نظرة عامة على مدينة قسنطينة
قسنطينة، المعروفة أيضًا بأسماء عديدة مثل عاصمة الشرق ومدينة الجسور المعلقة، تعتبر واحدة من أكبر المدن الجزائرية وأكثرها أهمية. تحمل قسنطينة لقب “مدينة أم الحواضر” و “مدينة الصخر العتيق”، وذلك لما تتمتع به من تاريخ طويل يعود لآلاف السنين. تتميز المدينة بموقعها الفريد على صخرة كلسية صلبة، مما يمنحها طابعًا معماريًا مميزًا يميزها عن غيرها من المدن.
على مر العصور، شُيدت في قسنطينة ثمانية جسور لعبور الوديان العميقة التي تحيط بالمدينة. لسوء الحظ، تعرض بعض هذه الجسور للإهمال والتخريب، ولكن ما تبقى منها لا يزال شامخًا ليشهد على تاريخ المدينة العريق ويحكي قصصًا من الماضي.
استعراض لبعض عادات وتقاليد قسنطينة
تتميز مدينة قسنطينة بتراث ثقافي غني يتجلى في العديد من العادات والتقاليد التي تميز أهلها وتاريخها. هذه التقاليد تم تناقلها عبر الأجيال وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من هوية المدينة.
الأزياء التقليدية: العجار والملاية
تعتبر العجار والملاية جزءًا أساسيًا من الزي التقليدي للمرأة القسنطينية. الملاية هي عبارة عن قطعة قماش سوداء كانت ترتديها المرأة عند الخروج من المنزل. هناك روايات تاريخية تشير إلى أن الملاية كانت تُرتدى كنوع من الحداد والحزن على وفاة صالح باي، الذي كان يتمتع بمكانة خاصة وشعبية كبيرة بين سكان المدينة.
فن تقطير ماء الورد والزهر
تُعرف المرأة القسنطينية بأناقتها وحبها للعطور والنباتات العطرية. من بين التقاليد التي ما زالت تحافظ عليها هي عادة تقطير الورود والزهور في كل عام. يعود تاريخ هذه العادة إلى عهد البايات، وما زالت العديد من العائلات تحافظ عليها حتى اليوم. يبدأ موسم التقطير مع بداية فصل الربيع، وغالبًا ما يصاحب هذه المناسبة احتفالات وولائم تعبيرًا عن الفرح بقدوم الموسم. يستخدم ماء الورد المقطر في صناعة بعض الأطباق والحلويات، كما يضاف إلى القهوة لإضفاء نكهة مميزة. بالإضافة إلى ذلك، يستخدم ماء الورد في بعض الأغراض التجميلية والصحية.
الموسيقى الأندلسية: المالوف القسنطيني
المالوف هو الاسم الذي يطلق على التراث الموسيقي الأندلسي في قسنطينة. يتميز هذا النوع من الموسيقى الكلاسيكية بفرادته وتميزه عن الأنواع الأخرى الموجودة في المدن والمدارس الموسيقية الأخرى في الجزائر، مثل مدرسة الجزائر وتلمسان.
تتميز موسيقى المالوف بتركيباتها الإيقاعية وهيكلة النوبات الخاصة بها. من بين أشهر شيوخ الموسيقى في قسنطينة: عبد الكريم بوسطانجي، وبوكبوس نسيم، والشيخ حسونة، وعلاوة بن طبّال، وعمر شقلب، وحمو الفرقاني، والشيخ كواك، والشيخ جعيدر، وبلعمري محمّد العربي، ومُعمّر براشي. وتشتهر مدينة قسنطينة بتنظيم مهرجان وطني خاص بالموسيقى المالوف.
الحرف والصناعات اليدوية
تعتبر الحرف والصناعات التقليدية في قسنطينة من أهم الروابط التي تربط المدينة بتراثها الحضاري والثقافي العريق. تضم الشبكة الحرفية في المدينة أكثر من مئة نشاط حرفي مختلف، ويعمل بها أكثر من 8218 حرفيًا. تشتهر قسنطينة بحوالي سبع عشرة صناعة تقليدية، بما في ذلك صناعة المجوهرات الذهبية والفضية، وصناعة الخزف، والنقش على الخشب، وصناعة الأواني النحاسية والجبسية، وصناعة الزجاج، وصناعة الألبسة المطرزة، والرسم على الحرير، والحرج، والفتلة، والخياطة، وإعداد الحلويات التقليدية.