مشروعية إعطاء الزكاة للأخ

حكم إيتاء الزكاة للأخ

اتفق علماء المذاهب الفقهية الأربعة على جواز إعطاء الزكاة للأخ المحتاج، مع وجود شرط عند الحنابلة، وهو أن لا يكون هذا الأخ وارثًا لأخيه المزكي. فإذا كان الأخ وارثاً، ففي هذه الحالة لا يجوز دفع الزكاة إليه. ومن الجدير بالذكر أن درجة القرابة بين الإخوة تختلف، فالأخ الشقيق (من الأب والأم) يأتي في المرتبة الأولى من حيث قوة الرابطة، يليه الأخ من الأب أو الأخ من الأم، وهما متساويان في المرتبة عند الشافعية والحنابلة. أما عند المالكية، فالأخ من الأب يسبق الأخ من الأم في المرتبة.

وقد أجازت دائرة الإفتاء الأردنية إعطاء الأخ الزكاة لأخيه أو أخته إذا كانا فقيرين أو محتاجين، وذلك بشرط ألا تكون الأخت مكفية بنفقة من تجب عليه نفقتها، وأن يكون الأخ أو الأخت ممن لا تجب نفقتهم على المزكي.

الأوجه الشرعية لصرف الزكاة

حدد القرآن الكريم الفئات المستحقة للزكاة في ثمانية أصناف، حيث قال الله تعالى في سورة التوبة:
إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيم
(التوبة: 60).

قبل تفصيل هذه المصارف، يجب التأكيد على أن الزكاة لا يجوز صرفها إلا لهذه الأصناف الثمانية على وجه التحديد، ولا يجوز إعطاؤها لغيرهم. وهذه الأصناف هي:

ضوابط صرف الزكاة للأقربين

توجد عدة أحكام وشروط تتعلق بدفع الزكاة للأقارب، وتتلخص فيما يلي:

حكم دفع الزكاة لمن تجب النفقة عليهم

يشترط في المستحق للزكاة ألا يكون ممن تلزم المزكي نفقته. فبعض الأصول والفروع في العائلة لا يجوز دفع الزكاة إليهم لوجوب الإنفاق عليهم، وهم: الوالدان والأجداد (وإن علوا)، والأبناء والأحفاد (وإن نزلوا)، والزوجات (حتى المطلقة في فترة العدة عند الحنفية). والسبب في ذلك هو أن الزكاة تدفع لسد الحاجة، ولا توجد حاجة عند وجود من ينفق عليهم. وذهب الحنفية إلى جواز دفع الزكاة لزوجة فقيرة حتى لو كان زوجها غنياً، لأنها لا تأخذ من زوجها إلا مقدار نفقتها، وقد لا يكفيها ذلك.

حكم إعطاء الزوجة زكاتها لزوجها الفقير

الأفضل للزوجة الغنية أن تدفع زكاتها لأي من مصارف الزكاة المستحقة غير زوجها. والأجدر بها أن تكرم زوجها المحتاج من مالها الخاص دون الزكاة، لأن الأصل في العلاقة الزوجية هو التكافل والمشاركة حتى في المال. وقد يجوز للزوجة دفع الزكاة لزوجها ضمن استثناءات معينة يحددها المفتي.

حكم دفع الزكاة للأقارب من غير الأصول والفروع

تتعلق هذه المسألة بدفع الزكاة إلى الحواشي (الإخوة والأعمام وغيرهم من غير الأصول والفروع). ويشترط لجواز ذلك ألا يكونوا وارثين. ففي هذه الحالة، يجوز دفع الزكاة لهم باتفاق العلماء، لأن النفقة عليهم غير واجبة، ولأن دفع الزكاة لهم يقوي الصلة، فيصبح إعطاؤهم الزكاة صدقة وصلة رحم. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-:
الصَّدقةُ على المسكينِ صدقةٌ، وهي على ذي الرَّحمِ اثنتانِ: صدقةٌ وصِلةٌ.

أما إذا كان الأقارب وارثين (مثل الأخوين اللذين يرث كل منهما الآخر)، فقد ذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى جواز دفع كل منهما الزكاة إلى الآخر، واستدلوا على ذلك بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أتت زينب زوجة عبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما- تسأل عن حكم النفقة على الزوج الفقير والأيتام الذين في حجرها، فأجابها الرسول -صلى الله عليه وسلّم-:
نَعم، لهما أجرانِ: أجرُ القرابةِ وأجرُ الصَّدقة. والمراد بالصدقة هنا هي الصدقة الواجبة، وفي هذا دليل على جواز دفع الزكاة لأبناء الأخ، وبين -صلى الله عليه وسلّم- أن في ذلك أجرين؛ أجر الصدقة وأجر الصلة.

المصادر والمراجع

Exit mobile version