الرائد في مجال الرؤية المعرفية
يعتبر جان بياجيه، المولود في سويسرا عام 1896 والمتوفى عام 1980، من أبرز علماء النفس المعرفي. لقد كان رائداً في دراسة التطور المعرفي بشكل منهجي. اقترح بياجيه (1952) أن الفرد يمر بمراحل متنوعة خلال نموه من الطفولة إلى البلوغ، ويتعلم خلالها طرق التفكير المختلفة. تتكون نظرية بياجيه للتطور المعرفي من عدة مراحل أساسية لتطوير القدرات المعرفية والتفكيرية. ويفترض أن الأفراد يتعلمون التفكير بنفس الطريقة من خلال المرور بهذه المراحل.
حظيت النظرية المعرفية لبياجيه بدعم واسع النطاق من قبل المؤيدين الذين يرون أنها أحدثت تحولاً جذرياً في فهم كيفية تعلم الأطفال وأهمية أخذها في الاعتبار عند تعليمهم. ومع ذلك، واجهت أيضاً انتقادات من بعض علماء النفس والتربويين الذين أشاروا إلى وجود العديد من المعوقات فيها. فيما يلي عرض لمنافع وتحديات النظرية المعرفية.
منافع النظرية المعرفية
يرى علماء النفس أن النظرية المعرفية تحمل في طياتها العديد من المنافع الهامة، والتي من أبرزها:
- دعم رياض الأطفال والمدارس الابتدائية: ساهمت النظرية المعرفية في توفير الأساس للتعلم البنائي في رياض الأطفال والمدارس الابتدائية.
- تحفيز الطلاب: تساعد الآباء والمعلمين على تحفيز الطلاب، مع التأكيد على عدم تجاوز قدراتهم.
- تقسيم مراحل التطور المعرفي: تقوم بتقسيم التطور المعرفي للفرد إلى مراحل محددة بتوقعات واضحة تعتمد على العمر.
- مراقبة التقدم: تسمح للمدارس بالتدخل في هذه المراحل ومراقبة تقدم الطلاب، وتقييم ما إذا كانوا يحققون الأهداف المحددة أم لا.
- تغيير النظرة إلى الأطفال: أظهرت هذه النظرية أن الأطفال لا يقلون قدرة عن الكبار، بل يجب أن يخضعوا لمعايير مختلفة.
- فهم عالم الطفولة: غيرت نظرية بياجيه الطريقة التي ينظر بها الناس إلى عالم الطفولة وأسلوب دراسة الأطفال.
- النمو العقلي: أدت ملاحظات بياجيه إلى دخول حقبة جديدة من البحث حول النمو العقلي للأطفال، انطلاقاً من أن الأطفال يفكرون بشكل مختلف عن البالغين.
- التأثير على التعليم: كان لتركيز بياجيه على التطوير النوعي تأثير مهم على التعليم، حيث أن العديد من البرامج التعليمية مبنية الآن على الاعتقاد بأنه يجب تعليم الأطفال في المستوى الذي يتم إعدادهم له من أجل النمو.
كما تمكن علماء النفس والتربويون من استخلاص عدد من الاستراتيجيات التعليمية من نظرية بياجيه، بما في ذلك توفير بيئة داعمة للطفل، واستخدام التفاعلات الاجتماعية وتعليم الأقران، ومساعدة الأطفال على رؤية الأخطاء والتناقضات في تفكيرهم.
معوقات النظرية المعرفية
على الرغم من المنافع العديدة للنظرية المعرفية، إلا أنها تواجه بعض التحديات، والتي تتضمن:
- عدم وجود دعم لبعض الأجزاء: بعض أجزاء النظرية غير مدعومة، مثل الاعتقاد بأن المراهقين سينتقلون تلقائياً إلى المرحلة المعرفية التالية عند النضوج.
- إغفال البيئة الخاصة: لا تأخذ النظرية في الاعتبار البيئة الخاصة المطلوبة لكثير من المراهقين للوصول إلى العمليات الرئيسية.
- مراحل النمو: يرى بعض علماء النفس والنمو أن النمو عملية مستمرة، ويرفضون تقسيم النمو إلى مراحل محددة، كما يرون أن بعض مراحل النمو لا تتحقق عند بعض الأطفال.
- التركيز على الجوانب العالمية: ركز بياجيه على المراحل العالمية للتركيز على التطور المعرفي والعملية البيولوجية، ولم يفكر في تأثير البيئة الاجتماعية والثقافات على التطور المعرفي.
- صغر حجم العينة: حجم عينة الدراسة التي استخدمها بياجيه في دراسته كانت صغيرة، حيث استخدم مجموعة من الأطفال من سويسرا التي ينتمي إليها، لذلك تعتبر هذه العينة متحيزة لأنه لا يمكن تعميمها مع أطفال آخرين
- التحيز في الأساليب: تعتبر أساليب بياجيه متحيزة لأنه اعتمد على الملاحظة التي قام بها بنفسه وعدم وجود ملاحظات من باحث آخر للمقارنة فيما بينهما وإيجاد معاما الثبات والارتباط بينهما.
- المنهجية البحثية: هناك بعض الشك في المنهجية البحثية لدى بياجيه وذلك لتضمنها تفاصيل إحصائية قليلة جدًا حول كيفية وصوله إلى استنتاجاته.
- المتغيرات الإجرائية: تفتقر أبحاث بياجيه إلى المتغيرات الإجرائية المحددة من أجل تكرار ملاحظاته والقياس الموضوعي للكيفية التي يؤدي بها أحد المتغيرات (المتغير المستقل) إلى التأثير في المتغيرات التابعة.
- التطور الفكري: تشير النظرية إلى أن التطور الفكري للأطفال يكتمل عند الوصول لعمر 12 عامًا، إلا أن الأبحاث الحديثة توضح أن المراهقين وسنوات البلوغ المبكرة هي فترة تطور معرفي مهم أيضًا.
- الفروق الفردية: تتمثل إحدى المشكلات الرئيسية في نظرية بياجيه في أنها لا تغطي الفروق الفردية، حيث تقترح نظريته أن كل شخص يتطور بنفس المعدل خلال تلك المرحلة العمرية، دون الأخذ في عين الاعتبار الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، أو حقيقة أن كل شخص ينمو بمعدل فردي.
- التقليل من القدرات: النظرية قللت من قدرات الأطفال، حيث يتفق معظم الباحثين على أن الأطفال يمتلكون العديد من القدرات في سن مبكرة أكثر مما يعتقد بياجيه، وقد وجدت أبحاث نظرية العقل أن الأطفال في سن 4 و 5 سنوات لديهم فهم متطور إلى حد ما للعمليات العقلية الخاصة بهم.
- الاختلافات الثقافية: وجدت أن نظرية بياجيه تركز على الطفل العادي، وأنها لا تأخذ في الاعتبار العرق والوضع الاجتماعي والاقتصادي والاختلافات الثقافية للأطفال.
المصادر
- DANIELLE BOSLEY,”PIAGET’S THEORY OF COGNITIVE DEVELOPMENT”,psychology dictionary.
- “Advantages And Disadvantages Of Piaget”,bartleby research.
- “Pros and Cons of Theory”,JEAN PIAGET.
- Kendra Cherry (2/8/2019),”Support and Criticism of Piaget’s Stage Theory”,verywellmind.