جذور السينما في مصر
تحظى السينما المصرية بمكانة مرموقة في العالم العربي، وغالبًا ما يُشار إليها بـ “هوليوود الشرق” نظرًا لتأثيرها الكبير في المنطقة. تتميز مصر بكونها من أوائل الدول العربية التي أنتجت أفلامًا سينمائية. تختلف وجهات النظر حول البدايات الحقيقية للسينما المصرية. يرى البعض أن تاريخها يعود إلى عام 1896، عندما عُرض فيلم قصير للأخوين لوميير في مدينة الإسكندرية، بعد عرضه في فرنسا بعام واحد. بينما يرى آخرون أن البداية كانت مع إنتاج أول فيلم وثائقي قصير في عام 1907. وهناك رأي آخر يعتبر أن السينما المصرية بدأت مع إنتاج أول فيلم روائي طويل في عام 1927 بعنوان “ليلى”، من بطولة وإخراج وإنتاج وتأليف عزيزة أمير، التي يطلق عليها البعض لقب رائدة السينما المصرية.
بزوغ فجر السينما المصرية
لقد كان لعزيزة أمير دور محوري في النهضة السينمائية حيث قدمت ما يقارب العشرين فيلمًا، وكانت مصدر إلهام للعديد من السيدات المصريات لإنشاء شركات إنتاج سينمائي خاصة بهن. من بين هؤلاء السيدات كانت بهيجة حافظ، والممثلة الشهيرة فاطمة رشدي، التي لقبت بـ “سارة برنار الشرق”. شهدت السينما المصرية أوج ازدهارها خلال الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، وهي الفترة المعروفة بالعصر الذهبي. ومنذ عام 1950 وحتى عام 1962، مرت السينما المصرية بتغيرات عديدة. وفي عام 1966، تم تأميم صناعة الأفلام، وبعد ذلك، في عام 1970، بدأت الصناعة في الموازنة بين الجوانب السياسية والترفيهية.
في عام 1921، وصل عدد دور العرض السينمائي في مصر إلى حوالي 85 دارًا. وفي عام 1925، تأسست أول شركة متخصصة في الفنون الدرامية والأفلام في مصر، وهي شركة “ميسر”. تحولت هذه الشركة في عام 1935 إلى “ستوديو ميسر”. وفي عام 1933، تم إنتاج أول فيلم مصري غنائي بعنوان “الوردة البيضاء” للمخرج محمد كريم، والذي يعتبر أول فيلم غنائي للمطرب محمد عبد الوهاب.
الحقبة الذهبية للسينما المصرية
خلال العصر الذهبي للسينما المصرية، تم إنتاج مئات الأفلام، والتي يعتبر العديد منها من أهم كلاسيكيات السينما المصرية حتى اليوم. فيلم “العزيمة”، الذي تم إنتاجه عام 1939 بتأليف وإخراج كمال سليم، وبطولة فاطمة رشدي وحسين صدقي، يعتبر من بين هذه الأفلام الهامة. كما يُعد فيلم “باب الحديد” للمخرج يوسف شاهين، والذي تم إنتاجه عام 1958، من أبرز أفلام هذه الفترة، بالإضافة إلى فيلم “الخطيئة” الذي أخرجه هنري بركات عام 1965، وقامت ببطولته الفنانة فاتن حمامة.
كان للسياسة تأثير كبير على صناعة الأفلام المصرية في الفترة ما بين 1956 و 1970، حيث كان الرئيس جمال عبد الناصر من محبي السينما، وقام بتأميم صناعة الأفلام. ومع ذلك، فرضت الرقابة المصرية بعض القيود على صناعة الأفلام، خاصة فيما يتعلق بالسياسة والدين والجنس. في تلك الفترة، احتلت مصر المرتبة الثالثة عالميًا في صناعة الأفلام. ولكن في السبعينيات، بدأت صناعة الأفلام في الانحدار، حتى التسعينيات، حيث عادت الأفلام المصرية للظهور مرة أخرى على الساحة الدولية.
أفلام مصرية خالدة
حققت العديد من الأفلام المصرية نجاحًا كبيرًا على مر العقود، وكان لها تأثير كبير على صناعة السينما على المستوى العالمي. فيما يلي بعض من أفضل هذه الأفلام:
فيلم دعاء الكروان
تم إنتاج فيلم “دعاء الكروان” في عام 1959، ويروي قصة الواقع المأساوي الذي كانت تعيشه العائلات في بداية القرن العشرين، حيث كانت النساء محرومات من حقوقهن، ويفرض عليهن السيطرة والهيمنة. يعتبر هذا الفيلم من الدعائم الأساسية في تاريخ السينما المصرية.
فيلم غزل البنات
تم إنتاج فيلم “غزل البنات” في عام 1949، وهو من أهم الأفلام الكلاسيكية المصرية. يحكي الفيلم قصة معلم لغة عربية يتم فصله من المدرسة بسبب عدم قدرته على السيطرة على الطالبات، ثم يحصل على وظيفة كمدرس خاص لفتاة، ويتعلم منها حب الحياة وتقدير الذات.
فيلم باب الحديد
تم إنتاج فيلم “باب الحديد” في عام 1958، وهو من إخراج يوسف شاهين. حصل الفيلم على جائزة أفضل فيلم مصري باللغة الإنجليزية في جوائز الأكاديمية الواحد والثلاثين. يروي الفيلم قصة صاحب كشك صغير، ويطرح العديد من المواضيع الثقافية والاجتماعية، بالإضافة إلى قضية الظلم الاجتماعي.
فيلم الأرض
تم إنتاج فيلم “الأرض” في عام 1969، وهو من إخراج يوسف شاهين. يروي الفيلم قصة كفاح الفلاحين في قرية صغيرة ضد مالك الأرض، ويعرض ثقافة الريف المصري، ويركز على حياة الناس الذين يعيشون على ضفاف النيل، ويطرح الترتيب المجتمعي بطريقة مؤثرة.
فيلم الإرهاب والكباب
يعتبر فيلم “الإرهاب والكباب” من الأفلام الكوميدية المصرية الهامة، حيث تم إنتاجه في عام 1992. يروي الفيلم قصة الموظف أحمد الذي يعمل في وظيفتين، وبسبب الظروف المعيشية الصعبة، يقرر أحمد شراء سلاح والاستيلاء على مبنى حكومي للمطالبة بحقوقه. يعتبر هذا الفيلم من الأفلام التي حظيت بشعبية كبيرة في مصر.