السنوات الأولى ونشأته
هاريلال غاندي، الابن البكر للمهاتما غاندي (موهانداس كرمشاند غاندي)، ولد في عام 1888 في مدينة نيودلهي بالهند، وتوفي عن عمر يناهز الستين عامًا. نستعرض فيما يلي أبرز محطات حياته.
قضى هاريلال طفولته في منزل شقيق والده الأكبر، لاكسميداس. لم يكن والده متواجداً بالإشراف الكامل عليه نظراً لعمله كمحامٍ في جنوب إفريقيا. كانت الأسرة ميسورة الحال ماديًا، إلا أن غياب الأب كان ملحوظًا ومؤثرًا على هاريلال، رغم محاولات عمه لتعويض هذا الغياب.
تأثر مساره التعليمي سلبًا، حيث لم يتمكن من إكمال تعليمه وانجرف مع رفاقه نحو سلوكيات غير محمودة. تزوج هاريلال من فتاة تدعى (جلاب) دون علم والديه.
تجربته في جنوب أفريقيا
عندما علم المهاتما غاندي بفشل ابنه في الدراسة وانحراف سلوكه، دعاه إلى جنوب إفريقيا، وبالتحديد إلى بلدة فينيكس أشرم، لكي يشاركه في نضاله ضد التمييز العنصري. ولكن، الواقع الذي وجده هاريلال في جنوب إفريقيا كان مختلفًا تمامًا عما تصوره. كان والده قد تخلى عن جميع مظاهر الرفاهية وتفرغ للنضال ضد العنصرية.
أصيب هاريلال ووالدته بالدهشة من تصرفات غاندي، ولم يتمكنا من فهم أهدافه، خاصة قراره بالسماح لما يسمى “المنبوذين” بالعيش بينهم والمشاركة في تنظيف المراحيض العامة. لم يستطع هاريلال التأقلم مع هذه الحياة في المزرعة وأداء الأعمال اليدوية، فقد اعتاد على حياة الراحة والاستقلالية.
كان هاريلال يطمح في دراسة القانون على غرار والده في لندن، لكنه لم يمتلك القدرات التعليمية التي تمكنه من إكمال دراسته، وفشل في اجتياز امتحان الثانوية العامة. في عام 1910، طلب هاريلال من والده استغلال علاقاته برجال الأعمال في جنوب إفريقيا لمساعدته، لكن غاندي رفض ذلك، مما أدى إلى غضب هاريلال وقطع علاقته بعائلته وعودته إلى الهند في عام 1911.
مسيرة حياته في الهند
عاش هاريلال مع زوجته وأولاده في الهند، وحاول مرارًا وتكرارًا استئناف الدراسة وتقديم امتحان الثانوية العامة، لكنه كان يفشل في كل مرة. هذا الفشل المتكرر دفعه إلى العودة إلى إدمان الكحول ومصاحبة أشخاص ذوي سمعة سيئة.
في البداية، تكفلت عائلة والده بنفقاته، لكن ذلك لم يكن كافيًا لأن الدائنين كانوا يلاحقونه بسبب الديون. بعد عودة غاندي إلى الهند، حاول هاريلال التواصل معه لطلب المال لبدء مشروعه الخاص.
على الرغم من كل أخطائه، طلب منه غاندي الانضمام إلى حركة الاستقلال الهندية والتخلي عن عاداته السيئة، وأوصى شركة (كولكاتا) بتوظيف هاريلال. لكنه سرق من الشركة أموالاً لإنشاء مشروعه الخاص. عندما علم مالكو الشركة بذلك، أبلغوا غاندي الذي صُدم وأخبرهم أن يتخذوا الإجراءات المناسبة تجاه ابنه، مما أدى إلى اعتقال هاريلال من قبل الشرطة.
خروجه من السجن
بعد الإفراج عنه من السجن، عاد هاريلال إلى والده طلبًا للجوء. استقبله غاندي على أمل أن يكون الوقت الذي قضاه في السجن قد غيَّره. لكن الأمور لم تتحسن، بل ازدادت سوءًا، حيث كان يستخدم اسم والده لجمع الأموال وبدء أعمال تجارية وهمية. قام ضحاياه بالإبلاغ عنه، واتهم البعض غاندي بالاختلاس، مما دفع غاندي إلى إدانة هاريلال علنًا.
بعد ذلك، تم القبض على هاريلال عدة مرات بتهمة السرقة والاحتيال والشجار في الأماكن العامة. كان يسيء معاملة زوجته التي هربت مع أطفالها إلى منزل والدتها وأصيبت بالأنفلونزا وتوفيت فيما بعد. كان لدى هاريلال 3 أبناء هم كانتيلال وراسيكلال وشنتلال وابنتان هما راني ومانو. توفي راسيكلال وشنتلال في صغرهما، وتحمل غاندي مسؤولية الأطفال المتبقين بعد وفاة والدتهم.
في عام 1935، أرسل هاريلال رسالة إلى والده يعلمه بنيته الزواج من أخت زوجته الأرملة، لكن غاندي لم يتخذ أي خطوة لترتيب الزواج لعلمه بسلوك ابنه غير المنتظم.
حياته بعد الإصابة بالملاريا
أصيب هاريلال بالملاريا وكتب رسالة إلى والده يطلب الإذن باستخدام الكحول كعلاج للملاريا، لكن غاندي رفض ذلك وقال إن الموت أفضل من تناول الكحول لأي سبب كان. وفي أوائل الأربعينيات، اعتنق هاريلال الإسلام لأن زعماء المسلمين وعدوه بتسديد جميع ديونه، لكن والدته توسلت إليه للعودة إلى الهندوسية مرة أخرى.
رحيله عن عالمنا
وبعد ذلك، وبالتحديد في عام 1947، نالت الهند استقلالها. في تلك الفترة، كان هاريلال يعيش متسولًا في الشوارع.
وفاة والده وتأثيرها عليه
في عام 1948، اغتيل غاندي. وخلال مراسم الجنازة، انهار هاريلال بالبكاء على والده وأخطائه، لكن مظهره المتدهور حال دون تعرف الكثيرين عليه.
مرضه الأخير ووفاته
بعد وفاة والده، تم تشخيص هاريلال بالسل وتليف الكبد نتيجة لإفراطه في تناول الكحول. تم العثور عليه فاقدًا للوعي في كاماتيبورا ونُقل إلى مستشفى الأمراض الصدرية حيث توفي. عُثر في جيبه على أوراق تحمل أرقام هواتف أقاربه. تم التواصل مع أسرته وحضرت ابنتاه وتم حرق جثمانه في وقت متأخر من الليل.