فهم العلامات والأعراض
يُعد فهم طبيعة الاضطراب ثنائي القطب (بالإنجليزية: Bipolar disorder) أمرًا بالغ الأهمية، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب. إن الوعي بالمرض يمثل الدافع الأساسي لطلب المساعدة الطبية، وهو الخطوة الأولى نحو التشخيص السليم والعلاج الفعال. يتميز الاضطراب ثنائي القطب بتقلبات مزاجية حادة تتأرجح بين فترات الهوس (بالإنجليزية: Mania) أو الهوس الخفيف (بالإنجليزية: Hypomania) – وهي حالات تتميز بمزاج مرتفع بشكل غير طبيعي، وزيادة في الطاقة، والانفعال – وفترات الاكتئاب (بالإنجليزية: Depression) التي تتسم بالشعور باليأس والحزن وفقدان الاهتمام والاستمتاع بالأنشطة اليومية. يمكن لهذه التقلبات المزاجية أن تؤثر بشكل كبير على النوم، والطاقة، والنشاط، والسلوك، والقدرة على التفكير بوضوح.
تتسبب هذه التغيرات الحادة في صعوبات جمة على مستوى الحياة اليومية للفرد، وتعطّل قدرته على القيام بالمهام الاعتيادية. من الضروري التنبّه إلى هذه الأعراض والتمييز بينها وبين التقلبات المزاجية الطبيعية، وذلك لضمان الحصول على التشخيص والعلاج المناسبين في أقرب وقت ممكن.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء”. هذا الحديث يعطينا أملاً في إيجاد العلاج المناسب لكل داء، بما في ذلك الاضطرابات النفسية.
الإجراءات الطبية والتحاليل
على الرغم من عدم وجود اختبارات دم محددة أو فحوصات دماغية قادرة على تشخيص الاضطراب ثنائي القطب بشكل قاطع، إلا أن الفحص الطبي الشامل يلعب دورًا حيويًا في عملية التشخيص. يقوم الطبيب بإجراء فحوصات جسدية شاملة ويعتمد على التحاليل المخبرية لاستبعاد الأسباب الأخرى المحتملة التي قد تؤدي إلى ظهور أعراض مشابهة. تشمل هذه التحاليل اختبار وظيفة الغدة الدرقية وتحليل البول. يُعرف أن قصور الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Hypothyroidism) يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في وظائف الدماغ، مما قد يتسبب في ظهور أعراض الاكتئاب أو اضطراب المزاج.
قد يتضمن الفحص الطبي أيضًا التصوير بالرنين المغناطيسي، أو التصوير المقطعي بالإصدار البوزتروني (PET scan)، أو التصوير الطبقي المحوري. تساعد هذه التقنيات التصويرية في تحديد التشوهات المحتملة أو التغييرات في بنية أو كيمياء الدماغ المرتبطة بالاضطراب ثنائي القطب. بالإضافة إلى ذلك، يسعى الطبيب إلى استبعاد احتمال ظهور الأعراض كآثار جانبية لبعض الأدوية التي يتناولها المريض.
من المهم التأكيد على أن هذه الفحوصات الطبية تهدف إلى استبعاد الأسباب العضوية المحتملة للأعراض، وتوفير صورة شاملة لحالة المريض الصحية، مما يساعد في الوصول إلى تشخيص دقيق للاضطراب ثنائي القطب.
التقييم النفسي المتخصص
بعد استبعاد الأسباب الطبية المحتملة، يقوم الطبيب بتحويل المريض إلى طبيب نفسي متخصص لتقييم حالته وتشخيصها بدقة. يجري الطبيب النفسي محادثات مفصلة مع المريض حول أفكاره ومشاعره وأنماط سلوكه. وقد يطلب منه أيضًا ملء استبيانات أو اختبارات نفسية ذاتية التقييم.
بالإضافة إلى ذلك، قد يطلب الطبيب النفسي معلومات من أفراد العائلة أو الأصدقاء المقربين حول الأعراض التي يعاني منها المريض، وذلك بعد الحصول على موافقته. يمكن لهذه المعلومات أن توفر رؤية شاملة لسلوك المريض وتساعد في تحديد طبيعة التقلبات المزاجية التي يمر بها.
قد يطلب الطبيب أيضًا من المريض الاحتفاظ بسجل يومي لحالته المزاجية وأنماط نومه وغيرها من العوامل التي يمكن أن تساعد في التشخيص والعثور على العلاج المناسب. بناءً على كل هذه المعلومات، يقوم الطبيب النفسي بمقارنة الأعراض التي يعاني منها المريض بالمعايير الخاصة بالاضطرابات ثنائية القطب والاضطرابات الأخرى المعتمدة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM) الذي نشرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي، وذلك للوصول إلى التشخيص النهائي للمرض.
قال تعالى: “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ”. هذا يدل على أن القرآن الكريم يحمل في طياته شفاء للأمراض الروحية والنفسية، ويمكن الاستعانة به في رحلة العلاج.
المراجع
- Brian Krans (25-9-2017),”Diagnosis Guide for Bipolar Disorder”،www.healthline.com, Retrieved 20-1-2019. Edited.
- Mayo Clinic Staff (31-1-2018),”Bipolar disorder Symptoms & causes”،www.mayoclinic.org, Retrieved 20-1-2019. Edited.
- Brian P. Dunleavy (30-4-2018),”Bipolar Disorder Symptoms and Diagnosis: Understanding Changes in Mood and Other Telltale Patterns”،www.everydayhealth.com, Retrieved 20-1-2019. Edited.
- Mayo Clinic Staff (31-1-2018),”Bipolar disorder Diagnosis & treatment”،www.mayoclinic.org, Retrieved 20-1-2019. Edited.