مقدمة
السيدة زينب رضي الله عنها، ابنة خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم، وحفيدة أكرم الأمهات خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، هي رمز للعفة والطهر. نستعرض في هذه المقالة جوانب من حياتها الزاهرة.
النشأة المباركة
هي زينب بنت محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، تنتسب إلى أطهر نسب. فهي ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمها خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. تعتبر السيدة زينب أكبر بنات النبي صلى الله عليه وسلم، ولدت في مكة المكرمة قبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة، أي حوالي سنة 600 ميلادية. مع أن التاريخ الدقيق ليوم وشهر ميلادها غير معروف، إلا أنه يُشار إلى أن ولادتها كانت قبل البعثة النبوية بعشر سنوات. كانت من أوائل المهاجرات إلى المدينة المنورة، ومن السابقات إلى اعتناق الإسلام. لقبت بصاحبة القلادة، وذلك لقصة فدائها لزوجها أبو العاص.
الزواج وتكوين الأسرة
ترعرعت السيدة زينب رضي الله عنها في كنف النبوة، وكان عمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما وهبه الله إياها ثلاثين عاماً. تزوجت من ابن خالتها هالة بنت خويلد، أبو العاص بن الربيع. كانت السيدة زينب من أوائل من دخلوا في الإسلام في بداية الدعوة الإسلامية، لكن زوجها أبا العاص لم يسلم في البداية. حاولت قريش أن تفرق بينهما، إلا أنه رفض ذلك بشدة. أنجبت منه ابنهما علياً، الذي توفي صغيراً، كما أنجبت ابنة اسمها أمامة، التي تزوجت علي بن أبي طالب بعد وفاة السيدة فاطمة الزهراء. وبعد وفاة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، تزوجت أمامة من المغيرة بن نوفل.
أسر الزوج وقصة الفداء
ظل أبو العاص بن الربيع على دينه، وشارك قريش في حربها ضد المسلمين. كان من أوائل المشاركين في غزوة بدر في السنة الثانية للهجرة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد هاجر إلى المدينة المنورة. حقق المسلمون نصراً عظيماً على قريش، وكان أبو العاص من بين الأسرى. بدأ أهل مكة بإرسال الفدية لأسرائهم لاستعادتهم، فأرسلت زينب بنت الرسول قلادة كفدية لزوجها. عندما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، تأثر كثيراً وأطلق سراح زوجها مقابل أن يسمح لها باللحاق به وبالمسلمين إلى المدينة المنورة. أسلم أبو العاص في السنة الثامنة للهجرة، قبيل فتح مكة، وذلك بعد عودته من رحلة تجارية إلى بلاد الشام.
روى البخاري في صحيحه، في كتاب الشروط، باب إذا اشترط في الوقف شرطاً جائزاً، عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر: “إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب فلا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها”.
الوفاة
أصيبت السيدة زينب رضي الله عنها بمرض شديد أدى إلى وفاتها، وكان ذلك في حياة أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. توفيت في السنة الثامنة للهجرة، وكان عمرها آنذاك لم يتجاوز تسعة وعشرين عاماً. يُعتقد أن هذا المرض كان نتيجة لإسقاطها حملها بعد تعرضها للخوف على يد أحد كفار قريش أثناء هجرتها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه”. (رواه البخاري ومسلم)
