نظرة عامة على معركة الكرامة
معركة الكرامة تعتبر من أهم المعارك الفاصلة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي. هي معركة بطولية خاضها الجيش الأردني بالتعاون مع الفدائيين الفلسطينيين دفاعاً عن الأراضي الأردنية في مواجهة التوسع الصهيوني. وقعت هذه المعركة في عام 1968، بعد مرور عام على نكسة عام 1967 التي ألحقت بالعرب هزيمة قاسية. كان يقود الجانب الإسرائيلي وزير الدفاع آنذاك موشيه ديان. أُطلق على هذه المعركة اسم “الكرامة” نسبة إلى بلدة الكرامة الأردنية التي دارت رحاها على أرضها، وبالتحديد في مخيم الكرامة الواقع في منطقة الأغوار الشرقية لنهر الأردن.
تسلسل أحداث المعركة
بدأت المعركة بهجوم واسع النطاق شنته القوات الإسرائيلية على الأراضي الأردنية. كان الهدف المعلن هو تدمير قواعد الفدائيين الفلسطينيين في المنطقة، ولكن الأهداف الحقيقية كانت أبعد من ذلك، حيث كانت تهدف إلى إضعاف الروح المعنوية العربية وإثبات التفوق العسكري الإسرائيلي. واجهت القوات الإسرائيلية مقاومة شرسة من الجيش الأردني والفدائيين الفلسطينيين، الذين قاتلوا ببسالة وشجاعة منقطعة النظير. استخدمت القوات الأردنية المدفعية بكثافة لإعاقة تقدم القوات الإسرائيلية، في حين نفذ الفدائيون الفلسطينيون هجمات جريئة على خطوط الإمداد الإسرائيلية.
القوات الإسرائيلية المشاركة
حشدت القوات الإسرائيلية قوات كبيرة للمعركة، بناءً على أوامر وزير الدفاع الإسرائيلي. تألفت هذه القوات من أربعة ألوية، بالإضافة إلى 35 وحدة مظلية، و 80 وحدة مشاة، مدعومة بوحدات مدفعية ضخمة، ووحدات جوية. قدر عدد الجنود الإسرائيليين المشاركين في المعركة بحوالي 15000 جندي.
القوات العربية المشتركة
اعتمدت القوات الفلسطينية على وحدات خاصة لمراقبة تحركات الجيش الإسرائيلي، ودراسة الخطط المحتملة، واتخاذ الاحتياطات اللازمة للتعامل مع أي تقدم أو تراجع للقوات الإسرائيلية. قامت القوات الفلسطينية بتقسيم قواتها إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
- وحدة تم توزيعها فوق مراكز بلدة الكرامة نفسها وحولها.
- كمائن خاصة على امتداد الطرق التي يحتمل أن يسلكها العدو.
- قوة خاصة تمركزت فوق المرتفعات المشرفة على ساحة القتال للحماية والدعم وتقديم التوجيهات اللازمة.
أما الدور الأساسي للجيش الأردني، فكان الدفاع عن الأراضي الأردنية ومساندة الفلسطينيين في مواجهة العدوان الإسرائيلي. تمكنت القوات الأردنية، وخاصة وحدة المدفعية، من إعاقة تقدم القوات الإسرائيلية أثناء عبورها من المنطقة الشرقية لنهر الأردن. انتهت المعركة بتحقيق نصر عربي حاسم، وتعويض جزئي عن هزيمة عام 1967. فشلت القوات الإسرائيلية في تحقيق أهدافها العسكرية، وتكبدت خسائر فادحة في الأرواح والمعدات. تشير التقديرات إلى مقتل حوالي 250 جنديًا إسرائيليًا، واستشهاد حوالي 95 عربيًا.
هذه المعركة تعكس صموداً وتكاتفاً عربياً في وجه التحديات، وتُظهر قدرة الشعب العربي على تحقيق الانتصارات بالصبر والعزيمة. لقد كانت معركة الكرامة نقطة تحول مهمة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وأعطت دفعة قوية للحركة الوطنية الفلسطينية.