مسيرة الحوسبة: نظرة على مراحل التطور التاريخي

استكشف مسيرة الحوسبة وتطورها عبر الأجيال. تعرف على المراحل الرئيسية في تطور أجهزة الكمبيوتر، بدءًا من الجيل الأول وصولًا إلى أحدث التقنيات في الجيل الخامس.

مقدمة حول تاريخ الكمبيوتر

تعود جذور مصطلح “كمبيوتر” إلى اللغة الإنجليزية (Computer) في القرن السادس عشر، حيث كان يشير في الأصل إلى شخص يقوم بإجراء العمليات الحسابية. استمر هذا المعنى مرتبطًا بالأفراد حتى أواخر القرن التاسع عشر، حين بدأ المصطلح يدل على الآلات القادرة على تنفيذ هذه العمليات. أول جهاز كمبيوتر حقيقي ظهر في عام 1833، عندما قام العالم تشارلز بابيج، المعروف بـ “أبو الكمبيوتر”، بتصميم جهاز ميكانيكي للاستخدام العام.

أطلق بابيج على اختراعه اسم “المحرك التحليلي” (Analytical Engine)، وقد تضمن هذا الجهاز مكونات مشابهة لتلك الموجودة في الحواسيب الحديثة. كان يحتوي على “المِطحنة” (Mill) التي تعتبر بمثابة وحدة المعالجة المركزية، و “الخازنة” (Store) لتخزين البيانات. بالإضافة إلى ذلك، قدم بابيج وحدة لإدخال البيانات تُعرف بـ “القارئ” (Reader)، وتمكن من طباعة نتائج المعالجة عبر “الطابعة” (Printer).

الجيل الأول من الحواسيب

تعتبر فترة الحرب العالمية الثانية حاسمة في تطور أجهزة الكمبيوتر. في عام 1938، تمكن المهندس الألماني كونراد سوزه من ابتكار أول كمبيوتر ثنائي قابل للبرمجة، وأطلق عليه اسم (Z1). بعد ذلك بعام واحد، قام الفيزيائي الأمريكي جون أتاناسوف والمهندس كليفورد بيري ببناء جهاز كمبيوتر تماثلي يعرف بـ (Atanasoff Berry Computer).

كان الكمبيوتر (ABC) جهازًا كهربائيًا يستخدم أكثر من 300 أنبوب لتنفيذ العمليات الحسابية والمنطقية. وفي عام 1943، بدأ تصنيع أول جهاز كمبيوتر للأغراض العامة، وهو (ENIAC) اختصارًا لـ “أداة التكامل الرقمية والحاسبة الإلكترونية” (Electronic Numerical Integrator and Calculator)، الذي اكتمل في عام 1946.

يمثل الكمبيوتر (ENIAC) والأجهزة التي سبقته الجيل الأول من أجهزة الكمبيوتر، واستمر هذا الجيل حتى نهاية الخمسينيات. تميزت هذه الأجهزة ببطء الأداء، وكبر الحجم، والتكلفة العالية، وذلك بسبب استخدام الأنابيب المفرغة كمكونات أساسية لوحدة المعالجة المركزية والذاكرة. كما اعتمدت على الأشرطة المغناطيسية والورقية كوسائل للإدخال والإخراج.

الجيل الثاني من الحواسيب

على الرغم من اعتماد الجيل الأول على الأنابيب المفرغة، إلا أن الاهتمام المتزايد بأجهزة الكمبيوتر أدى إلى ظهور الجيل الثاني. في هذا الجيل، تم استبدال الأنابيب المفرغة بالترانزستورات (Transistor) كمكون أساسي. يُعتبر جهاز (Transac S-2000) الذي صنعته شركة (Philco Corporation) في عام 1958، من أوائل الأجهزة التي استخدمت الترانزستورات.

اعتمدت شركة (IBM) أيضًا على الترانزستورات في إنتاج أجهزتها، مثل الكمبيوتر (IBM 7090). استخدمت أجهزة الجيل الثاني الأقراص والأشرطة المغناطيسية لتخزين البيانات، وتمت برمجتها بلغات مثل كوبول (COBOL)، المستخدمة في الأعمال التجارية، وفورتران (FORTRAN)، المستخدمة في المجالات العلمية والتجارية.

استمر استخدام الجيل الثاني من عام 1959 إلى 1965. أدى استخدام الترانزستورات إلى تقليل التكلفة، وتصغير الحجم، وزيادة السرعة مقارنة بالجيل الأول، كما تميزت هذه الأجهزة باستهلاك أقل للطاقة.

الجيل الثالث من الحواسيب

تميز ظهور الجيل الثالث بابتكار الدوائر المتكاملة (integrated circuit)، التي يُشار إليها بالاختصار (IC)، والتي اخترعها روبرت نويس وجاك كيلبي بين عامي 1958 و1959. كان ظهور أجهزة الجيل الثالث بمثابة الخطوات الأولى نحو الحواسيب المستخدمة اليوم.

يُعتبر جهاز الكمبيوتر (IBM-360) من أهم أجهزة الجيل الثالث. استثمرت شركة (IBM) حوالي 5 مليارات دولار أمريكي في إنتاج هذه السلسلة.

استُخدم الكمبيوتر (IBM-360) في العديد من العمليات التي تتطلب معالجة سريعة للبيانات، مثل التنبؤ بالطقس، وعلم الفلك، واستكشاف الفضاء. استمر ظهور أجهزة الجيل الثالث حتى عام 1971، وتميزت الأجهزة بسرعة عالية، وحجم صغير، وكفاءة جيدة مقارنة بالجيل الثاني. كما استخدمت لغات البرمجة عالية المستوى.

الجيل الرابع من الحواسيب

أدى اختراع المعالج الدقيق (Micro Processor) إلى ظهور الجيل الرابع من أجهزة الكمبيوتر. كان معالج (Intel 8008) الذي اخترع عام 1972 أول معالج دقيق. ساهم ظهور المعالجات الدقيقة في خفض تكلفة إنتاج أجهزة الكمبيوتر بشكل كبير، مما أدى إلى ظهور أجهزة الكمبيوتر الشخصية (PC)، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة (Laptop)، بالإضافة إلى أجهزة الهواتف المحمولة.

تعتبر أجهزة الكمبيوتر (Altair 8800)، و(IBM 5100) و(Micral) أمثلة على بعض الأجهزة القديمة من الجيل الرابع. تستخدم المعالجات الدقيقة، أو ما يعرف بوحدة المعالجة المركزية (Central Processing Unit)، في أجهزة الكمبيوتر الحديثة.

الجيل الخامس من الحواسيب

ظهرت أجهزة الجيل الخامس في عام 2010، وتعتمد على استخدام الذكاء الاصطناعي. تعمل هذه الأجهزة بطريقة تمكنها من التفاعل مع مدخلات اللغة الطبيعية، ولديها القدرة على التعلم والتنظيم الذاتي، مما يجعلها تمتلك ذكاءً يشبه ذكاء البشر إلى حد ما. يُعتبر جهاز الكمبيوتر واتسون (Watson) الذي أنتجته شركة (IBM) أحد أبرز الأمثلة على أجهزة الجيل الخامس.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

لمحة تاريخية عن الكعبة المشرفة

المقال التالي

لمحة عن تاريخ الكويت: نظرة شاملة

مقالات مشابهة

مقارنة بين كيبل الألياف الضوئية والكيبل المحوري

اكتشف الاختلافات الرئيسية بين كيبل الألياف الضوئية والكيبل المحوري. تعرف على سرعات التحميل والتنزيل، والمتانة، وسرعة نقل البيانات، ونوع الإشارة المنقولة، ومواد التصنيع.
إقرأ المزيد