كنوز الأردن الدفينة: استكشاف السياحة التاريخية

اكتشف أهمية السياحة التاريخية في الأردن، وأبرز المواقع الأثرية، وجهود التنمية المستدامة للحفاظ على هذا الإرث الثقافي.

السياحة التاريخية في الأردن

يجذب الأردن الزوار من جميع أنحاء العالم بآثاره العريقة، مثل القلاع والفسيفساء، التي تعكس إرث الحضارات والإمبراطوريات المختلفة التي استوطنت الأراضي الأردنية. بالإضافة إلى ذلك، تشتمل الآثار على المدرجات الرومانية والمسارح والمعابد. يعتبر الأردن وجهة سياحية بارزة على الصعيدين الأثري والتاريخي في العالم العربي، وهو بمثابة متحف مفتوح يعرض القصور والمواقع الأثرية التي خلفتها الحضارات على مر القرون. شهد الأردن تعاقب حضارات متعددة عبر التاريخ، كالحضارة الرومانية والبيزنطية والإسلامية والمسيحية المبكرة وغيرها.

أهمية السياحة التاريخية

تُعتبر مواقع التراث الثقافي الأردنية من أهم عوامل الجذب السياحي للأردن، حيث تشكل المواقع الأثرية حجر الزاوية للقطاع السياحي. تعرض هذه المواقع الحضارات المتعاقبة على مر تاريخ الأردن، مما يجعلها وجهة يقصدها السياح من جميع أنحاء العالم. يُعد القطاع السياحي أحد أهم دعائم الاقتصاد الأردني. إن مشاهدة المواقع الأثرية تتيح للزوار السفر عبر الزمن وتخيل الممالك التي مرت بها، والشعور بالأهمية التاريخية لتلك المواقع، حيث تروي أنقاضها قصص البطولة وتعرض جمال العمارة، مما يثير إعجاب السياح بالهياكل الأثرية العظيمة.

أشهر المواقع الأثرية في الأردن

كان الأردن على مر العصور موطناً للعديد من الحضارات القديمة، بدءاً من الحضارة النبطية وصولاً إلى الحضارة الرومانية. تقف الآثار القديمة اليوم شاهدةً على ذلك، وتثير إعجاب الزوار جيلًا بعد جيل. فيما يلي أبرز المواقع الأثرية في الأردن:

  • البتراء: تُعرف بـ “المدينة الوردية”، وهي مدينة منحوتة في الصخر نحتها الأنباط العرب خلال فترة حكمهم للمنطقة. تعد البتراء وجهة سياحية رئيسية، حيث يسير الزوار عبر ممر صخري ضيق يسمى السيق للوصول إلى الخزنة، وهي من أشهر معالم المدينة. تحتوي البتراء على آلاف المعابد والكهوف والقاعات وغيرها.
  • مدينة جرش الأثرية: تُعتبر مدينة جرش أكبر موقع يضم آثارًا رومانية في الأردن، ومصدر جذب سياحي هام. تعكس بوابات المدينة وشوارعها ومعابدها ومسارحها الأهمية التي حظيت بها كمركز مهم للإمبراطورية الرومانية. تشمل أشهر المواقع الأثرية في جرش قوس النصر (قوس هادريان)، وساحة الندوة التي تتميز بشكلها الفريد ومساحتها الشاسعة، وشارع الأعمدة.
  • خريطة الفسيفساء في مادبا: تُعتبر خريطة مادبا الفسيفسائية، التي يعود تاريخها إلى القرن السادس الميلادي، أقدم خريطة للأراضي المقدسة. تقع في كنيسة القديس جورج للروم الأرثوذكس في مادبا، وتتميز بأهميتها التاريخية واحتوائها على تفاصيل دقيقة، حيث يمكن رؤية مدن كاملة مثل القدس وأريحا وبيت لحم.
  • قلعة عمان: تقع القلعة على قمة جبل القلعة في عمان، وتتيح للزوار مشاهدة الآثار والفنون المعمارية المختلفة التي تعود إلى العصور الرومانية والأموية والبيزنطية، بالإضافة إلى الاستمتاع بمشاهدة مدينة عمان بأكملها من الأعلى. تشمل المعالم البارزة في القلعة معبد هرقل والكنيسة البيزنطية والقصر الأموي، بالإضافة إلى متحف صغير يعرض التحف الفخارية والمعدنية والاكتشافات الفنية الأخرى.
  • مدينة أم قيس: تُعرف أيضًا باسم جدارا، وهي مدينة يونانية رومانية تحتوي على العديد من الآثار مثل شوارع الأعمدة والحمامات والمعابد والمسارح، بالإضافة إلى ميدان لسباق الخيل. تحتل المدينة موقعًا متميزًا، حيث يمكن لزوارها مشاهدة بحيرة طبريا وجبل الشيخ ومرتفعات الجولان السورية، بالإضافة إلى السهول الفلسطينية الشمالية.
  • المدرج الروماني في عمان: تم بناء المدرج الروماني في عهد الإمبراطور الروماني أنطونينوس بيوس بين عامي 138 و161 ميلادي، وهو عبارة عن مسرح ذي سلالم شديدة الانحدار تستخدم كمقاعد لما يقارب 6,000 شخص. تم بناء المدرج في الجهة الشمالية لإبعاد أشعة الشمس عن الحضور. تم ترميم المسرح في عام 1957 من قبل الحكومة الأردنية ليظهر بمظهر رائع.

النهوض بالسياحة التاريخية

يحتوي الأردن على العديد من موارد التراث الثقافي، وتعتبر المواقع الأثرية من الموارد المهمة للبلاد. يتميز الأردن باحتوائه على معالم سياحية مشهورة محلياً وعالمياً، وقد تم استحداث مشروع استدامة الإرث الثقافي بمشاركة المجتمعات المحلية من أجل الحفاظ على هذه الموارد. تولي الحكومة الأردنية اهتماماً كبيراً بقطاع السياحة، من خلال الحرص على عدم تعرض المواقع الأثرية لأي إساءة باعتبارها شواهد على التاريخ. تشجع الحكومة القطاع الخاص على الاستثمار في قطاع السياحة وتوفر الفرص والحوافز له من أجل ذلك، بالإضافة إلى قيامها بأعمال البنية التحتية الضرورية لإقامة المشاريع الاستثمارية في المواقع السياحية وغيرها.

إنجازات مشروع المجتمعات المحلية

المشروع التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بالاختصار (SCHEP)، عمل على إشراك المجتمعات المحلية في خمسة مواقع أردنية ساهمت في مساعدة المجتمعات في الحفاظ على موارد التراث الثقافي الخاص بها بنفسها، وإدارتها، وتسويق هذه الموارد للزوار المحليين لضمان استمرارية هذه الموارد كموارد طويلة الأجل، ويتم تحقيق ذلك من خلال مشاريع تطوير المواقع، ويقوم المشروع بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار وقسم الآثار بتطوير مجموعة من المهارات والمعرفة والأدوات للحفاظ على المواقع وعرضها والترويج الدائم لها، وإدارتها، ويتم ذلك من خلال العمل مع المعنيين في ذلك، ومنهم: علماء الآثار، والمرشدين السياحيين، وكليات الجامعات الأردنية، والمسؤولين الحكوميين، والمجتمعات المضيفة لمراكز حقوق الإنسان، ويتلخص عمل المشروع في بناء مجتمع متعاون يهدف لدمج الترويج السياحي مع الحفاظ على التراث الثقافي. فيما يلي بعض من أهم الإنجازات التي حققها مشروع استدامة الإرث الثقافي بمشاركة المجتمعات المحلية:

  • دعم المشروع تسعة مواقع من مواقع التراث الثقافي الموجودة في مناطق مختلفة من الأردن، وهي على النحو الآتي: غور الصافي (الكرك)، البصيرة (الطفيلة)، أم الجمال (المفرق)، بير مدكور (وادي عربة)، معبد الأُسود المجنحة (البتراء)، بيت راس (إربد)، مواقع لفن النقش على الصخور (وادي رم)، آيلة (العقبة)، متحف الحديقة الأثرية (مادبا).
  • تدخل المشروع بتحسين التعليم، وزيادة دَور المجتمع، وتحسين مرافق المواقع، وبالتالي تم زيادة نسبة الزيارات إلى 57%، وتقليل نسبة التهديدات إلى 70%.
  • تدريب ما يقارب 135 فرداً، بما فيهم الشباب المحليين تدريباً عملياً على أفضل الممارسات تجاه موارد التراث الثقافي على المواقع التسعة التي يدعمها المشروع، وإشراك أعضاء المجتمع المضيف لتعزيز وإدارة الموارد البشرية.
  • توفير فرص عمل وتحسين نوع الوظائف المطروحة للمجتمع المضيف في مركز موارد التراث الثقافي؛ حيث وفَّر المشروع 300 فرصة عمل في المناطق الريفية، وخاصةً المناطق الفقيرة التي تأثرت بارتفاع أعداد اللاجئين، وزيادة عدد الوظائف الخاصَّة بالذكور.
  • طرح برنامجاً تدريبياً مهنياً بالتعاون مع الجامعة الهاشمية؛ لتعزيز القدرة على المسح الأثري وتوثيق التراث، ويستهدف هذا البرنامج 11 موظفاً من إدارة الآثار ومتنزه البتراء الأثري.
  • دعم الشركات الصغيرة المرتبطة بمركز حقوق الإنسان؛ حيث ساهم في دعم إنشاء 4 شركات صغيرة، وهي: شركة جنوب الوادي للتراث الثقافي المستدام والتنمية السياحية في منطقة غور الصافي، وشركة يداً بيد في المفرق، ومؤسسة البصيرة للتراث الثقافي في الطفيلة، وشركة العقباوي في العقبة.
  • طرح المشروع برنامج تعليم التراث الثقافي بالتعاون مع العديد من المنظمات الأردنية الحكومية، وغير الحكومية؛ بهدف زيادة الوعي لدى الشباب الأردني، وقد استهدف هذا البرنامج أكثر من 6,000 شاباً.
  • طرح المشروع برنامجاً خاصَّاً بالمشروع للتدريب والزمالة؛ لتطوير المهارات المهنية للشباب والمهنيين، وتطوير الفرص المهنية لهم، وقد استهدف 78 شاباً.
  • أطلق المشروع 5 دوراتٍ تدريبية منفصلة في مجالاتٍ ترتبط بموارد التراث الثقافي، ومن هذه المجالات: نظم المعلومات الجغرافية، وإدارة المواقع، وترميم اللوحات الجدارية، وتوثيق التراث الثقافي.

قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [يوسف: 111].

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

استكشاف كرواتيا: دليل شامل للسياحة

المقال التالي

استكشاف السياحة في المواقع التاريخية

مقالات مشابهة