لقاء الله تعالى بنبيه موسى: المكان والزمان

فهرس المحتويات

مكان لقاء الله بموسى: وادي مقدس

تحدّث الله -تعالى- إلى نبيه موسى -عليه السلام- في مكانٍ يُعرف بوادي طوى، أو الوادي المقدس، في الجهة اليمنى لجبل طور سيناء. يُشير القرآن الكريم إلى هذا الحدث بقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا﴾ [١]، وكذلك: ﴿وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ [٢]. يُعتبر هذا المكان ميقاتًا مكانيًا هامًا في التاريخ الإسلامي [٣][٤]. يقع جبل طور سيناء في صحراء مصر، المعروفة أيضًا بصحراء سيناء، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ﴾ [٥][٦].

طريقة تكليم الله تعالى لموسى

تميّز نبي الله موسى -عليه السلام- بشرف تكليم الله -عزّ وجلّ- مباشرةً، دون وسيط، وهذا ما أكسبه لقب “كليم الله”. يؤكد القرآن الكريم ذلك بقوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّـهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [٧]. وتصف آيات أخرى هذا اللقاء العظيم: ﴿وَهَل أَتاكَ حَديثُ موسى*إِذ رَأى نارًا فَقالَ لِأَهلِهِ امكُثوا إِنّي آنَستُ نارًا لَعَلّي آتيكُم مِنها بِقَبَسٍ أَو أَجِدُ عَلَى النّارِ هُدًى*فَلَمّا أَتاها نودِيَ يا موسى*إِنّي أَنا رَبُّكَ فَاخلَع نَعلَيكَ إِنَّكَ بِالوادِ المُقَدَّسِ طُوًى﴾ [٨][٩].

سيرة نبي الله موسى عليه السلام

بعث الله موسى -عليه السلام- إلى بني إسرائيل الذين كانوا يعانون من ظلم فرعون. وُلد موسى في وقت أمر فيه فرعون بقتل المواليد الذكور من بني إسرائيل. أوحى الله لأم موسى أن تلقي به في النهر، كما ورد في قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [١٨]. بعدما وجده فرعون، نشأ موسى في قصره، ثم هاجر إلى مدين بعد حادثة قتل مصري، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ*فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [١٩]. عاد إلى مصر بعد عشر سنوات، ليكلّمه الله، ويأمره بدعوة فرعون إلى توحيد الله، مما أدى إلى مواجهةٍ انتهت بغرق فرعون وجنوده، ونجاة موسى ومن آمن معه. وَعَدَ الله موسى -عليه السلام- بالتكليم وإعطائه الألواح والتشريعات [٢٠].

أمر الله -تعالى- موسى -عليه السلام- بتوحيده، وعبادته، وترك الشرك، كما جاء في قوله تعالى: ﴿إِنَّني أَنَا اللَّـهُ لا إِلـهَ إِلّا أَنا فَاعبُدني وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكري*إِنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخفيها لِتُجزى كُلُّ نَفسٍ بِما تَسعى﴾ [١٠][١١]. وقد أيّد الله موسى بمعجزاتٍ، منها تحويل العصا إلى أفعى، وإخراج يده بيضاء من جيبه، كما ورد في قوله تعالى: ﴿وَما تِلكَ بِيَمينِكَ يا موسى*قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمي وَلِيَ فيها مَآرِبُ أُخرى*قالَ أَلقِها يا موسى*فَأَلقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسعى*قالَ خُذها وَلا تَخَف سَنُعيدُها سيرَتَهَا الأولى*وَاضمُم يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخرُج بَيضاءَ مِن غَيرِ سوءٍ آيَةً أُخرى﴾ [١٢]. كما استجاب الله لدعاء موسى بأن جعله هارون وزيرًا له [١٣][١٤]. وعندما طلب موسى رؤية الله، أخبره الله أنه لا يقدر على رؤيته في هذه الحياة، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَلَمّا جاءَ موسى لِميقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِني أَنظُر إِلَيكَ قالَ لَن تَراني وَلـكِنِ انظُر إِلَى الجَبَلِ فَإِنِ استَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوفَ تَراني فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسى صَعِقًا فَلَمّا أَفاقَ قالَ سُبحانَكَ تُبتُ إِلَيكَ وَأَنا أَوَّلُ المُؤمِنينَ﴾ [١٥]. وأخيرًا، ذكر الله اصطفائه لموسى ورسالته، وقوله تعالى: ﴿قالَ يا موسى إِنِّي اصطَفَيتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسالاتي وَبِكَلامي فَخُذ ما آتَيتُكَ وَكُن مِنَ الشّاكِرينَ*وَكَتَبنا لَهُ فِي الأَلواحِ مِن كُلِّ شَيءٍ مَوعِظَةً وَتَفصيلًا لِكُلِّ شَيءٍ فَخُذها بِقُوَّةٍ وَأمُر قَومَكَ يَأخُذوا بِأَحسَنِها سَأُريكُم دارَ الفاسِقينَ﴾ [١٦][١٧].

المصادر

1. سورة القصص، آية: 46.
2. سورة القصص، آية: 44.
3. صالح المغامسي، تأملات قرآنية، صفحة 6، جزء 12. بتصرّف.
4. صالح المغامسي، القطف الدانية، صفحة 27، جزء 4. بتصرّف.
5. سورة المؤمنون، آية: 20.
6. المصدر السابق.
7. سورة النساء، آية: 164.
8. سورة طه، آية: 9-12.
9. وهبة الزحيلي (1422هـ)، التفسير الوسيط للزحيلي (الطبعة الأولى)، دمشق: دار الفكر، صفحة 1511، جزء 2. بتصرّف.
10. سورة طه، آية: 14-15.
11. المصدر السابق.
12. سورة طه، آية: 17-22.
13. سورة طه، آية: 24-36.
14. عبد الكريم الخطيب، التفسير القرآني للقرآن، القاهرة: دار الفكر العربي، صفحة 787-791، جزء 8. بتصرّف.
15. سورة الأعراف، آية: 143.
16. سورة الأعراف، آية: 144-145.
17. محمد سيد طنطاوي (1997م)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 371-374، جزء 5. بتصرّف.
18. سورة القصص، آية: 7.
19. سورة القصص، آية: 20-21.
20. المصدر السابق.