كيف يُنادى الإنسان يوم القيامة؟

يُنادى الإنسان يوم القيامة باسمه واسم أبيه، كما سيُعرف بِما تمسّك به في حياته الدّنيا. ما هو الحُكم الدّينيّ بخصوص نداء الناس بأسماء أمّهاتهم؟

جدلٌ حول نداء الإنسان يوم القيامة: باسمه أم باسم أمّه؟

يُثار تساؤل هام حول كيفية نداء الإنسان يوم القيامة، هل سيُنادى باسمه واسم أبيه كما هو الشائع، أم سيُنادى باسم أمّه؟ ولتوضيح ذلك، سنستعرض الأدلة القرآنيّة والحديثيّة.

كيف يُنادى الإنسان يوم القيامة؟

يشير الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- إلى أن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال:

> “(إذا جَمع اللَّهُ الأوَّلِينَ والآخِرِينَ يَومَ القِيامَةِ، يُرْفَعُ لِكُلِّ غادِرٍ لِواءٌ، فقِيلَ: هذِه غَدْرَةُ فُلانِ بنِ فُلانٍ)”.[١][٢]

وذلك يوضح أنّ النداء يوم القيامة سيكون باسم الإنسان واسم أبيه. كما أنّ هذه الطريقة في النداء تُفسرها العديد من الروايات، بكونها تُحدد هوية كل فرد بشكل واضح، وتُؤكد على نسبِه.

وفي حديث آخر رواه أبو الدرداء -رضي الله عنه- قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-:

> “(إنَّكم تُدْعَوْن يومَ القيامةِ بأسمائِكم وأسماءِ آبائِكم فحسِّنوا أسماءَكم)”.[٣][٤]

يُشير هذا الحديث إلى أهميّة اختيار أسماء حسنة، لأنها ستكون مُعرّفة للفرد يوم القيامة، كما يُؤكد على أن الإنسان يُنسب لأبيه في الحياة الدنيا والآخرة.

النداء باسم الأمّ: هل هو حقيقيّ أم خرافة؟

تُناقش بعض الأقاويل احتمال نداء الإنسان باسم أمّه يوم القيامة، مستندةً إلى الآية الكريمة التي تقول:

> “(يَومَ نَدعو كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِم فَمَن أوتِيَ كِتابَهُ بِيَمينِهِ فَأُولـئِكَ يَقرَءونَ كِتابَهُم وَلا يُظلَمونَ فَتيلًا)”.[٩]

تُفسر بعض هذه الأقاويل كلمة “إمام” على أنها جمع “أمّ”، مُعلّلةً ذلك بِعدّة أسباب، مثل: رحمة الله بِمن لم يُولدوا بالحلال، وُعدّم كشف نسبهم أمام الناس. لكنّ هذا التفسير غير دقيق، لأنّ “أمّ” تُجمع على “أُمهات”، وليس “إمام”.

الواقع أنّ كلمة “إمام” في هذه الآية تشير إلى القائد الروحيّ، والمُرشد الدّينيّ الذي اتّبعه الإنسان في حياته الدّنيا، وليس إلى أمّه. فالإنسان يوم القيامة يُنادى بِما تمسّك به في حياته، وبِما اتّبع من دين أو مذهب أو شريعة.

يُؤكد العلّامة ابن القيّم -رحمه الله- على ذلك بقوله: “في هذا والله أعلم تنبيه على تحسين الأفعال المناسبة لتحسين الأسماء؛ لتكون الدعوة على رؤوس الأشهاد بالاسم الحَسن، والوصف المناسب له”.[١١]

أهميّة اختيار الأسماء الحسنة: تأثّرٌ على نداء يوم القيامة

يُستدلّ من الأدلة السّابقة على أهميّة اختيار أحسن الأسماء وأفضلها للفرد، فالنبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال:

> “(إنَّكم تُدْعَوْن يومَ القيامةِ بأسمائِكم وأسماءِ آبائِكم فحسِّنوا أسماءَكم)”.[٣]

كما أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يُغيّر الأسماء غير المرغوبة إلى أسماءٍ أحسن، كما في حديثٍ مُرسلٍ يقول:

> “(كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ إذا سمع الاسمَ القبيحَ حوَّلَه إلى ما هو أحسنُ منهُ)”.[١٢]

وقد بدّل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عدّة أسماء، منها:

* عاصية إلى جميلة
* العاصي إلى مطيع
* شِهاب إلى هشام
* حبّاب إلى عبدالله
* عتلة إلى عُتبة
* غراب إلى مُسلم

إنّ اختيار أحسن الأسماء يُعتبر تأسياً بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ويُؤثر على النداء يوم القيامة.

يوم القيامة: أعظم الأحداث

يُعتبر يوم القيامة نهاية الحياة الدنيا، ويوم الحساب على جميع الأعمال، وحصول كل فرد على جزائه إمّا في الجنّة أو النار. وهو يومٌ عظيم له أسماءٌ عديدة، مثل:

* يوم الفَصْل
* يوم الحساب
* يوم البعث
* يوم الخلود
* يوم الخروج
* يوم الدِّين
* يوم الوعيد
* يوم الجَمْع
* الغاشية
* الطامّة الكُبرى
* الصاخّة
* القارعة

ويُؤكد الإسلام على ضرورة الإيمان بيوم القيامة، فلا يصحّ الإيمان إلا بالتصديق به. قال الله -تعالى-:

> “(وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)”.[١٥]

يتضمن يوم القيامة مراحل وأحداث عظيمة، منها:

* علامات السّاعة
* النَفْخ في الصُّور
* حَشْرٍ
* حسابٍ
* خلودٍ في الجنّة أو النّار

وقد ذكر الله -تعالى- يوم القيامة في أكثر من موضعٍ في القرآن الكريم، منها:

> “(اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّـهِ حَدِيثًا)”.[١٦]

> “(ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا)”.[١٧]

إنّ استشعار عظمة يوم القيامة، يُحفّز المسلم على التقوى في أقواله وأفعاله، ويسعى إلى الحياة المُوافقة لقيم الإسلام.

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1735، صحيح.
  2. حسن أبو الأشبال الزهيري، شرح صحيح مسلم، صفحة 3، جزء 86. بتصرّف.
  3. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 5818، أخرجه في صحيحه.
  4. زين الدين المناوي (1356هـ)،فيض القدير شرح الجامع الصغير(الطبعة الأولى)، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 553، جزء 2. بتصرّف.
  5. سعيد القحطاني (1421هـ)،فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري(الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، صفحة 1076، جزء 2. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 1676، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 4782، صحيح.
  8. عبد الله زقيل،”عجبا .. هل ينادى عليك يوم القيامة باسم أمك ؟! ..”،www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-6-2020. بتصرّف.
  9. سورة الإسراء، آية: 71.
  10. محمد الصنعاني (2012م)،التَّحبير لإيضَاح مَعَاني التَّيسير(الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: مَكتَبَةُ الرُّشد، صفحة 374-375، جزء 1. بتصرّف.
  11. محمد بن علان،الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية، لبنان: جمعية النشر والتأليف الأزهرية، صفحة 104، جزء 6. بتصرّف.
  12. رواه بن حجر العسقلاني، في فتح الباري لابن حجر، عن عُروة بن الزبير، الصفحة أو الرقم: 10/591، مرسل.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2139، صحيح.
  14. موسى شاهين (2002م)،فتح المنعم شرح صحيح مسلم(الطبعة الأولى)، عمان-الأردن: دار الشروق، صفحة 437، جزء 8. بتصرّف.
  15. سورة النساء، آية: 136.
  16. سورة النساء، آية: 87.
  17. سورة الطلاق، آية: 2.
  18. محمد التويجري (2012)،اليوم الآخر(الطبعة الخامسة)، المملكة العربية السعودية: دار أصداء المجتمع للنشر والتوزيع، صفحة 6. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

خصائص النفط العربي

المقال التالي

كلمات أغنية “بموت عليك” لجورج طحان

مقالات مشابهة