مشروعية الذبح عند نزول البلاء

استعراض آراء العلماء حول مشروعية الذبح عند نزول البلاء، وأن النفع والضر من عند الله، وأهمية الصدقة في حياة المسلم.

مقدمة

يسعى المسلم في حياته إلى كل ما فيه خير له في الدنيا والآخرة، ويلجأ إلى الله في كل شؤونه، وفي هذا المقال سنتناول حكم ذبح الأنعام عند نزول البلاء، وهل هو أمر جائز في الشريعة الإسلامية، مع بيان أهمية التوجه إلى الله وحده في جلب النفع ودفع الضر، والتأكيد على فضل الصدقة وأثرها العظيم في حياة المسلم.

الرأي الشرعي في الذبح عند البلاء

ذهب جمع من أهل العلم إلى جواز ذبح الأنعام بنية دفع البلاء، ورأوا فيه استحبابًا، وعدوه من وسائل شكر الله على نعمه، ومن قبيل فعل المعروف الذي يحمي من المصائب. ولكن ينبغي للمسلم أن يتفقد نيته؛ فإذا كان الذبح نذرًا وجب الوفاء به وصرفه في الجهة التي حددها الناذر. أما إذا لم يكن نذرًا، فالأمر أوسع من ذلك.

وإذا كان الهدف من الذبح هو التقرب إلى الله وطلب دفع البلاء، مع الاعتقاد بأن النفع والضر بيد الله وحده، فهو أمر جائز ومشروع، وذلك لما للصدقة من تأثير كبير في رفع البلاء، شريطة أن يخلو الأمر من أي اعتقادات فاسدة، كالاعتقاد بأن دم الذبيحة يدفع شر الجن المتسبب في البلاء؛ لأن هذا يعد من الشرك بالله. والأفضل في هذه الحالة هو التصدق بالمال مباشرة على الفقراء والمحتاجين؛ لأنه أكثر نفعًا لهم.

الله وحده النافع الضار

يجب على كل مؤمن أن يعتقد جازمًا بأن الله وحده هو الذي ينفع ويضر، وأن مقادير الخلق والأمر والنهي بيده سبحانه وتعالى. فيتعرف على حقوق الله وأوامره ونواهيه، فلا يسأل ولا يستعين إلا بالله وحده، ولا يلجأ إلا إليه، ويطلب الرزق والهداية والمغفرة منه سبحانه وتعالى، ويحفظ حقوقه وأوامره ونواهيه.

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:

“(واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ، وإن اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ)”

وقال -سبحانه وتعالى-:

“(وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ)”

أهمية الصدقة في حياة المسلم

تعتبر الصدقة من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه، ومن أعظمها في تفريج كربات المسلمين وتيسير أمورهم. وللصدقة آثار عظيمة في حياة المسلم، فهي بركة يتصدق بها المسلم شكرًا لله على نعمه، أو بنية دفع الضرر عنه وعن أهله. ومن أهم فوائدها:

  • الصدقة تقي صاحبها من عذاب الله بسبب ذنوبه وخطاياه، وتطفئ شؤم المعصية، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:”(فاتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ)”.
  • تحمي من مصارع السوء، وتوجب حسن الظن بالله، وتحفظ المال، وتجلب الرزق، وتزكي النفس، وتخفف على العبد شدائد الدنيا والآخرة.
  • لها تأثير قوي في رفع البلاء عن العبد ودفعه، ولو كانت من شخص فاجر أو ظالم، وتفرج الكروب.
  • تؤدي الصدقة إلى انشراح الصدر وسعة القلب، كما قال -سبحانه وتعالى-:”(وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)”.
  • يدخل المتصدق من باب خاص بالصدقة يوم القيامة، فهي وقاية بينه وبين النار، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-:”(ومَن كانَ مِن أهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّدَقَةِ)”.
  • تهدم الصدقة حصون الشيطان وترد كيده وتصده، لقول الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام-:”(ما يُخرِجُ رجلٌ شيئًا منَ الصَّدقةِ حتَّى يفُكَّ عنها لَحيَيْ سَبعينَ شيطانًا)”.

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 775. بتصرّف.
  2. “موقف الشرع من الذبح لدفع البلاء”، إسلام ويب، 17/4/2011، اطّلع عليه بتاريخ 6/3/2022. بتصرّف.
  3. أحمد فريد، دروس الشيخ أحمد فريد، صفحة 6. بتصرّف.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2516، صحيح.
  5. سورة يونس، آية: 107
  6. عبد المحسن القاسم، خطوات إلى السعادة، صفحة 72-74. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عدي بن حاتم الطائي، الصفحة أو الرقم:7512، صحيح.
  8. سورة الحشر، آية: 9
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن ابو هريرة، الصفحة أو الرقم:1897، صحيح.
  10. رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن بريدة، الصفحة أو الرقم:176/4، توقف في صحته.
  11. مجموعة من المؤلفين، ارشيف ملتقى أهل الحديث، صفحة 8. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

التوقيت الشرعي لذبح الأضحية وأحكامه

المقال التالي

المرأة والأضحية: هل يجوز لها الذبح؟

مقالات مشابهة