ماهية الأخلاق: نظرة شاملة

استكشاف شامل لمفهوم الأخلاق في الإسلام، وأهميتها، وتقسيماتها المتنوعة، وكيفية اكتسابها. دليل مفصل لفهم القيم الإسلامية وأثرها في حياة المسلم.

مقدمة في ماهية الأخلاق

في اللغة العربية، يُعبر عن الخُلق بأنه الطبع والسجية، ويعني أيضًا الدين والمروءة. وقد عرّف ابن فارس الخُلق بأنه تقدير الشيء وملامسته. أما في الاصطلاح، فيُفهم الخُلق على أنه هيئة ثابتة في النفس، تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر، سواء كانت هذه الأفعال محمودة أو مذمومة. هذه الهيئة الراسخة هي التي تحدد سلوك الفرد وتوجهاته.

مكانة الأخلاق في الإسلام

تُعد الأخلاق الإسلامية جزءًا أساسيًا من هوية المؤمنين الصالحين. إنها تساعدهم على الابتعاد عن كل ما يشين وينتقد، وتحميهم من الوقوع في الخطيئة والإجرام. فالأخلاق هي تجسيد للهدي النبوي والوحي الإلهي، وهي خُلق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: “وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ”.

لقد جاء الأنبياء عليهم السلام لإرساء مكارم الأخلاق، وبعث الله النبي صلى الله عليه وسلم ليتمم هذا البناء العظيم. الأخلاق والدين لا ينفصلان، فالدين بلا أخلاق لا قيمة له. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّما بُعِثْتُ لأُتممَ صالحَ الأخلاقِ”.

الأهمية البالغة للأخلاق

تتجلى أهمية الأخلاق في الإسلام في عدة جوانب:

  • الغاية من البعثة النبوية: اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم للدعوة إلى مكارم الأخلاق كغاية أساسية لبعثته يدل على عظم شأنها. فرغم أهمية العقيدة والعبادة، إلا أن الأخلاق هي الأكثر وضوحًا وتأثيرًا في تعاملات الناس. فالناس يحكمون على دين المرء من خلال سلوكه وأخلاقه.
  • فضل عظيم: الإسلام يعظم من شأن حُسن الخُلق، فهو ليس مجرد سلوك حسن، بل هو عبادة يؤجر عليها العبد، وأساس للتفاضل بين الناس يوم القيامة. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا ، وإنَّ مِن أبغضِكُم إليَّ وأبعدِكُم منِّي يومَ القيامةِ الثَّرثارونَ والمتشدِّقونَ والمتفَيهِقونَ، قالوا : يا رسولَ اللَّهِ، قد علِمنا الثَّرثارينَ والمتشدِّقينَ فما المتفَيهقونَ ؟ قال : المتَكَبِّرونَ”.
  • أساس بقاء الأمم: الأخلاق هي أساس استمرار الأمم، وانهيارها يعني سقوطها. قال تعالى: “وَإِذا أَرَدنا أَن نُهلِكَ قَريَةً أَمَرنا مُترَفيها فَفَسَقوا فيها فَحَقَّ عَلَيهَا القَولُ فَدَمَّرناها تَدميرًا”.
  • جلب المودة: الأخلاق الحسنة تزرع المودة وتنهي العداوة. قال تعالى: “وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ”.
  • أفضل الجمالين: الجمال نوعان: حسي ومعنوي. الجمال الحسي يتمثل في الشكل والمنصب، بينما الجمال المعنوي يتمثل في السلوك والعلم والأدب. وقد أمر الله بالستر، وجعل الستر المعنوي أهم من الحسي، كما جاء في قوله تعالى: “يا بَني آدَمَ قَد أَنزَلنا عَلَيكُم لِباسًا يُواري سَوآتِكُم وَريشًا وَلِباسُ التَّقوى ذلِكَ خَيرٌ ذلِكَ مِن آياتِ اللَّـهِ لَعَلَّهُم يَذَّكَّرونَ”.

تصنيفات الأخلاق

تتعدد تصنيفات الأخلاق تبعًا لعدة معايير:

الأخلاق وفقًا للمصدر

تنقسم الأخلاق بحسب مصدرها إلى قسمين:

  • الأخلاق الغريزية: هي الأخلاق التي يولد بها الإنسان بالفطرة. والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّ فيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُما اللهُ الحِلْمُ والأناةُ . قال : يا رسولَ اللهِ ! أنا أَتَخَلَّقُ بهما أَمِ اللهُ جَبَلَنِي عليهما ؟ قال: بَلِ اللهُ جبلكَ عليهما . قال : الحمدُ للهِ الذي جَبَلَنِي على خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهما اللهُ ورسولُه”.
  • الأخلاق المكتسبة: هي الأخلاق التي يكتسبها الإنسان بالتعلم والتدريب. والدليل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إنَّما العلمُ بالتَّعلَّمِ”.

الأخلاق وفقًا للمعاملات

تنقسم الأخلاق الإسلامية بحسب من نتعامل معه إلى ثلاثة أقسام:

  • الخُلق مع الله عز وجل: هو الالتزام بالأسس والقواعد التي تحكم علاقة الإنسان بربه، والتحلي بالآداب الظاهرة والباطنة.
  • الخُلق مع النفس: هو التزام الإنسان بالأخلاق والآداب في تعامله مع نفسه.
  • الخُلق مع الخلْق: هو التزام الإنسان بالأخلاق والسلوكيات الحميدة في تعامله مع الآخرين، وتشمل الأخلاق مع الوالدين، والأنبياء، والمؤمنين، وحتى الكفار.

طرق تعزيز واكتساب الأخلاق

هناك عدة طرق ووسائل تساعد على اكتساب الخُلق الحسن:

  • سلامة المعتقد: السلوك هو نتيجة لما يحمله الإنسان من معتقدات وأفكار. فإذا صح المعتقد، حسنت الأخلاق، لأن المعتقد الصحيح يردع الإنسان عن مساوئ الأخلاق ويدفعه إلى مكارمها.
  • الدعاء: اللجوء إلى الله بالدعاء من أجل أن يرزق العبد حسن الخلق. والدليل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “اللَّهمَّ إني أعوذُ بكَ من مُنكراتِ الأخلاقِ والأعمالِ والأَهواءِ والأدواءِ”.
  • الجهاد: المجاهدة هي طريق للهداية واكتساب الأخلاق. قال تعالى: “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ”.
  • المحاسبة: محاسبة النفس ونقدها عند ارتكاب الأفعال الذميمة، حتى لا تعود إليها مرة أخرى، وتشجيعها على فعل الخير.

المراجع

  • إيهاب كمال أحمد (22-4-2014)، “تعريف الأخلاق في اللغة والشرع والاصطلاح”، www.alukah.net، تم الاطلاع عليه بتاريخ 23-3-2018.
  • عبدالسلام حمود غالب (26-8-2013)، “الأخلاق أهميتها وفوائدها”، www.alukah.net، تم الاطلاع عليه بتاريخ 22-3-2018.
  • حسين بن سعيد الحسنيه، “أَخْلاقُ المُسْلِمْ”، www.saaid.net، تم الاطلاع عليه بتاريخ 23-3-2018.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

مفهوم الأحواض في علم الجغرافيا

المقال التالي

استكشاف الصفات السلبية في الإسلام

مقالات مشابهة