كيفية ثبوت دخول شهر رمضان
جدول المحتويات
بدء شهر رمضان: تحديد بداية الشهر المبارك
يبدأ شهر رمضان برؤية الهلال بعد غروب الشمس، وهو ما يُعرف بالشهر الهلالي أو الشرعي. تختلف مدة الأشهر القمرية بين 29 و30 يومًا، وتتابع هذه الأشهر في الكمال أو النقص مرة أو مرتين. [1]
يتم تحديد بداية الشهر القمري من لحظة ولادة القمر، وهي لحظة الاقتران المركزي؛ أي تواجد الشمس والأرض والقمر على خط محوري عمودي واحد، ويكون القمر في هذه الحالة مُحاقًا. [2]
بعد ولادة القمر، يظهر الهلال بعد فترة تتراوح بين 11 و 19 ساعة، ويُطلق على هذه الفترة “عمر القمر”. [2]
ثبوت دخول شهر رمضان برؤية الهلال
تُعرف الرؤية بأنها إبصار الشيء بالعين، وتعتبر رؤية الهلال بالعين الأساس الذي يُعتمد عليه في إثبات الهلال ودخول الشهر.
قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: “إذا رَأَيْتُمُ الهِلالَ فَصُومُوا، وإذا رَأَيْتُمُوهُ فأفْطِرُوا، فإنْ غُمَّ علَيْكُم فَصُومُوا ثَلاثِينَ يَوْمًا”. [3] [4]
كيفية التأكد من رؤية الهلال
يثبت دخول رمضان برؤية شاهد عَدل لهلال شهر رمضان بعد غروب الشمس ليلة الثلاثين من شهر شعبان.
يجب أن تكون الرؤية بالعين المجردة، دون استخدام أي وسيلة مساعدة، وأن يكون الشاهد عادلًا لا يُعرف عنه الفسوق، ولا يُشترط فيه التقوى. يجب أن تكون الشهادة صريحة مثل: “أشهد أنّي رأيت الهلال”، أو “أنّه أهلَّ”. [5]
يمكن أيضًا ثبوت دخول رمضان برؤية جماعة غفيرة، يُسمى برؤية الاستفاضة، والتي حدّد العلماء معناها بما زاد على ثلاثة أشخاص. يشترط في هذه الحالة أن يكون الجوّ صحواً، بدون غيوم أو أي عائق يمنع رؤية الهلال. [6]
ثبوت دخول الشهر بشهادة عدل واحد
اختلف الفقهاء في ثبوت دخول شهر رمضان بشهادة رجل عدل واحد:
* **الحنفية**: يرى المشهور عندهم ثبوت دخول الشهر بشهادة شاهد عدل واحد حتى مع وجود غيوم في السماء.
* **المالكية**: يرى المشهور عندهم عدم ثبوت دخول الشهر بشهادة الواحد.
* **الشافعية**: اختلفت آراء الشافعية بين قبول وعدم قبول شهادة الواحد، لكن المشهور عندهم هو قبول شهادته في إثبات دخول الشهر.
* **الحنابلة**: يقبلون شهادة الواحد في إثبات دخول الشهر ويجب على الناس الصيام بشهادته.
يُمكن للمرأة أن تشهد برؤية الهلال عند الحنفية والحنابلة، بينما لا تُقبل شهادتها عند المالكية والشافعية. [8]
ثبوت دخول الشهر بشهادة عدلين
اختلف الفقهاء أيضًا في ثبوت شهر رمضان بدخول الشهر بشهادة شاهدين عدلين:
* **الحنفية**: يفرقون بين الصحو والغيم؛ فإذا كانت السماء غائمة تكفي شهادة عدل واحد، أما إذا كانت صحواً فيشترطون شهادة جماعة غفيرة.
* **المالكية**: يثبتون دخول الشهر بشهادة رجلين عدلين في ثلاث حالات:
* وجود غيوم في السماء.
* سماء صافية ومنطقة صغيرة.
* سماء صافية ومنطقة كبيرة (في هذه الحالة لهم آراء مختلفة بين قبول وعدم قبول الشهادة).
* **الشافعية**: اتفقوا على ثبوت دخول الشهر بشهادة رجلين عدلين لتأكيد الرؤية.
* **الحنابلة**: يثبت عندهم دخول الشهر برؤية رجلين عدلين دون خلاف. [9]
اعتبار وحدة المطالع واختلافها
المطلع هو المكان الذي يطلع منه القمر بطرفه الهلالي الذي يُصبح واضحًا لأهل الأرض وقت غروب الشمس. يُؤثر ذلك الهلال على بداية دخول أول ليلة من الشهر القمري.
اتّفق الفقهاء على أنّ اختلاف مطالع الهلال من المسائل المُعتبرة في الشرع، وهي ظاهرة كونية لا يُنازع فيها أحد. [10]
إن اتحد غروب الشمس والكواكب وطلوعها في وقت واحد ومكان واحد، يُسمى اتّحاد المطالع. أما إذا اختلف أحدهم، يُسمى اختلاف المطالع. [11]
اختلف الفقهاء في اعتبار اختلاف مطالع الهلال في ثبوت الشهر لجميع المسلمين، أم أنّ الأمر مُقتصر على البلد الذي رأى الهلال:
* **القول الأول**: لا عبرة باختلاف المطالع؛ فيجب على كلّ البلدان الصوم بمُجرّد رؤيته في بلد مُعيّن. هذا هو قول بعض الحنفية، والمشهور من مذهب المالكية، ومذهب الحنابلة، وقول عند الشافعية. [12] * **القول الثاني**: اختلاف المطالع مُعتبر مُطلقاً؛ فكلّ بلد مُلزَم بالصوم حال رؤية الهلال، ولا يُلزَم بالصوم أيّ بلد آخر. [12] * **القول الثالث**: اعتبار المسافة في المطالع؛ فإن كانت البلاد متقاربة، فيجب الصيام لرؤية إحدى تلك البلاد، وإن تباعدت المسافة فلا يجب الصيام برؤية بلد آخر. [12]
حالة غياب الرؤية البصرية
أطلق النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على حالة انعدام الرؤية البصرية للهلال في اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان اسم “الغمّ”؛ وهو وجود سحاب وغيم في السماء يمنع رؤية القمر. [15]
في هذه الحالة، يجب استكمال شهر شعبان ثلاثين يوماً، ثمّ يكون الصيام في اليوم الذي يليه؛ سواءً رأوا الهلال، أم لم يَرَوه، أو كان هناك غيم، أم لم يكن. [15]
استخدام الحساب الفلكي في تحديد بداية الشهر
أصحاب رأي اعتماد الحساب الفلكي
يرى بعض العلماء جواز الاستئناس بالحساب الفلكيّ لبدء الصيام. [17]
يُمكن اعتماد الحساب في حقّ الحاسب، خاصّة إذا كان هناك غيم في السماء، ويجب أن يتم ذلك من مجموعة من أهل الحساب الذين يُؤمَن على دينهم، ويخبرون بذلك عن يقين أو غلبة ظنّ، مع اتّفاقهم على صحّة الحساب. [17]
أصحاب رأي عدم اعتماد الحساب الفلكي
يذهب بعض الفقهاء بعدم اعتبار الحساب الفلكي لصيام رمضان، وهو القول المعتمد عند الحنفية والشافعية والإمام مالك. [19]
يُعتمد على رؤية الهلال فقط، ولا يُعتبر أي طريق آخر، مثل الحساب الفلكي، لأنها تعتمد على التخمين والحدس. [19]
المراجع
- [1] عماد أحمد البرغوثي، محمود أحمد أبو سمرة، حسام الدين موسى عفانه، حميد مجول النعيمي، “الأهلة بين الفلك والفقه”، مجلة الجامعة الإسلامية، العدد الثاني، المجلد الثاني عشر، صفحة 227. بتصرّف.
- [2] عمر محمد فؤاد أبو الرب (2017)، الهلال بين الرؤية والحساب، صفحة 27، جزء الثالث. بتصرّف.
- [3] رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1081، صحيح.
- [4] أحمد بن عبد الله بن محمد الفريح، أحكام الأهلة والآثار المترتبة عليها (الطبعة الأولى)، السعودية: دار ابن الجوزي، صفحة 52. بتصرّف.
- [5] سعيد بن محمد باعلي باعشن الدوعني الحضرمي الشافعي (2004)، شرح المقدمة الحضرمية المسمى بُشرى الكريم بشرح مسائل التعليم (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المنهاج، صفحة 540-541. بتصرّف.
- [6] وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 24-25، جزء 22. بتصرّف.
- [7] أحمد بن عبد الله بن محمد الفريح، أحكام الأهلة والآثار المترتبة عليها (الطبعة الأولى)، السعودية: دار ابن الجوزي، صفحة 67-69. بتصرّف.
- [8] وهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرَّابعة)، سوريَّة – دمشق : دار الفكر، صفحة 1656، جزء 3. بتصرّف.
- [9] أحمد بن عبد الله بن محمد الفريح، أحكام الأهلة والآثار المترتبة عليها (الطبعة الأولى)، السعودية: دار ابن الجوزي، صفحة 59-64. بتصرّف.
- [10] محمد محمود أحمد طلافحة، أثر اختلاف المطالع في بدء الصوم والإفطار، صفحة 5-6. بتصرّف.
- [11] سعيد بن محمد باعلي باعشن الدوعني الحضرمي الشافعي (2004)، شرح المقدمة الحضرمية المُسمى بُشرى الكريم بشرح مسائل التعليم (الطبعة الأولى)، لبنان-بيروت: دار المنهاج، صفحة 543. بتصرّف.
- [12] محمد محمود أحمد طلافحة، أثر اختلاف المطالع في بدء الصوم والإفطار، صفحة 8-18. بتصرّف.
- [13] سورة البقرة، آية: 185.
- [14] رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1909، صحيح.
- [15] رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1080، صحيح.
- [16] محمد عبد المقصود جاب الله، القول السديد في إثبات هلال رمضان والعيد، صفحة 154-155. بتصرّف.
- [17] بتصرّف. عماد أحمد البرغوثي، محمود أحمد أبو سمرة، حسام الدين موسى عفانه، حميد مجول النعيمي (2004)، “الأهلة بين الفلك والفقه”، مجلة الجامعة الإسلامية، العدد الثاني، المجلد الثاني عشر، صفحة 240-241. بتصرّف.
- [18] رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1913، صحيح.
- [19] وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 33-35، جزء 22. بتصرّف.
- [20] “تعريف و معنى محاق في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-3-2020. بتصرّف.