مقدمة
تدور أحداث هذه القصة حول فيل كبير يعيش في الغابة. قصة مليئة بالمغامرات والتجارب التي مر بها هذا الفيل، وكيف استطاع في نهاية المطاف أن يكتشف قيمة ذاته الحقيقية.
الفيل وحزنه العميق
في قلب الغابة الكبيرة، كان يعيش فيل ضخم. كان هذا الفيل يتجول وحيدًا، يعتريه حزن عميق. كان يسير ببطء وثقل، بينما يراقب الطيور المحلقة في السماء بحرية وسعادة، والحيوانات الرشيقة السريعة كالظباء والخيول والحمر الوحشية. كلما رأى بهجتهم وركضهم ولعبهم، ازداد شعوره بالضيق والأسى، لأنه الكائن الوحيد الذي لا يستطيع التحليق في السماء أو الركض بسرعة في أرجاء الغابة الواسعة.
محاولة الطيران الفاشلة
بدأ الفيل بالتفكير في طريقة تمكنه من الطيران، ولكن كيف يفعل ذلك وهو بهذا الوزن الثقيل؟ صعد إلى أعلى وأقوى شجرة في الغابة، وربط قدميه بأجنحة صنعها من ريش الطيور. قفز الفيل معتقدًا أن الهواء سيحمله، ولكنه سقط على الأرض، وسقطت فوقه أغصان الشجرة بسبب وزنه الثقيل. ضحكت الحيوانات والطيور عليه، بينما جلس هو حزينًا وكئيبًا.
الساحرة والتحولات السحرية
أثناء تجواله في الغابة، نصحته بومة حكيمة بأن يذهب إليها في كهفها، لكي تجد له حلاً بسحرها، بشرط أن يحضر لها الكثير من الطعام. ذهب الفيل إلى البومة بالطعام الذي طلبته، وطلب منها أن تحوله إلى ظبي رشيق. ضربت البومة جسده السمين بعصاها السحرية، فتحول إلى ظبي رشيق وجميل. ركض الفيل وفرح وطرب، وأخذ يغني “أنا ظبي.. في منتهى الرشاقة.. إنه يوم جميل وقد أصبحت ظبياً”.
ثم بدأ يركض ويمرح في أرجاء الغابة، بينما كانت الحيوانات تتساءل عن سبب غياب الفيل الضخم. كان الفيل ينظر إليهم ضاحكًا، حتى تبعه نمر جائع. بدأ الفيل المسكين يركض هاربًا من النمر، وركض بأقصى سرعة حتى وصل إلى الكهف الذي تعيش فيه البومة الساحرة. سألته البومة في دهشة: “ما الأمر أيها الظبي؟”. فأجابها في خوف: “أنا لست ظبيًا، بل أنا الفيل… أنقذيني الآن وحوليني إلى نمر كي لا يأكلني أي حيوان مفترس”.
نظرت إليه البومة قائلة: “حقًا سأفعل”. وضربت بعصاها السحرية على جسده، فحولته من ظبي إلى نمر. ركض الفيل مسرعًا سعيدًا بتحوله الجديد، وأخذ يغني “أنا نمر.. أنا نمر قوي وشجاع.. أخيف الحيوانات.. ولا أحد يخيفني…”.
حتى وجد صيادين يتتبعونه قائلين: “نريد جلد النمر الرائع”. سمعهم الفيل وأخذ يركض مسرعًا حتى وصل إلى كهف البومة الساحرة. فزعت البومة أول الأمر عندما رأته، فطمأنها الفيل قائلاً: “أنا الفيل، فلا تخافي”. سألته البومة: “ماذا تريد؟ لقد تعبتني… هل تريد أن تتحول إلى حيوانات الغابة كلها؟ المرة القادمة سيكون لي أجر كبير”. فأجابها: “لا، ولكن هذه المرة هي المرة الأخيرة”.
سألته البومة في دهشة: “وماذا تريد أن تتحول هذه المرة؟”. فأجابها قائلاً: “إلى أسد.. إلى ملك الغابة”. البومة: “أمرك…” وضربت بعصاها السحرية على جسده فتحول إلى أسد ففرح جدا ًبهذا التحول الجديد وأخذ يغني أنا أسد .. أنا ملك الغابة ويزأر ويخيف بصوته حيوانات الغابة .. حتى وجد أسداً آخر يتجه ناحيته ثم ينهره قائلاً له: أنا ملك الغابة وليس أنت واعلم أن عليك إما الرحيل الآن فى هدوء أو نتقاتل حتى أقتلك .. وأتخلص منك.
فآثر السلامة ومشى فى هدوء ولكنه كان حزينا يشعر بالخيبة حتى وجد نفسه فى شبكة الصيادين .. فسألهم فى دهشة: ما هذا ..هل تريدون جلد الأسد فأجابه أحدهم: لا ولكننا نريد أن نأخذك إلى حديقة الحيوانات.. ونضعك فى قفص الأسود.
ففزع للأمر قائلاً: ماذا .. تضعوننى فى قفص ولكننى لست أسداً .. أنا فيل.. فضحك الصيادون منه وتركوه حبيساً فى الشبكة يواجه مصيره، حتى وجد فأراً صغيراً يقرض الشبكة فهرب مسرعاً .. بعد أن شكر الفأر وذهب إلى البومة الساحرة ففزعت أول الأمر عندما رأته فطمأنها قائلاً: أنا الفيل فلا تخافى ..فسألته فى دهشة: وماذا تريد لقد تعبتنى .. هل تريد أن تتحول إلى حيوانات الغابة كلّها .. المرة القادمة .. سيكون لى أجر كبير.
فأجابها: لا ولكن هذه المرة .. هى المرة الأخيرةالبومة فى دهشة: وماذا تريد أن تتحول هذه المرة؟أجابها قائلاً: إلى فيل
العودة إلى الذات الحقيقية
فسألت البومة في دهشة: “نعم؟ ولكنك سخطت على طبيعتك من قبل”. أوضح لها الفيل الأمر قائلاً: “ولكني الآن أعرف قيمتها، وأريد أن أعود إليها، ولن أسخط عليها أبدًا بعد ذلك… إنها طبيعتي التي خلقني الله عليها وإني أحبها كثيرا الآن”.
فأرجعته البومة الساحرة إلى صورته الأولى، ففرح جدا وأخذ يغني، وحيوانات الغابة ينظرون إليه في دهشة، لأنهم يرونه لأول مرة سعيداً ومبتهجاً.
أنا فيل .. أنا فيل،
أنا حقاً جميل
طبيعتى الجميلة،
هى لى كل شيء
لو تخليت عنها،
لن أصبح أىشيء
العبرة المستفادة
هذه القصة تعلمنا أهمية الرضا بما قسمه الله لنا من صفات وقدرات. فالسعي للتغيير قد يكون محمودًا، ولكن يجب ألا يكون على حساب إنكار الذات والتنكر للطبيعة التي فطرنا الله عليها. وفي ذلك قال تعالى: “لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ” (سورة التين: 4). فالإنسان خُلق في أحسن صورة، وعليه أن يدرك قيمة هذا الخلق ويحافظ عليه.