- قوم ثمود: شعبٌ من العرب العاربة
- ناقة صالح عليه السلام: معجزةٌ ودليلٌ على صدق الدعوة
- هلاك قوم ثمود: عقوبةٌ عادلةٌ على الكفر والعِناد
- دروسٌ مستفادة من قصة قوم ثمود: عبرٌ وعظةٌ للبشر
- المراجع
قوم ثمود: شعبٌ من العرب العاربة
قوم ثمود كانوا شعبًا من العرب العاربة، سكنوا منطقةً تُسمّى الحِجر، الواقعة بين الحجاز وتبوك. لقد مرّ الرسول صلى الله عليه وسلم مع المسلمين من مكانهم هذا أثناء رحلتهم إلى تبوك. سُمّي هذا القوم باسم “ثمود” نسبةً إلى جدّهم ثمود، أخي جديس. عاشوا في زمنٍ لاحق لقوم عاد، أي قوم هود عليه السلام، وكانوا يشبهونهم في كفرهم بالله وعبادة الأصنام.
أرسل الله تعالى إليهم نبيًّا منهم، وهو صالح بن عبد بن ماسخ بن عبيد بن حاجر بن ثمود. دعا قومه إلى الإيمان بالله تعالى وترك عبادة الأصنام، فآمن بعضهم وكفر أكثرهم. لقد آذى الذين كفروا صالحًا بأقوالهم وأفعالهم، وظلّوا يُؤذونه حتى همّوا بقتله بعد أن قتلوا الناقة التي أُرسلت إليهم معجزةً وبيِّنةً من الله تعالى على صدق رسالته ودعوته. فأخذهم الله حينها بكفرهم أخذ عزيز مُقتدر، جزاءً لكُفرهم وعِنادهم ومخالفتهم لأوامر الله تبارك وتعالى ورسوله الكريم.
ناقة صالح عليه السلام: معجزةٌ ودليلٌ على صدق الدعوة
كانت معجزة النبي صالح عليه السلام لقومه هي الناقة. قال قوم ثمود لصالح عليه السلام: “ائتنا بآية إن كنت صادقاً في دعوتك وكنت بالفعل رسولاً من الله تعالى”. فأمرهم صالح عليه السلام أن يخرجوا إلى هضبة في الأرض. فلمّا خرجوا إليها، وجدوها تتمخض كأنما هي حامل تتمخض عن مولودها، ثمّ شاء الله تعالى أن تنفرج هذه الصخرة وتخرج من وسطها ناقة. حينها قال لهم صالح عليه السلام في قوله تعالى:
(هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ)،
[٣]
وقال:
(قَالَ هَٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ)،
[٤]
وقد وردت رواية أخرى عن كيفية إظهار الله للناقة، مفادها أنّ قوم ثمود أشاروا إلى جبل وقالوا لصالح عليه السلام إن كنت صادقاً في دعوتك فادع الله تعالى أن يخرج لنا من هذا الجبل ناقة صفتها أنها حمراء وعشراء وترد الماء فتشرب منه حتى تخرجه لنا لبناً نشربه، وليكن ذلك ونحن ننظر. فدعا صالح ربه بذلك فاستجاب له.
لمّا رأى قوم ثمود الناقة التي أخرجها الله سبحانه وتعالى لهم، رأوا فيها آيةً مبهرةً، ودليلاً ساطعاً على صدق رسولهم صالح عليه السلام، فآمن كثير منهم. إلا أن أكثرهم ظلّوا على كفرهم وجحودهم وإنكارهم لدعوة رسولهم عليه السلام. قال تعالى في ذلك:
(وَآتَينا ثَمودَ النّاقَةَ مُبصِرَةً فَظَلَموا بِها)،
[٦]
أمر صالح عليه السلام قومه أن يتركوا الناقة ترعى في الأرض وتشرب من الماء دون أن يتعرضوا لها بأذى أو يمسّوها بسوء. قال تعالى على لسان صالح عليه السلام:
(قَالَ هَـذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ*وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ)،
[٧]
كانت الناقة تشرب ماء البئر الخاص بقوم ثمود يوماً بعد يوم، وكانوا يشربون من لبنها كفايتهم. لذلك قال تعالى:
(لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ)،
[٨]
لمّا طالت المدّة على قوم ثمود وهم مع الناقة على ذلك الحال، اجتمعوا وتشاورا حتى استقرّوا على عقرها. أرادوا أن يقتلوها حتى يستريحوا منها ويتوفّر الماء لهم، وزيّن لهم الشيطان أعمالهم حتى عقروها فعلاً.
(فَعَقَرُوا النّاقَةَ وَعَتَوا عَن أَمرِ رَبِّهِم).[٩]
هلاك قوم ثمود: عقوبةٌ عادلةٌ على الكفر والعِناد
لمّا عقر قوم ثمود الناقة، استحقّوا العذاب الأليم الذي توعّدهم الله تعالى به. حينها قدّر لهم صالح عليه السلام مدّة ثلاثة أيام حتى ينزل بهم ذلك العذاب. قال تعالى:
(فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ۖ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ)،
[١٠]
إلا أنّ قومه لم يصدّقوا هذا الوعيد أيضاً، بل همّوا بقتله عليه السلام وإلحاقه بالناقة. فأرسل الله عز وجل على النفر الذين همّوا بقتله حجارة رضختهم سلفاً قبل قومهم. وظلّ قوم ثمود ثلاثة أيام ينتظرون العذاب الذي توعّدهم رسولهم به، حتّى جاء ذلك صبيحة يوم أحد، حيث جاءتهم صيحة عظيمة من السماء، ورجفة مُزلزِلة من أسفل منهم. ففاضت نفوسهم وزهقت أرواحهم، ولم تعد لهم أيّ حركة أو سكنة، بل أصبحوا جُثثاً هامدةً في بيوتهم، قال تعالى في ذلك:
(فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارهمْ جَاثِمِينَ)،
[١١]
وقد ذكر القرآن الكريم العذاب الذي أصاب قوم ثمود في مواضع عديدة، وعبّر عنه في كل مرة بلفظ مختلف، فمرّةً سماه الصيحة، ومرّةً سمّاه الرجفة، ومرة الطاغية، وفي أخرى الصاعقة. هذه الكلمات قريبة من بعضها في المعنى فلا تعارض بينها، وكلّها تدلّ على شدّة العذاب الذي تعرض له ثمود قوم صالح عليه السّلام.
دروسٌ مستفادة من قصة قوم ثمود: عبرٌ وعظةٌ للبشر
يُستفاد من قصة قوم ثمود مع نبيّهم صالح عليه السلام عدد من الدروس والعِبر، منها ما يأتي:
- ضرورة البذل في الدعوة إلى الله تعالى والثبات والإصرار عليها، فهذا ما فعله صالح عليه السلام مع قومه رغم تكذيبهم له.
- العُقلاء من الناس هم الذين يتعلمون ويعتبرون من آثار الظالمين، فلا يقومون بما قاموا به، ولا يفعلون فعلهم أو يحذون حذوهم.
- الإيمان بالله تعالى إذا تمكّن من قلب الإنسان جعله قلباً شجاعاً، وملأه قوةً وإقداماً.
- على الإنسان أن يستعمل نعم الله تعالى بما يرضيه ويؤدّي شكرها، وإلا فإنها تنقلب عليه نقماً.
- من المهمّ في الدعوة استخدام الأسلوب المنطقي الحكيم، فيجادل الداعية غيره بالحكمة والموعظة الحسنة كما فعل صالح عليه السلام مع قومه.
- “قصة صالح نبي ثمود عليه الصلاة والسلام”، www.library.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-30. بتصرّف.
- “قصة النبي صالح عليه السلام في القرآن”، www.articles.islamweb.net، 2016-9-30، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-30. بتصرّف.
- سورة الأعراف، آية: 73.
- سورة الشعراء، آية: 155.
- “الناقة معجزة صالح عليه السلام”، www.fatwa.islamweb.net، 2006-3-29، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-30. بتصرّف.
- سورة الإسراء، آية: 59.
- سورة الشعراء، آية: 155-156.
- سورة الشعراء، آية: 155.
- سورة الأعراف، آية: 77.
- سورة هود، آية: 65.
- سورة هود، آية: 67.