لمحة تاريخية عن المسجد الأقصى

نستعرض تاريخ المسجد الأقصى: بناؤه الأول، مرورا بالعصور العُمرية والأموية والعباسية، وصولا إلى الحقبة الفاطمية والمملوكية، ثم الأيوبية والعثمانية، وانتهاء بالاحتلال الصهيوني.

الإنشاء الأول للمسجد الأقصى

يُعتبر المسجد الأقصى المبارك ثاني مسجد تم وضعه في الأرض لعبادة الله سبحانه وتعالى. فقد جاء بعد المسجد الحرام بأربعين عاماً. يرجح الكثير من المؤرخين أن سيدنا آدم عليه السلام هو أول من قام ببناء المسجد الأقصى بأمر من الله عز وجل. لقد تم بناؤه في أرض لم يسبقها معبد أو كنيسة. لاحقا، قام سيدنا إبراهيم عليه السلام بإعادة إعمار المسجد في عام 2000 قبل الميلاد تقريبا. ثم قام سيدنا سليمان عليه السلام بتجديد بنائه في عام 1000 قبل الميلاد.

الفترة العُمرية

في العام الخامس عشر من الهجرة، الموافق لسنة 636 ميلادية، شهد التاريخ الإسلامي واحدة من أهم الفتوحات. حيث انتقل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يرافقه الصحابة الكرام أبو عبيدة عامر بن الجراح، وخالد بن الوليد، وأبو ذر الغفاري، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، من المدينة المنورة إلى القدس. دخلها عمر فاتحًا وتسلمها من أهلها بموجب الاتفاق المعروف بـ “العهدة العمرية”. قام بنفسه بتنظيف ساحة الأقصى والصخرة المشرفة، وأمر ببناء مسجد صغير في المكان الذي عرج منه النبي صلى الله عليه وسلم.

الحقبة الأموية والعباسية

بعد أن انتقلت الخلافة الإسلامية إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في عام 21 هـ، تم تعيين معاوية بن أبي سفيان واليًا على فلسطين والقدس ودمشق. تولى معاوية شؤون الإمامة والخطابة في المسجد الأقصى. كان المسجد في ذلك الوقت محاطًا بسور يضم 84 برجًا وله 6 أبواب. ثم تولى الحكم مروان بن الحكم، وبعده ابنه عبد الملك بن مروان، الذي شهد المسجد الأقصى في عهده تطورًا ملحوظًا. أمر عبد الملك بإعمار المسجد الأقصى بالشكل الذي نراه عليه اليوم، وبناء قبة الصخرة المشرفة. في الحقبة الأموية أيضا، تم بناء المصلى المرواني في الجهة الجنوبية الشرقية من المسجد الأقصى.

بعد انتهاء الحقبة الأموية، خضعت القدس والمسجد الأقصى لحكم الدولة العباسية. زار الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور المدينة في عام 141 هجريًا، وأمر بإصلاح وترميم المسجد الأقصى بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة. وتوالت عمليات الترميم في عهد الخلفاء العباسيين مثل هارون الرشيد والمأمون.

العصر الفاطمي والمملوكي

بعد العصر العباسي، خضعت القدس والمسجد الأقصى للحكم الفاطمي. في عام 413 هجريًا، تم تجديد قبة الصخرة، وشملت أعمال الترميم والإصلاح المسجد الأقصى ومرافقه. بعد ذلك، سيطر المماليك على القدس والمسجد الأقصى، واستمر حكمهم ثلاثة قرون. حرصوا خلالها على محاربة الصليبيين وأنقذوا المسجد الأقصى من الغزو المغولي في معركة عين جالوت. جدد المماليك عمارة المسجد ووضعوا نقوشًا بأسماء القادة الذين حافظوا عليه وحرصوا على حمايته.

الزمن الأيوبي والعثماني

تولى القائد صلاح الدين الأيوبي حكم القدس، وحرص على محاربة الصليبيين وتطهير قبة الصخرة من الهياكل والتماثيل التي بنيت فيها. كما أزيل الجدار الصليبي الذي كان على محراب المسجد الأقصى. أعد نور الدين زنكي المنبر الخشبي الشهير ووضعه في المسجد الأقصى. ثم خضعت المدينة لسيطرة العثمانيين الذين أولوا اهتمامًا وعناية بالمسجد الأقصى، وأجروا عمليات توسعة وإضافة عدد من العمارات الإسلامية.

الاحتلال الصهيوني

في عام 1948م، تعرض المسجد الأقصى لاعتداء من قبل الصهاينة، مما أدى إلى أضرار جسيمة في هيكل المسجد. ثم توالت الاعتداءات بعد ذلك، ومنها ما حدث عام 1967م؛ حيث استباح اليهود حُرمة المسجد الأقصى، وقتلوا المُصلِّين، والأبرياء، وحفروا تحت قواعد المسجد؛ بحجّة البحث عن هيكل سليمان. وفي عام 1969م، أشعلَ شابٌّ يهوديّ النار في المسجد، ممّا أدّى إلى حريق ألحقَ أضراراً جسيمة بمعظم أجزاء المسجد الأقصى. وما زال الصهاينة حتى الآن يستبيحون حُرمة المسجد ويعتدون على المُصلِّين فيه.

المراجع

  1. ماذا تعرف عن المسجد الأقصى؟ – موسوعة الجزيرة
  2. الشيخ عبد الله نجيب سالم، المجد المنيف للقدس الشريف
  3. دائرة المعارف العالمية، باحثون عرب، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، السعودية: مؤسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، جزء الثالث والعشرين.
Total
0
Shares
المقال السابق

نشأة وتطور المدرسة الواقعية

المقال التالي

تسلسل زمني لتاريخ المسلمين

مقالات مشابهة