لمحة تاريخية عن تأسيس الإمبراطورية العثمانية وازدهارها

نظرة مفصلة على نشأة الدولة العثمانية، توسعها الجغرافي، والأسباب التي أدت إلى ضعفها وانهيارها.

النشأة الأولى للدولة العثمانية

تعود جذور الدولة العثمانية إلى قبيلة قايى، وهي إحدى القبائل التركية التي هاجرت من أواسط آسيا نحو الغرب تحت قيادة أرطغرل. قدم أرطغرل وقبيلته الدعم للسلطان علاء الدين كيقباد الأول في حربه ضد خصومه، مما أسفر عن انتصار حاسم. عرفاناً بجهوده، منح علاء الدين كيقباد أرطغرل وقبيلته منطقة سوغوت الواقعة على الحدود البيزنطية السلجوقية في شمال غرب الأناضول. تمكن أرطغرل من ضم مدينة إسكي شهر إلى منطقته، واستمر في غزواته ضد البيزنطيين حتى وفاته عام 1282م.

بعد وفاة أرطغرل، تولى ابنه عثمان الأول القيادة بموافقة السلطان السلجوقي علاء الدين كيقباد، وسار على نهج والده في محاربة البيزنطيين ومساعدة السلاجقة في حروبهم. تقديراً لخدماته، منحه السلطان علاء الدين كيقباد نوعاً من الحكم الذاتي، وسمح له بامتلاك المناطق التي فتحها، ومنحه الحق في سك العملة باسمه، ومنحه لقب “بك”، وذكر اسمه في خطبة الجمعة. بذلك، أصبح عثمان الأول زعيماً لإمارة كبيرة مستقلة. استطاع ضم مدينة أفيون قره حصار الواقعة في دولة الروم الشرقية إلى إمارته، وجعلها عاصمة له. كما سيطر عثمان على مدن بيله جك وأنكول، وركز خلال غزواته على مناطق شمال الأناضول، واستمر في غزواته حتى وفاته، ليخلفه ابنه أورخان غازي في الحكم.

امتداد رقعة الإمبراطورية العثمانية

اتخذ أورخان غازي مدينة بورصة مركزاً لحكمه، وتمكن من فتح إزنيق بعد الانتصار على الإمبراطور البيزنطي أندرونيكوس الثالث. كما تمكن من ضم مدينة إزميد ومدينة بالق أسير، واستطاع العبور إلى الضفة الأخرى لبحر مرمرة بسبب الخلافات الداخلية في بيزنطة، وسيطر على تلال مضيق جاليبولي، واتخذ قلعتها قاعدة له، ثم اتجه إلى البلقان واستولى على أنقرة، واستمر في غزواته حتى وفاته عام 1360م.

بعد وفاة أورخان غازي، تولى ابنه مراد الأول الحكم، وبذل جهده في توسيع حدود البلقان، وتمكن بفضل حنكته من فتح المدن البلقانية بسهولة، وحقق الانتصار على التحالف الصربي الذي ضم صربيا وبلغاريا والمجر، واستمر في غزواته ضد أعدائه في منطقة صرب صندغي، واجتاح العثمانيون مقدونيا وشرق صربيا وجنوب بلغاريا وصولاً إلى هنغاريا، وضم مراد الأول العديد من المدن في الأناضول وحارب الإمارات التركمانية. استمر السلطان العثماني في غزواته حتى وفاته في المعركة التي خاضها مع قوات التحالف الصليبي، ليخلفه بايزيد الأول الذي بذل جهده لإكمال مسيرة والده وتحويل الدولة إلى إمبراطورية.

بقيادة السلاطين العثمانيين، توسعت الدولة العثمانية لتشمل مناطق من آسيا الصغرى وأوروبا وأفريقيا، لتنتقل من نطاقها المحلي إلى الساحة العالمية. يمكن تقسيم توسع الدولة العثمانية إلى ثلاث مراحل رئيسية:

  • المرحلة الأولى: امتدت من بداية الإمارة العثمانية في الأناضول حتى وفاة السلطان بايزيد الثاني. خلال هذه الفترة، كانت الدولة العثمانية دولة أناتولية، واقتصرت غزواتها على الأناضول في آسيا والبلقان في أوروبا، وضمت على أراضيها رعايا مسلمين ومسيحيين. خلال هذه المرحلة، تحولت الدولة العثمانية من إمارة إلى دولة ثم إلى إمبراطورية، ونُقلت عاصمة الدولة العثمانية من الأناضول والبلقان إلى أدرنة ثم إلى القسطنطينية.
  • المرحلة الثانية: بدأت في عهد السلطان سليم الأول، وأصبحت الدولة العثمانية خلالها دولة آسيوية أفريقية بلقانية ذات طابع إسلامي عربي. اقتصر الغزو العسكري للجيوش العثمانية على الشرق الإسلامي، وتمكنت الدولة العثمانية من قيادة العالم الإسلامي وضم العديد من الشعوب العربية إلى أراضيها.
  • المرحلة الثالثة: بدأت في عهد السلطان سليمان القانوني واستمرت على عهد خلفائه. أصبحت الدولة العثمانية خلال هذه المرحلة دولة أوروبية آسيوية أفريقية، وفتحت القوات العثمانية جبهات بحرية في المحيط الهندي والخليج العربي وحوض البحر الأبيض المتوسط وبعض البحار الشرقية.

أسباب الوهن والسقوط

تضافرت عدة عوامل أدت إلى ضعف الدولة العثمانية وانهيارها، حتى لُقبت بـ”رجل أوروبا المريض”. من أهم هذه العوامل:

  • ضعف نظام الحكم: بسبب عدم قيام بعض الحكام والسلاطين بواجباتهم تجاه الدولة بأنفسهم، وإسناد الأمر إلى غيرهم.
  • ضعف الإدارة والتنظيم: في الأقاليم والمناطق التابعة للدولة العثمانية، حيث كان يتم منح منصب الوالي لمن يدفع المال أكثر، مما أدى إلى جمع المال من الناس بشتى الطرق، وتوقف المشاريع الإصلاحية بسبب قلة الموارد المالية.
  • عدم التجانس بين الولايات: في آسيا وأفريقيا وأوروبا، مما أدى إلى اندلاع الثورات والعصيان.
  • فساد نظام الانكشارية: حيث انغمسوا في حياة الكسل والخمول بعد أن كانوا يتميزون بالنشاط والشجاعة.
  • الامتيازات الأجنبية: المُقدَّمة إلى السفراء الأجانب ورعاياهم، حيث بدأ السفراء بطلب امتيازات تجارية، وتوسعت لتشمل الامتيازات الدينية، مما أدى إلى تدخلهم في شؤون الدولة العثمانية.

المراجع

  1. “7 Historical Facts About Ertugrul Ghazi”,fuchsiamagazine
  2. “SULTAN OSMAN GAZI”,allaboutturkey
  3. “Ottoman Empire summary”,britannica
  4. “SULTAN ORHAN GAZI”,allaboutturkey
  5. “Osman and Orhan”,britannica
  6. “Ottoman Empire”,britannica
  7. “The decline of the Ottoman Empire, 1566–1807”,britannica
Total
0
Shares
المقال السابق

دراسة حول تأسيس الدولة العباسية

المقال التالي

نظرة في أعماق كتاب ألف ليلة وليلة

مقالات مشابهة