لمحات من سيرة طه حسين

نظرة عامة على حياة طه حسين: مولده ونشأته، مسيرته التعليمية، حياته العملية والمهنية، المناصب التي شغلها، عمله في مجال الصحافة، وأنشطته الثقافية المتنوعة.

ميلاد ونشأة طه حسين

في يوم الجمعة الموافق للخامس عشر من شهر نوفمبر عام 1889م، وُلد طه حسين في قرية الكيلو، التابعة لمحافظة المنيا في صعيد مصر الأوسط. كان ترتيبه السابع بين إخوته. خلال طفولته، فقد بصره نتيجة لإصابته بالرمد. تضاربت الآراء حول تحديد العمر الذي فقد فيه بصره، حيث يرى البعض أنه فقده في سن الرابعة، بينما يرى آخرون أنه كان في سن الثالثة أو الخامسة.

على الرغم من إعاقته البصرية، أصر والده على إلحاقه بالكُتّاب ليتعلم. تمكن طه حسين بالفعل من حفظ القرآن الكريم كاملاً، بالإضافة إلى العديد من الأدعية، والأشعار، والقصص التي حفظها عن طريق السمع.

المسيرة التعليمية لطه حسين

بعد إتمامه حفظ القرآن الكريم وإلمامه بأصول اللغة العربية، انتقل طه حسين إلى الأزهر في عام 1902م. التحق بدروس المبتدئين لمدة ثلاث سنوات، وحضر آخر درسين ألقاهما الشيخ الإمام محمد عبده قبل وفاته في عام 1905م. ثم تدرج ليشترك في دروس المتوسطين في الفقه والنحو في الفترة الممتدة بين عاميّ 1905 و 1907م، وبعد ذلك حضر الدروس مع الطلبة المتقدمين.

سعياً لمواصلة تعليمه، التحق طه حسين في عام 1908م بالجامعة الأهلية التي أنشئت حديثاً في مصر، وكان من أوائل المنتسبين إليها. حصل منها على شهادة الدكتوراة في عام 1914م عن رسالته التي كانت بعنوان “تجديد ذكرى أبي العلاء”. أرسلته الجامعة ببعثة دراسية إلى جامعة مونبلييه في فرنسا. في عام 1917م، حصل طه حسين على شهادة الليسانس في الآداب من جامعة السوربون، والتي كانت بمثابة نقلة نوعية في حياته العلمية والاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، تمكن من دراسة اللغة اللاتينية والاطلاع على الكثير من مصادر الأدب الفرنسي. وفي عام 1919م، حصل على شهادة دبلوم الدراسات العليا في التاريخ.

الحياة العملية والوظيفية لطه حسين

بعد عودته من فرنسا إلى مصر، بدأ طه حسين مسيرته المهنية كأستاذ للتاريخ اليوناني والروماني القديم في الجامعة الأهلية في الفترة ما بين عاميّ 1919 و 1925م. بعد تحويل الجامعة الأهلية إلى جامعة حكومية، عُين أستاذاً لتاريخ الأدب العربي في كلية الآداب في الفترة ما بين عاميّ 1925 و 1928م. في عام 1930م، عُين عميداً لكلية الآداب، ليصبح بذلك أول مصري يشغل هذا المنصب. استقال من عمادة الكلية بعد عامين، وعاد إلى الجامعة مدرساً في عام 1934م، واستمر في ذلك حتى عام 1936م. في الفترة الممتدة بين عاميّ 1936 و 1939م، عاد من جديد عميداً لكلية الآداب.

المناصب التي تقلدها طه حسين

لم تقتصر الحياة المهنية لطه حسين على التدريس فقط، بل شغل أيضاً منصب مراقب للثقافة في وزارة المعارف في الفترة ما بين عاميّ 1939 و 1942م، ثم عمل كمستشار لوزير المعارف في الفترة المحصورة بين عاميّ 1942 و 1944م. في عام 1943م، ساهم في تأسيس جامعة الإسكندرية، وعُين أول مدير لها، واستمر في ذلك حتى عام 1944م. في عام 1950م، شغل منصب وزير المعارف لمدة عامين، وكانت من أهم إنجازاته في هذه الفترة أنه أقر مجانية التعليم وأنشأ جامعة عين شمس. كان هذا آخر منصب سياسي يشغله، حيث تفرغ بعد ذلك للكتابة.

مساهمات طه حسين في الصحافة

عمل طه حسين في العديد من الصحف والجرائد، بدءاً من صحيفة الجريدة التي بدأ العمل فيها منذ عام 1908م وحتى عام 1914م. كتب ونشر في عدة صحف أخرى، مثل صحيفة اللواء، ومصر، والفتاة، والشعب، وصحيفة الاثنين، والاستقلال، وغيرها. في عام 1925م، عمل في صحيفة الاتحاد، وفي الفترة ما بين عاميّ 1926 و 1932م، عمل في صحيفة السياسة الأسبوعية. في عام 1933م، نشر طه حسين بعض كتاباته في صحيفة كوكب الشرق. في عام 1934م، تولى الإشراف على صحيفة الوادي. بعد ذلك، كتب في عدة صحف أخرى، مثل صحيفة الثقافة، والرسالة، ومجلتي، والمصور، وصحيفة الأهرام، وأخبار اليوم، وغيرها. أسس مجلة الكاتب المصري وعمل رئيساً لتحريرها في الفترة ما بين عاميّ 1945 و 1948م. في الفترة ما بين عاميّ 1959 و 1964م، عمل رئيساً لتحرير صحيفة الجمهورية.

الأنشطة الثقافية والأدبية لطه حسين

مارس طه حسين العديد من الأنشطة الأدبية والثقافية. في عام 1954م، شغل مركز رئيس اللجنة الثقافية في الجامعة العربية. في الفترة الممتدة بين عاميّ 1953 و 1973م، شغل منصب رئيس نادي القصة. كان عضواً في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب منذ تأسيسه في عام 1956م وحتى عام 1973م. في عام 1940م، كان عضواً في مجمع اللغة العربية في القاهرة، ثم شغل منصب الرئيس فيه بين عاميّ 1963 و 1973م. بعد ذلك، أصبح عضواً في مجمع اللغة العربية في دمشق، ثم مديراً لدار الكتب المصرية.

زواج طه حسين

تعرف طه حسين أثناء دراسته في مونبلييه على السيدة الفرنسية السويسرية سوزان بريسو، وتزوج منها في عام 1917م. كان لها تأثير كبير في حياته، حيث كانت بالنسبة له الزوجة والصديقة التي وقفت بجانبه في مسيرته العلمية وقدمت له الدعم الدائم. كانت تقرأ له الكثير من الكتب وتحضر له الكتب المكتوبة بطريقة بريل حتى يتمكن من القراءة بنفسه، كما ساعدته على التعمق أكثر في الثقافة الفرنسية واللاتينية، مما جعله يلم إلماماً كبيراً بالثقافة الغربية. رزق طه حسين من سوزان بابنين، هما: أمينة التي تزوجت من الدكتور محمد حسن الزيات وزير خارجية مصر الأسبق، ومؤنس الذي حصل على شهادة الدكتوراة وعمل في منظمة اليونسكو في باريس.

وفاة طه حسين

توفي طه حسين في الثامن والعشرين من شهر أكتوبر عام 1973م، وبوفاته خسر الأدب العربي أحد أهم أعمدته، إذ قال عنه عباس محمود العقاد: “إنه رجل جريء العقل مفطور على المناجزة والتحدي، فاستطاع بذلك نقل الحراك الثقافي بين القديم والحديث، من دائرته الضيقة التي كان عليها إلى مستوى أوسع وأرحب بكثير”. أثرى طه حسين خلال حياته المكتبة العربية بالعديد من الأعمال والمؤلفات، من أهمها: في الشعر الجاهلي، وحديث الأربعاء، ومستقبل الثقافة في مصر، ومع أبي العلاء المعري في سجنه، وغيرها.

لمحة عن حياة طه حسين

يُعد طه حسين، الملقب بعميد الأدب العربي، أديباً وناقداً مصرياً، وعلماً من أعلام الحركة الأدبية العربية في العصر الحديث. من أهم إنجازاته تطوير الرواية العربية. أشهر مؤلفاته هو كتاب الأيام الذي نشره في عام 1929م وتناول فيه سيرته الذاتية بأسلوب إبداعي.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

لمحة عن حياة تشارلي شابلن

المقال التالي

عالم طيور اللافندر: معلومات شاملة

مقالات مشابهة