. قال تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ). ونفى الله أن يكونوا قد خلقوا السماوات والأرض، كما نفى أن يكون لديهم خزائن رحمة الله، أو أن يكون لديهم علم بالغيب. ثم يخاطب الله نبيه محمد أن يتركهم حتى يلاقوا يوم القيامة والعذاب.
خاتمة
سورة الطور تحمل في طياتها الكثير من العبر والدروس التي يجب على المسلم تدبرها وفهمها. من خلال هذا الشرح المبسط، نأمل أن نكون قد ساهمنا في تقريب معاني هذه السورة العظيمة إلى قلوب الأطفال، وأن نكون قد زرعنا فيهم حب القرآن الكريم والعمل بتعاليمه.