مقدمة عن ليوناردو دافنشي
يُعتبر ليوناردو دا فينشي شخصية متعددة المواهب، فهو فنان ورسام ونحات، بالإضافة إلى كونه مهندسًا معماريًا وعسكريًا ومخترعًا بارعًا. لقد كان بحق أحد أبرز شخصيات عصر النهضة الإيطالية، حيث ترك بصمة واضحة في مجالات الفن والعلوم والهندسة. أثرت أعماله الفنية ورسوماته وتصاميمه على العديد من الفنانين والعلماء والمهندسين عبر التاريخ.
السنوات الأولى من حياة دافنشي
ولد ليوناردو في مدينة توسكانا بإيطاليا في الخامس والعشرين من شهر أبريل عام 1452 ميلاديًا. نشأ وترعرع تحت رعاية والده وزوجة أبيه. في سن الخامسة، انتقل مع عائلته إلى مدينة فينشي، حيث عاش مع عمه وأجداده. على الرغم من ذكائه الفائق وموهبته الاستثنائية، لم يحظ ليوناردو بتعليم نظامي في صغره، واقتصر تعليمه على أساسيات القراءة والكتابة والرياضيات. إيمانًا بموهبته الفذة، أرسله والده وهو في الخامسة عشرة من عمره إلى ورشة الفنان الشهير أندريا ديل فيروتشيو لتعلم الرسم والنحت. لازم دافنشي فيروتشيو لمدة عشر سنوات تقريبًا، اكتسب خلالها مهارات متقدمة في الرسم والنحت، وطور أسلوبه الخاص والمميز.
لم يتلق دافنشي تعليماً أكاديمياً منهجياً في طفولته، لكنه اكتسب مهارات أساسية في القراءة والكتابة والحساب. إدراكًا لموهبته، أرسله والده في سن الخامسة عشرة إلى ورشة أندريا دل فيروكيو، وهو فنان مشهور في فلورنسا. تدرب دافنشي تحت إشراف فيروكيو لمدة عشر سنوات تقريبًا، واكتسب مهارات في الرسم والنحت، ووضع الأساس لمسيرته الفنية اللامعة.
المسيرة المهنية لدافنشي
بدأ دافنشي مسيرته الفنية الرسمية في عام 1482 عندما كُلف برسم لوحات لدير سكوبيتو في فلورنسا. إلا أنه لم يُكمل هذه المهمة بسبب انتقاله إلى مدينة ميلانو، حيث عمل لدى عائلة سفورزا الحاكمة كرسام ونحات ومهندس معماري ومصمم، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات في الشؤون العسكرية والهندسة الهيدروليكية والميكانيكية. أمضى دافنشي حوالي سبعة عشر عامًا في ميلانو قبل أن يغادر إيطاليا نهائيًا في عام 1516، متجهًا إلى فرنسا حيث استقر وعمل على رسوماته في منزله الريفي.
كانت أولى مهام ليوناردو الرسمية هي تكليفه برسم لوحات لدير سكوبيتو بالقرب من فلورنسا. ومع ذلك، لم يكمل هذا المشروع لأنه انتقل إلى ميلانو للعمل في خدمة آل سفورزا، الحكام المؤثرين في المدينة. شغل دافنشي مناصب مختلفة في ميلانو، بما في ذلك الرسام والنحات والمهندس المعماري والمستشار العسكري والمهندس الهيدروليكي والميكانيكي. بعد حوالي سبعة عشر عامًا في ميلانو، غادر دافنشي إيطاليا في عام 1516 وانتقل إلى فرنسا، حيث واصل عمله الفني والعلمي في منزل ريفي.
مجالات اهتمام دافنشي
لم تقتصر اهتمامات دافنشي على الرسم والنحت فحسب، بل شملت أيضًا دراسة الطبيعة والميكانيكا والهندسة المعمارية وتصميم الأسلحة والآلات المختلفة، مثل الدراجة والمروحية والغواصة والدبابات العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، اهتم بدراسة العلوم، وخاصة علم التشريح، حيث قام برسم تفاصيل دقيقة للجنين في رحم أمه، بالإضافة إلى رسومات توضيحية للقلب والأوعية الدموية والهيكل العظمي والعضلي. كما اهتم بدراسة علم النبات والحيوان والجيولوجيا والهيدروليكا والطيران والفيزياء، ورسم رسومات تفصيلية لآلة طيران مستوحاة من طريقة تحليق الخفافيش.
امتدت اهتمامات دافنشي إلى ما هو أبعد من الفن، وشملت الطبيعة والميكانيكا والهندسة المعمارية وتصميم الأسلحة والآلات المختلفة، بما في ذلك النماذج الأولية للدراجات والمروحيات والغواصات والدبابات. بالإضافة إلى ذلك، انغمس في دراسة العلوم، ولا سيما علم التشريح، حيث قام بتشريح الجثث لرسم تفاصيل الجنين في الرحم والقلب والأوعية الدموية والهيكل العظمي والعضلي. كما استكشف علم النبات وعلم الحيوان والجيولوجيا والهيدروليكا والطيران والفيزياء، مما أدى إلى رسومات تفصيلية لآلات الطيران المستوحاة من الخفافيش.
أعمال دافنشي الفنية الشهيرة
تعتبر أعمال دافنشي الفنية من أشهر وأروع الأعمال على مستوى العالم، ومن أبرزها:
لوحة الموناليزا
رسم دافنشي لوحة الموناليزا في الفترة ما بين عامي 1503 و1506. تُعتبر هذه اللوحة من أشهر الأعمال الفنية على الإطلاق، وتمثل صورة لامرأة ذات ابتسامة غامضة وعميقة، مرسومة بتقنية سفوماتو (بالإيطالية: Sfumato)، وهي تقنية رسم فنية تعتمد على مزج الألوان بطريقة معينة بحيث تختلف الصورة المرسومة بها عند النظر إليها من زوايا مختلفة. توجد اللوحة حاليًا في متحف اللوفر في فرنسا.
تعتبر لوحة الموناليزا (Mona Lisa) التي رسمها دافنشي بين عامي 1503 و 1506 من أشهر الأعمال الفنية في العالم. تصور اللوحة امرأة بابتسامة غامضة، تم إنشاؤها باستخدام تقنية سفوماتو (Sfumato)، وهي تقنية رسم تجمع بين الألوان بطريقة دقيقة لخلق تأثير ناعم وضبابي. يمكن العثور على الموناليزا الآن في متحف اللوفر في باريس.
لوحة العشاء الأخير
تُعد لوحة العشاء الأخير من أجمل وأشهر اللوحات في العالم، وقد رسمها دافنشي في الفترة ما بين عامي 1495 و1498 لصالح دير سانتا ماريا. تمثل اللوحة أحداثًا مرتبطة بليلة عيد الفصح.
يعد العشاء الأخير (Last Supper) عملًا فنيًا مشهورًا آخر لدافنشي. رسم دافنشي هذه اللوحة بين عامي 1495 و 1498 لدير سانتا ماريا. تصور اللوحة مشهد العشاء الأخير ليسوع مع تلاميذه.
بورتريه رجل بالطبشور الأحمر
تُظهر هذه اللوحة رجلاً مسنًا مرسومًا بالطبشور الأحمر، يتميز بشعر طويل مموج ولحية طويلة. يعتقد البعض أن دافنشي رسم هذه اللوحة لنفسه، بينما يرى آخرون أن ملامح الشيخوخة الظاهرة على وجه الرجل المرسوم تدل على أنه أكبر من عمر دافنشي، ويقترحون أن اللوحة قد تكون لشخص التقى به دافنشي مصادفة.
لوحة بورتريه لرجل بالطبشور الأحمر (Portrait of a Man in Red Chalk) تصور رجلًا عجوزًا بشعر طويل ولحية، مرسومة بالطبشور الأحمر. يعتقد بعض المؤرخين أن دافنشي رسم هذه اللوحة لنفسه، بينما يعتقد آخرون أن الرجل في اللوحة يبدو أكبر من دافنشي في ذلك الوقت، مما يشير إلى أنه قد يكون رسم صورة لشخص التقى به.
وفاة دافنشي
توفي دافنشي في فرنسا عام 1519 عن عمر يناهز 67 عامًا، ودُفن في كنيسة قصر سانت فلورنتين. لسوء الحظ، دُمرت هذه الكنيسة بالكامل خلال الثورة الفرنسية في بداية القرن التاسع عشر، ولم يعد من الممكن تحديد مكان قبر دافنشي بدقة.
توفي دافنشي في عام 1519 في فرنسا عن عمر يناهز 67 عامًا. تم دفنه في كنيسة قصر سانت فلورنتين، ولكن تم تدمير الكنيسة خلال الثورة الفرنسية في أوائل القرن التاسع عشر، مما جعل من المستحيل تحديد الموقع الدقيق لقبره.