توضيح مفهوم العلم
في اللغة العربية، يُمكن فهم العلم على أنه الإدراك الجازم، والمعرفة التامة بالشيء وحقيقته. يشتق لفظ “العلم” من الفعل “عَلِمَ”، وجمعه “علوم”. فعندما يقال “عَلِمَ الشخص الخبر”، يعني ذلك أنه عرفه وأدركه وشعر به وتيقن منه.
يُستخدم مصطلح العلم للإشارة إلى مجموعة من القضايا والأسس الكلية التي تجمعها ناحية واحدة، مثل علم الرياضيات، وعلم النحو، وعلم الفيزياء، وعلم الكلام، وعلم الآثار، وعلم الأرض، وغيرها الكثير من فروع المعرفة.
أما اصطلاحًا، فيعني العلم: تجميعة المعلومات، والنظريات، والوقائع، والحقائق المضمنة في الكتب والمؤلفات العلمية. العلم يمثل المنهج والطريقة التي يتم بها التفكير والبحث؛ للوصول إلى حقيقة أو معرفة جديدة للظواهر المدروسة والعلاقات القائمة بينها. ويمكن التعبير عن العلم بأنه الاعتقاد الثابت المطابق للواقع، وحصول صورة الشيء في العقل. بالإضافة إلى ذلك، يمثل العلم مصدرًا لكل أنواع المعارف والتطبيقات التي يتضمنها، وهو المنظومة المترابطة من المعارف التي يتم الوصول إليها عبر المنهج العلمي.
السمات الجوهرية للعلم
للعلم سمات وخصائص متصلة يجب توافرها، وهي:
- التراكمية: المعرفة الجديدة تبدأ من حيث انتهت المعرفة القديمة. فالعلم هو إضافة الجديد إلى القديم، والنظريات الجديدة تحل محل القديمة إذا ثبت عدم صحتها.
- التنظيم: العلم منهجية منظمة بعيدة عن العفوية. عند دراسة علم ما، يقوم الباحث بتصنيف وتنظيم الأحداث والظواهر الخاصة به للوصول إلى النتائج المطلوبة.
- الموضوعية: تنفيذ خطوات البحث العلمي بعيدًا عن الميول الشخصية والتحيز، بحيث لا يخضع للآراء والمشاعر الشخصية للباحث؛ وبذلك يكون العلم موضوعيًا وبعيدًا عن أي تأثير خارجي.
- المنهجية: التوصل إلى النتائج المطلوبة من خلال اتباع منهج معين، سواء في جمع المعلومات أو التفكير أو التحليل.
- السببية: عند تفسير ظاهرة علمية ما بشكل صحيح، لا يمكن الاعتماد على الخرافة أو الصدفة، بل يجب أن يكون هناك سبب محدد يسعى لاكتشافه.
- التعميم: دراسة الظاهرة من خلال العينة، والانتقال من الحكم الجزئي إلى الحكم الكلي، علمًا بأن أسلوب التعميم يستخدم في حالة تعذر إجراء دراسة على كامل المجتمع الأصلي.
- اليقين: اليقين النسبي وليس المطلق، حيث إن هناك الكثير من النظريات الجديدة التي أثبتت عدم صحة نظريات قديمة.
- الدقة: الاتجاه نحو الدقة ولغة الأرقام الدقيقة والرياضيات.
- التجريد: ما يتوصل إليه العلم سينطبق على صفة أو حالة معينة، بحيث لا يختص بأفراد محددين بذواتهم.
- الحتمية: الأسباب ذاتها في ظاهرة ما ستؤدي بالضرورة إلى النتيجة ذاتها للظاهرة نفسها؛ فإجراء التجربة مرارًا وتكرارًا سيؤدي في كل مرة إلى النتيجة نفسها.
العناصر المكونة للعلم
يقصد بمكونات العلم: المعرفة العلمية التي تم الوصول إليها من خلال البحث والتقصي والتفكير. وهذه المكونات هي:
- الحقائق العلمية: ما تم التأكد من صحته بعد الملاحظة والتجريب، علمًا بأن هذه الحقائق ليست بالضرورة ثابتة؛ فهي تتغير باستمرار وفق نتائج البحث المستمر، وهي الأساس الذي تعتمد عليه المبادئ والمفاهيم والنظريات.
- المفاهيم العلمية: مصطلحات لها دلالة لفظية محددة، حيث تتكون هذه المصطلحات من خلال إدراك وفهم العلاقات القائمة في الظواهر أو الأشياء أو المعلومات.
- التعميمات العلمية: عبارة أو جملة لفظية تربط بين المفاهيم العلمية بناءً على الصفة المشتركة فيما بينها؛ فهي تمثل علاقة عامة متكررة في أكثر من موقف.
- القواعد العلمية: مجموعة مترابطة من المفاهيم العلمية التي تصف حدثًا أو ظاهرة ما بالكمية والنوعية.
- القوانين العلمية: مجموعة مترابطة من المفاهيم العلمية التي تصف حدثًا أو ظاهرة ما بالمقدار أو الكمية، وتكون القوانين العلمية دائماً على صورة علاقة رياضية، مثل (الكثافة= الكتلة/الحجم).
- النظريات العلمية: تصور ذهني وتفسير متكامل للظواهر العلمية والعلاقات بين مجموعة من المفاهيم والمبادئ والحقائق والقوانين؛ بهدف الوصول إلى فهم وتفسير ظاهرة ما، أو إعطاء حل مقترح لها، أو التنبؤ ببعض النتائج المستقبلية.
الأهداف الأساسية للعلم
يمكن إدراج غايات وأهداف العلم تحت الأهداف الرئيسية الأربعة الآتية:
- الوصف: يهدف العلم إلى وصف وفهم الأحداث والظواهر، بالاعتماد على التجريب والملاحظة وعلى استخدام الأجهزة والأدوات العلمية الخاصة.
- التفسير: الغرض الأساسي للبحث العلمي لا يقف عند وصف الظاهرة أو تصنيفها فقط، بل يتخطى ذلك ويتقدم إلى إيجاد تفسيرات واضحة وعلل واقعية لحدوثها، والمتغيرات المختلفة الحاصلة فيها، والسعي إلى معرفة الأسباب الظاهرة والكامنة فيها.
- التنبؤ: يعني هذا الهدف إمكانية توقع حدوث ظاهرة أو حدث ما، قبل أن تحدث فعليًا؛ أي محاولة تطبيق الاستنتاجات والتعميمات التي تم الحصول عليها على مواقف جزئية أخرى؛ من أجل الاستفادة منها في مجالات أوسع.
- الضبط والتحكم: الهدف من العلم لا ينحصر في تفسير الظواهر والأحداث والتنبؤ بها، بل يتخطى ذلك ويتوسع؛ للوصول إلى إمكانية ضبطها، ويعني الضبط: أن يتم التحكم والسيطرة على بعض العوامل والمتغيرات الأساسية التي تسبب ظاهرة أو حدثًا ما؛ بهدف إتمامها على صورة ما، أو منع وقوعها وحدوثها، وذلك بناءً على مصلحة الإنسان.