مقدمة عن الحضارة السومرية
ازدهرت الحضارة السومرية في الجزء الجنوبي من بلاد الرافدين، المنطقة المحصورة بين نهري دجلة والفرات. هذه المنطقة، التي عُرفت لاحقًا باسم بابل، تمتد من جنوب العراق الحالي وصولًا إلى الخليج العربي. شهدت هذه الأرض استقرارًا بشريًا منذ حوالي 4500 قبل الميلاد، حيث استقر السومريون وأسسوا واحدة من أقدم وأعرق الحضارات التي عرفها التاريخ. تعتبر الحضارة السومرية من بين أقدم الحضارات المعروفة لنا.
أصول السومريين
أثارت أصول السومريين نقاشًا واسعًا بين العلماء والباحثين في الدراسات الأنثروبولوجية والتاريخية. توجد عدة نظريات حول أصلهم، من بينها:
- يرى البعض أن السومريين لم يأتوا من مناطق بعيدة عن المنطقة التي أقاموا فيها حضارتهم.
- هناك احتمال أن يكونوا من بين الأقوام التي استوطنت السهل الرسوبي في عصور ما قبل التاريخ، أي في الألف الخامس قبل الميلاد تقريبًا. بعد استقرارهم في السهل، تمكنوا من تطوير سبل العيش وتحسينها.
- يعتقد البعض أن السومريين اختلطوا بأقوام أخرى، وخاصةً الأقوام السامية.
- يشير رأي آخر إلى أن السومريين هاجروا من المناطق الجبلية، ويستند الباحثون في هذا الرأي إلى وجود معابد سومرية تم العثور عليها في مناطق جبلية.
- هناك من يقترح أنهم هاجروا من منطقة وادي السند، نظرًا للتشابه الكبير بين حضارة وادي السند والحضارة السومرية.
الخصائص المميزة للحضارة السومرية
على الرغم من وجود آراء متعددة حول تاريخ اللغة السومرية، إلا أن المعلومة المؤكدة هي أن هذه اللغة لا تنتمي إلى عائلة اللغات السامية أو الهندية الأوروبية. يؤكد العلماء على صعوبة تحديد أصل معين لها، مما يشير إلى أنها لغة فريدة من نوعها.
بدأت الحضارة السومرية مع العبيديين، الذين سُمُّوا نسبة إلى قرية العبيد. كان العبيديون شعبًا غير سامي ولا يتحدث اللغة السومرية، ويُعتبرون القوة الحضارية الأولى للسومريين. من بين إنجازاتهم تطوير التجارة والزراعة والصناعة، بالإضافة إلى النسيج والمصنوعات المعدنية والفخار. بعد هجرة العبيديين، أتت إلى المنطقة شعوب أخرى أضافت ثقافاتها الخاصة.
مساهمات وإبداعات الحضارة السومرية
قدمت الحضارة السومرية العديد من الإنجازات التي لا تزال حاضرة حتى بعد زوالها. فيما يلي بعض من أبرز هذه الإنجازات:
الإنجازات المادية والتراث العمراني
تشمل الإنجازات المادية للحضارة السومرية ما يلي:
- بناء المعابد التي تميزت بالطابع السومري الفريد، وتزيينها بالمنحوتات والنقوش السومرية. كانوا يقيمون هذه المعابد في أعالي الجبال المحيطة بهم.
- اكتشاف المعادن والمواد الخام، حيث كانت الظروف البيئية الصعبة دافعًا رئيسيًا للبحث عنها. فالبيئة السومرية في بداياتها لم تكن سهلة، واحتاج السومريون إلى المعادن لتعبيد الطرق وتسهيل حركة التجارة.
المساهمات الثقافية
تميز السومريون بالعديد من الإنجازات الثقافية التي عبرت عن روح الحضارة السومرية، ومن أهمها:
- كتابة الملاحم والآداب السومرية. استفاد السومريون من الحضارات السابقة التي عاشت في بلاد الرافدين في كتابة الملاحم. وقد أجرى الباحثون مقارنات بين الحضارة السومرية والحضارة اليونانية، وذكرت المراجع أن الكتابة الملحمية بلغت ذروتها عندما اختلط السومريون بأهل بحر إيجة.
- الاهتمام بالتدوين وحفظ التاريخ السومري. كتبوا أسماء الملوك ودونوها، وعُثر عندهم على أقدم نقش سومري يحمل اسم ملك.
فن الكتابة
تُعتبر اللغة السومرية من أقدم لغات العالم، ويعتبرها الباحثون شكلًا من أشكال تطور الكتابة المسمارية. مرت الكتابة المسمارية بمراحل عدة، منها المرحلة الصورية “pictographic”، حيث كانت الكتابة عبارة عن رسوم تعبر عما يراد التعبير عنه. فإذا أراد السومري كتابة “يد”، فإنه يرسم يدًا. تطورت الكتابة بعد ذلك لتصبح رموزًا في المرحلة الثانية، “ideogram”، وعلامات تعبر عن المضامين المادية وغير المادية.
المراجع
- “Sumer ancient region, Iraq”,britannica
- الدكتورة نادية فرحان ،محاضرات في تاريخ العراق القديم، صفحة 1-3
- طه باقر،مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة الجزء الأول، صفحة 98-100
- جامعة بابل،الكتابة المسمارية، صفحة 1-3
