مشروعية التهنئة بقرب وقدوم عيد الأضحى المبارك وأحكامها

استكشاف مشروعية تبادل التهاني قبل حلول عيد الأضحى، أحكام وآداب التهنئة في العيد، وسلوك المسلم في العيد تجاه نفسه والآخرين.

مشروعية التهنئة قبل حلول العيد

اعتاد صحابة رسول الله -رضوان الله عليهم- على تبادل التهاني بقدوم العيد. فقد ورد عن جبير بن نفير -رضي الله عنه- قوله: (كان أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ إذا التقوْا يومَ العيدِ يقولُ بعضُهم لبعضٍ: تقبل اللهُ منَّا ومنكَ). هذا الحديث الشريف يشير إلى جواز التهنئة بالعيد في يومه، وعليه، يجوز تقديم التهنئة قبل حلول العيد. لا يوجد نص صريح يحدد وقتًا معينًا للتهنئة، وقد أقرّ العلماء بأن التهنئة هي من العادات والتقاليد المتعارف عليها بين الناس.

أجاز الشرواني الشافعي هذه العادة، طالما أنها جرت، وقاس جواز التهنئة قبل العيد على جوازها بعده. فالعادات الإنسانية جائزة ما لم يرد نص بتحريمها. التهنئة بالعيد تهدف إلى إظهار الفرح والبهجة، وهذا الهدف يتحقق سواء كانت التهنئة قبل العيد أو في ليلته.

أحكام التهنئة في العيد

التهنئة بالعيد تدخل في باب العادات التي لا تحتاج إلى دليل خاص لإثبات جوازها. الأصل في مثل هذه الأمور هو الإباحة، كما قال الله -تعالى-: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا). وقد نقل ابن تيمية أن الصحابة كانوا يهنئون بعضهم البعض بعد صلاة العيد، قائلين: “تقبّل الله منّا ومنكم”، وغيرها من عبارات التهنئة المأثورة.

أجاز الأئمة التهنئة بالعيد، إلا أن الإمام أحمد كان يرى أنه لا يبدأ بها، معللاً ذلك بأن البدء بالتهنئة ليس من السنة، لكنه يرى وجوب الرد على من بدأه بالتحية. وذهب الحنفية في الدر المختار إلى جواز التهنئة بقول: “يتقبّل الله منّا ومنكم”، مع إلحاق عبارات مثل: “عيدٌ مُبارك” وما شابهها، جريًا على ما تعارف عليه الناس. ولم ينكر الإمام مالك ذلك لما فيه من الدعاء. ونقل الرملي الشافعي عن ابن حجر مشروعية التهنئة.

إجمالًا، يرى جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة وبعض الشافعية مشروعية التهنئة بالعيد.

أخلاقيات وسلوكيات العيد

للعيد آداب وسلوكيات عديدة يُستحسن بالمسلم أن يتحلى بها اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومنها:

آداب المسلم مع نفسه يوم العيد

  • الاغتسال، والتطيب، والاستياك، وارتداء أجمل الملابس، وهي من السنن المستحبة قبل الصلاة.
  • إخراج زكاة الفطر في عيد الفطر قبل صلاة العيد.
  • التبكير في الذهاب إلى المصلى قدر الإمكان.
  • تناول شيء من الطعام قبل الخروج لصلاة عيد الفطر، والامتناع عن الأكل حتى العودة من صلاة عيد الأضحى.
  • الذهاب إلى المصلى مشيًا على الأقدام والعودة من طريق آخر، لقول جابر بن عبد الله -رضيَ الله عنه-:(كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا كانَ يَوْمَ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ).
  • يكره للإمام أن يصلي نافلة قبل صلاة العيد، ويستحب لغيره بعد طلوع الشمس، لحديث ابن عباس -رضيَ الله عنهما-:(أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ يَومَ الفِطْرِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا ولَا بَعْدَهَا)، أما في المسجد، فيستحب صلاة ركعتين تحية المسجد.

آداب المسلم مع الآخرين في العيد

  • إظهار الفرح والسرور، والبشاشة أمام الأهل والأقارب والأصدقاء والمعارف. فقد ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضيَ الله عنها-:(كانَ يَومَ عِيدٍ، يَلْعَبُ السُّودانُ بالدَّرَقِ والحِرابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإمَّا قالَ: تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟ فَقُلتُ: نَعَمْ، فأقامَنِي وراءَهُ، خَدِّي علَى خَدِّهِ، وهو يقولُ: دُونَكُمْ يا بَنِي أرْفِدَةَ)، والتوسعة على الأولاد.
  • التكبير الجماعي بين المسلمين، وهو من الشعائر العظيمة في الإسلام، قال تعالى:(وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، وقد ثبت عن أمّ عطيّة -رضي الله عنها- أنّها قالت:(كُنَّا نُؤْمَرُ أنْ نَخْرُجَ يَومَ العِيدِ حتَّى نُخْرِجَ البِكْرَ مِن خِدْرِهَا، حتَّى نُخْرِجَ الحُيَّضَ، فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فيُكَبِّرْنَ بتَكْبِيرِهِمْ، ويَدْعُونَ بدُعَائِهِمْ يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذلكَ اليَومِ وطُهْرَتَهُ).
  • تبادل التهاني بين الناس.
  • صلة الرحم، والتودد إلى الآخرين، وتقديم الهدايا.

المراجع

  1. رواه ابن حجر العسقلاني ، في فتح الباري لابن حجر، عن جبير بن نفير ، الصفحة أو الرقم:517، إسناده حسن .
  2. أبمحمد العمري (1-8-2020)،”من مسائل التهنئة في يوم العيد “،شبكة بينونة، اطّلع عليه بتاريخ 5-7-2021. بتصرّف.
  3. أحمد الونيّس،أحكام التهنئة بالعيدين، صفحة 61. بتصرّف.
  4. سورة البقرة ، آية:29
  5. عمر المقبل (1417)،”حكم التهنئة بدخول شهر رمضان”،مجلة البيان، العدد 109، صفحة 1-2. بتصرّف.
  6. علي الأثري (1993)،أحكام العيدين في السنة المطهرة(الطبعة 2)، بيروت :دار ابن حزم ، صفحة 60-62. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين (1427)،الموسوعة الفقهية الكويتية(الطبعة 2)، الكويت :دار السلاسل، صفحة 99-100، جزء 14. بتصرّف.
  8. القسم العلمي بمؤسسة الدرر السنيّة ،ملخص أحكام وزكاة عيد الفطر، صفحة 12. بتصرّف.
  9. مجموعة من المؤلفين (1427)،الموسوعة الفقهية الكويتية(الطبعة 1)، مصر :مطابع دار الصفوة ، صفحة 250، جزء 27. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين (1992)،الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى(الطبعة 4)، دمشق :دار القلم ، صفحة 227، جزء 1. بتصرّف.
  11. محمد صالح المنجد ،47 فائدة في آداب العيد وأحكامه، صفحة 13. بتصرّف.
  12. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن جابر بن عبد الله ، الصفحة أو الرقم:986 ، أورده في صحيحه .
  13. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن عبد الله بن عباس ، الصفحة أو الرقم:989، صحيح .
  14. محمد صالح المنجد ،47 فائدة في آداب العيد وأحكامه، صفحة 21. بتصرّف.
  15. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم:949، صحيح .
  16. محمد صالح المنجد ،47 فائدة في آداب العيد وأحكامه، صفحة 23-24. بتصرّف.
  17. سورة البقرة، آية: 185.
  18. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم عطية نسيبة بنت كعب، الصفحة أو الرقم: 971، صحيح.
  19. “حكم التكبير الجماعي في العيد ووقته”،www.aliftaa.jo، 27-07-2014، اطّلع عليه بتاريخ 15-7-2021. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

مشروعية تبادل التهاني بقدوم شهر رمضان

المقال التالي

نظرة الشرع في التورق: أحكامه وأدلته

مقالات مشابهة