مقدمة
يُعد كوكب عطارد (Mercury) أصغر الكواكب في نظامنا الشمسي، وأقربها إلى الشمس. هذا القرب الشديد يجعل رصده من الأرض مهمة صعبة. يشبه عطارد القمر في مظهره العام، لكنه يتميز بخصائص فريدة تميزه عن بقية الكواكب. سوف نستكشف هذه الخصائص بالتفصيل في هذا النص.
السمات الأساسية لعطارد
يعتبر عطارد أحد أصغر الكواكب الشمسية، ولا يمتلك أي أقمار أو حلقات تحيط به. يتميز بسرعة دورانه حول الشمس مقارنة بالكواكب الأخرى في المجموعة الشمسية. يرمز له بالرمز (☿). أطلق عليه الرومان هذا الاسم نسبة إلى أسرع آلهتهم. رُصد عطارد لأول مرة منذ حوالي 5000 عام في العصور السومرية، حيث اعتقدوا في البداية أنه نجمان: نجم يظهر في الصباح أطلقوا عليه اسم أبولو، ونجم يظهر في المساء عرف باسم هيرمس.
تفاوت درجة الحرارة
بسبب قربه الشديد من الشمس، تصل درجة حرارة سطح عطارد إلى حوالي 450 درجة مئوية خلال النهار. بسبب عدم وجود غلاف جوي حقيقي يحتفظ بالحرارة، تنخفض درجة الحرارة بشكل كبير لتصل إلى -170 درجة مئوية تحت الصفر خلال الليل. تبلغ المسافة المتوسطة بين عطارد والشمس ما بين 46 و 70 مليون كيلومتر.
المميزات المادية
يمكن تلخيص الخصائص الفيزيائية لعطارد على النحو التالي:
- الحجم: صغير جدًا، فهو أكبر قليلاً من قمر الأرض. يبلغ نصف قطره حوالي 2440 كيلومتر.
- الكتلة: تصل إلى حوالي 3.3022 × 10^23 كيلوغرام.
- الكثافة: ثاني أعلى كثافة في النظام الشمسي بعد الأرض، حيث تبلغ 5.427 غرام/سنتيمتر مكعب.
- الجاذبية: تقدر بـِ 3.7 متر/ثانية مربعة، أي ما يعادل 0.38 من جاذبية الأرض.
- المجال المغناطيسي: تبلغ قوة مجاله المغناطيسي حوالي 1.1% من قوة مجال الأرض، وذلك بسبب تركيبه العالي من الحديد.
- اللون والمظهر: لونه رمادي ومليء بالحفر بسبب عدم وجود غلاف جوي يحميه من الاصطدامات الخارجية.
تركيبة الغلاف الجوي
بسبب صغر حجمه وارتفاع درجة حرارته، لا يستطيع عطارد الاحتفاظ بغلاف جوي كبير. ومع ذلك، يمتلك غلافًا خارجيًا رقيقًا ومتغيرًا يتكون من مجموعة من الغازات. يُعتقد أن هذه الغازات تشكلت من الجزيئات التي التقطها الكوكب من الشمس، وانبعاث الغازات البركانية، والحطام الذي قذفته النيازك الدقيقة إلى المدار. تشمل هذه الغازات:
- الهيدروجين
- الهيليوم
- الأكسجين
- الصوديوم
- الكالسيوم
- البوتاسيوم
- بخار الماء
عدم وجود غلاف جوي مناسب يجعل عطارد عرضة لتقلبات كبيرة في درجات الحرارة.
الجوانب المدارية
يتميز كوكب عطارد بالجوانب المدارية التالية:
- السرعة المدارية: متوسط سرعته المدارية حول الشمس يصل إلى 47.362 كيلومتر/ثانية. يستغرق حوالي 87.969 يومًا أرضيًا لإكمال دورة واحدة حول الشمس.
- سرعة الدوران: متوسط سرعة دورانه حول نفسه أقل من دورانه حول الشمس، حيث يصل إلى 10.892 كيلومتر/ساعة. يستغرق 58.646 يومًا لإكمال دورة واحدة حول نفسه. اليوم الواحد على عطارد أطول من عامين، حيث يصل إلى 176 يومًا أرضيًا، وذلك لأن الدورة الواحدة لا يصاحبها غروب وشروق الشمس كما يحدث في الكواكب الأخرى.
- الميل المحوري: يُعد أدنى ميل محوري لأي كوكب في المجموعة الشمسية، حيث يبلغ حوالي 0.027 درجة.
التركيب الداخلي
يتكون كوكب عطارد من حوالي 70% عناصر ثقيلة و 30% مادة السيليكا. يمكن توضيح تركيبه وطبقاته كالتالي:
- النواة (Core): تحتوي على أعلى نسبة حديد مقارنة بأي كوكب رئيسي آخر في النظام الشمسي.
- الغطاء (Mantle): يُعتقد أنه مكون من الحديد المنصهر المحاط بغطاء من مادة السيليكات، ويتراوح سمكه بين 500 و 700 كيلومتر.
- القشرة الخارجية (Crust): يُعتقد أن سمكها يتراوح ما بين 100 و 300 كيلومتر.
العناصر السطحية
يتميز سطح عطارد بوجود العديد من التلال الضيقة التي يصل طولها إلى مئات الكيلومترات، ويعتقد أنها تشكلت عندما بردت طبقتا النواة والغطاء وانكمشتا، في الوقت الذي تصلبت فيه طبقة القشرة. يتميز سطحه أيضًا بالتنوع الجيولوجي، مثل:
- التلال المجعدة (Dorsa)
- الجبال (Montes)
- السهول (Planitiae)
- الجُرف (Rupes)
- الوديان (Valles)
أشهر التضاريس
من أبرز المعالم الجيولوجية على سطح كوكب عطارد:
- حوض كالوريس: حفرة تصادمية واسعة يبلغ عرضها 1550 كيلومترًا، نتجت عن اصطدام كويكب بعطارد قبل حوالي أربعة مليارات سنة.
- جليد مائي على القطبين: تم اكتشاف جليد مائي في الحفر المحيطة بقطبي كوكب عطارد الشمالي والجنوبي في عام 2012. هذه المناطق مظللة بشكل دائم من حرارة الشمس.
محاولات الاستكشاف
يعتبر عطارد أحد الكواكب الخمسة التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة. رُصد لأول مرة بالتلسكوبات في القرن السابع عشر من قبل جاليليو جاليلي وتوماس هاريوت. كان الوصول إلى عطارد ورؤيته عن قرب صعبًا جدًا بسبب الحاجة إلى سرعة كبيرة وقربه من الشمس ومداراته غير المستقرة.
من أهم المركبات الفضائية التي استكشفت عطارد:
- مارينر 10: أول مركبة فضائية تابعة لناسا وصلت إلى كوكب عطارد، وصورت حوالي 45% من سطحه في السبعينات.
- ماسنجر الفضائية: أطلقت عام 2004 ودخلت مدار عطارد عام 2011، وحلقت بالقرب منه لثلاث مرات، ودارت حوله لمدة أربع سنوات قبل أن تتحطم على سطحه.
- بيبيكولومبو: مهمة مشتركة بين وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (JAXA) ووكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، أطلقت عام 2018 بهدف الوصول إلى عطارد في عام 2025.