قصائد وآراء: رحلة عبر معاني الحياة

قصيدة إذا جاريت في خلق دنيئاً، شعر فلسفة الحياة، شعر لحن الحياة، شعر بم التعلل لا أهل ولا وطن. استكشاف لمعاني الحياة من خلال الشعر والحكمة العربية الأصيلة.

جدول المحتويات

الموضوعالرابط
قصيدة أبو تمام: خلق النفسابو تمام
تأملات إيليا أبو ماضي في الحياةإيليا أبو ماضي
لحن الحياة عند الشابيأبو القاسم الشابي
المتنبي: وحدانية الروحالمتنبي

قصيدة أبو تمام: خلق النفس

يقول أبو تمام في قصيدته الرائعة:

إذا جَارَيْتَ في خُلُقٍ دَنِيئاً فأنتَ ومنْ تجارِيه سواءُ، رأيتُ الحرَّ يجتنبُ المخازي ويَحْمِيهِ عنِ الغَدْرِ الوَفاءُ، وما مِنْ شِدَّة ٍ إلاَّ سَيأْتيلَها مِنْ بعدِ شِدَّتها رَخاءُ، لقد جَرَّبْتُ هذا الدَّهْرَ حتَّى أفَادَتْني التَّجَارِبُ والعَناءُ، إذا ما رأسُ أهلِ البيتِ ولى بَدا لهمُ مِنَ الناسِ الجَفاءُ، يَعِيش المَرْءُ ما استحيَى بِخَيرٍ، ويبقى العودُ ما بقيَ اللحاءُ، فلا واللهِ ما في العيشِ خيرٌ ولا الدُّنيا إذا ذَهبَ الحَياءُ، إذا لم تخشَ عاقبة َ الليالي ولمْ تستَحْي فافعَلْ ما تَشاءُ، لئيمُ الفعلِ من قومٍ كرامٍ لهُ مِنْ بينهمْ أبداً عُوَاءُ.

تُجسّد هذه الأبيات حكمة عميقة حول سلوك الإنسان ونُبل الأخلاق، وتُبرز أهمية الابتعاد عن السلوكيات الدنيئة والحفاظ على الكرامة والسمعة الطيبة. إنها دعوة واضحة إلى التمسك بالقيم والأخلاق الحميدة، بغض النظر عن الظروف المحيطة.

تأملات إيليا أبو ماضي في الحياة

يُعبّر إيليا أبو ماضي عن فلسفته الخاصة في الحياة بقوله:

أيّ هذا الشّاكي وما بك داء، كيف تغدو إذا غدوت عليلا؟ إن شر الجناة في الأرض نفسك، توقّى، قبل الرحيل، الرحيلا، وتري الشوك في الورود، وتعمي أن ترى فوقها الندى إكليلا، هو عبء على الحياة ثقيل، من يظن الحياة عبئا ثقيلا، والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئا جميلا، ليس أشقى ممن يرى العيش مرا، ويظن اللذات فيه فضولا، أحكم الناس في الحياة أناس، عللوها فأحسنوا التعليلا، فتمتع بالصباح ما دمت فيه، لا تخف أن يزول حتى يزول، وإذا ما أظل رأسك هم، قصّر البحث فيه كيلا يطولا، أدركت كنهها طيور الرباب، فمن العار أن تظل جهولا، ما تراها، والحقل ملك سواه، اتخذت فيه مسرحا ومقيلات، تغنّى، والصقر قد ملك الجو عليها، والصائدون السبيلات، تغنّى، وقد رأت بعضها يؤخذ حيا، والبعض يقضي قتيلات، تغنّى، وعمرها بعض عام، أفتبكي وقد تعيش طويلا؟ فهي فوق الغصون في الفجر تتلو، سور الوجد والهوى ترتيلا، وهي طورا على الثرى واقعات، تلقط الحب أو تجر الذيولا، وكلما أمسك الغصون سكون، صفقّت الغصون حتى تميلا، فإذا ذهب الأصيل الربابي، وقفت فوقها تناجي الأصيلا، فأطلب اللّهو مثلما تطلب الأطيار، عند الهجير ظلا ظليلا، وتعلّم حب الطليعة منها، واترك القال للورى والقيلا، الذي يتقي العواذل يلقى، كل حين في كل شخص عذولا، أنت للأرض أولا وأخيرا، كنت ملكا أو كنت عبدا ذليلا، لا خلود تحت السماء لحي، فلماذا تراود المستحيلا؟ كل نجم إلى الأقوال ولكن، آفة النجم أن يخاف الأقولا، غاية الورد في الرياض ذبول، كن حكيما واسبق إليه الذبول، وإذا ما وجدت في الأرض ظلا، فتفيأ به إلى أن يحولا، وتوقع، إذا السماء اكفهرت، مطرا يحيي السهولا، قل لقوم يستنزفون المآقي، هل شفيتم مع البكاء غليلا؟ ما أتينا إلى الحياة لنشقى، فأريحوا، أهل العقول، العقول، كل من يجمع الهموم عليه، أخذته الهموم أخذا وبيلا، كن هزارا في عشّه يتغنّى، ومع الكبل لا يبالي الكبولا، كن غرابا يطارد الدود في الأرض، ويوما في الليل يبكي الطلولا، كن غديرا يسير في الأرض رقراقا، فيسقي من جانبيه الحقول، تستحم النجوم فيه ويلقى، كل شخص وكل شيء مثيلا، كن وعاء يقيّد الماء حتى، تستحل المياه فيه وحولا، كن مع الفجر نسمة توسع الأزهار، شمّا وتارة تقبيلا، كن سموما من السوافي اللوات، تملأ الأرض في الظلام عويلا، ومع الليل كوكبا يؤنس الغابات، والنهر والربى والسهولا، كن دجى يكره العوالم والنّاس، فيلقي على الجميع سدولا، أيها الشاكي وما بك داء، كن جميلا ترى الوجود جميلا.

تُبرز هذه القصيدة عمق تفكير أبو ماضي، و رؤيته للحياة كفرصة للاستمتاع والتفاؤل، مع ضرورة التغلب على الصعاب بالتفكير الإيجابي والبحث عن الجمال في كل مكان.

لحن الحياة عند الشابي

يُعبر الشابي عن إيمانه العميق بقدرة الشعوب على التغيير بقوله:

إذا الشـــعبُ يومًــا أراد الحيــاة فلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ، ولا بــــدَّ لليـــل أن ينجـــلي، ولا بــــدّ للقيـــد أن ينكســـرْ، ومن لــم يعانقْـه شـوْقُ الحيـاة تبخَّـــرَ فــي جوِّهــا واندثــرْ، فــويل لمــن لــم تَشُــقهُ الحيـاة مــن صفْعــة العــدَم المنتصـرْ، كذلك قــالت لــيَ الكائنــاتُ، وحـــدثني روحُهـــا المســـتترْ، ودمــدمتِ الــرِّيحُ بيــن الفِجـاج، وفــوق الجبــال وتحـت الشـجرْ: إذا مـــا طمحــتُ إلــى غايــةٍ ركــبتُ المُنــى, ونسِـيت الحـذرْ، ولم أتجــنَّب وعــورَ الشِّـعاب، ولا كُبَّـــةَ اللّهَـــب المســـتعرْ، ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ، فعجَّــتْ بقلبــي دمــاءُ الشـباب، وضجَّــت بصـدري ريـاحٌ أخَـرْ…وأطـرقتُ, أصغـي لقصـف الرعـودِ، وعــزفِ الريــاحِ, ووقـعِ المطـرْ، وقالت لـي الأرضُ – لمـا سـألت: أيا أمُّ هــل تكــرهين البشــرْ? أُبــارك فـي النـاس أهـلَ الطمـوح، ومن يســتلذُّ ركــوبَ الخــطرْ، وألْعــنُ مــن لا يماشــي الزمـانَ، ويقنـــع بــالعيْشِ عيشِ الحجَــرْ، هو الكــونُ حـيٌّ, يحـبُّ الحيـاة ويحــتقر المَيْــتَ, مهمــا كــبُرْ، فلا الأفْـق يحـضن ميْـتَ الطيـورِ، ولا النحــلُ يلثــم ميْــتَ الزهـرْ، ولولا أمُومــةُ قلبِــي الــرّؤوم لَمَــا ضمّــتِ الميْـتَ تلـك الحُـفَرْ، فــويلٌ لمــن لــم تشُــقه الحيـاة, مِــن لعنــة العــدم المنتصِـرْ! وفي ليلــة مـن ليـالي الخـريف مثقَّلـــةٍ بالأســـى, والضجـــرْ، سكرتُ بهـا مـن ضيـاء النجـوم، وغنَّيْــتُللحُــزْنحــتى ســكرْ، سـألتُ الدُّجـى: هـل تُعيـد الحيـاةُ، لمـــا أذبلتــه, ربيــعَ العمــرْ? فلم تتكـــلّم شــفاه الظــلام، ولم تــترنَّمْ عــذارى السَّــحَرْ.

تُظهر هذه الأبيات قوة الإرادة و الأمل في تحقيق التغيير، و أهمية المقاومة والثبات في مواجهة الصعاب. إنها رسالة إلى الشعوب للتشبث بأحلامها و السعي نحو بناء مستقبل أفضل.

المتنبي: وحدانية الروح

يُعبّر المتنبي عن شعوره بالوحدة و الاستقلالية بقوله:

بِمَ التّعَلّلُ لا أهْلٌ وَلا وَطَنُ، وَلا نَديمٌ وَلا كأسٌ وَلا سَكَنُ، أُريدُ مِنْ زَمَني ذا أنْ يُبَلّغَنِي ما لَيسَ يبْلُغُهُ من نَفسِهِ الزّمَنُ، لا تَلْقَ دَهْرَكَ إلاّ غَيرَ مُكتَرِثٍ ما دامَ يَصْحَبُ فيهِ رُوحَكَ البَدنُ، فَمَا يُديمُ سُرُورٌ ما سُرِرْتَ بِهِ، وَلا يَرُدّ عَلَيكَ الفَائِتَ الحَزَنُ، مِمّا أضَرّ بأهْلِ العِشْقِ أنّهُمُ هَوَوا وَمَا عَرَفُوا الدّنْيَا وَما فطِنُوا، تَفنى عُيُونُهُمُ دَمْعاً وَأنْفُسُهُمْ في إثْرِ كُلّ قَبيحٍ وَجهُهُ حَسَنُ، تَحَمّلُوا حَمَلَتْكُمْ كلُّ ناجِيَةٍ فكُلُّ بَينٍ عَليّ اليَوْمَ مُؤتَمَنُ، ما في هَوَادِجِكم من مُهجتي عِوَضٌ إنْ مُتُّ شَوْقاً وَلا فيها لهَا ثَمَنُ، يَا مَنْ نُعيتُ على بُعْدٍ بمَجْلِسِهِ كُلٌّ بمَا زَعَمَ النّاعونَ مُرْتَهَنُ، كَمْ قد قُتِلتُ وَكَمْ قد مِتُّ عِندَكُمُ ثُمّ انتَفَضْتُ فَزالَ القَبْرُ وَالكَفَنُ، قَدْ كانَ شاهِدَ دَفني قَبْلَ قولهِم جَماعَةٌ ثُمّ ماتُوا قَبْلَ مَن دَفَنُوا، ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ تَجرِي الرِّياحُ بمَا لا تَشتَهي السُّفُنُ، رَأَيْتُكُمْ لا يَصُونُ العِرْضَ جارُكُمُ وَلا يَدِرُّ على مَرْعاكُمُ اللَّبَنُ، جَزاءُ كُلِّ قَرِيبٍ مِنكُمُ مَلَلٌ وَحَظُّ كُلِّ مُحِبٍّ مِنكُمُ ضَغَنُ، وَتَغْضَبُونَ على مَنْ نالَ رِفْدَكُمُ حتى يُعاقِبَهُ التَّنْغِيصُ وَالمِنَنُ، فَغَادَرَ الهَجْرُ ما بَيْني وَبَيْنَكُمْ يَهْماءَ تَكْذِبُ فيها العَيْنُ وَالأُذُنُ، تَحْبُو الرَّواسِمُ مِنْ بَعْدِ الرَّسيمِ بِها، وَتَسْأَلُ الأَرْضُ عَنْ أَخْفافِها الثَّفِنُ، إِنِّي أُصَاحِبُ حِلْمِي وَهُوَ بِي كَرَمٌ وَلا أُصَاحِبُ حِلْمِي وَهُوَ بِي جُبْنُ، وَلا أُقِيمُ على مالٍ أَذِلُّ بِهِ وَلا أَلَذُّ بمَا عِرْضِي بِهِ دَرِنُ، سَهِرْتُ بَعْدَ رَحِيلي وَحْشَةً لَكُمْ ثُمَّ اسْتَمَرَّ مَرَارِي وَارْعَوَى الوَسَنُ، وَإِنْ بُلِيتُ بِوُدٍّ مِثْلِ وُدِّكُمْ فَإِنِّي بِفِراقٍ مِثْلِهِ قَمِنُ، أَبْلى الأَجِلَّةَ مَهْرِي عِنْدَ غَيْرِكُمُ وَبُدِّلَ العُذْرُ بِالفُسْطاطِ وَالرَّسَنُ، عِنْدَ الْهُمَامِ أَبِي الْمِسْكِ الَّذِي غَرِقَتْ فِي جُودِهِ مُضَرُّ الْحَمْراءِ وَالْيَمَنُ، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنِّي بَعْضُ مَوْعِدِهِ فَما تَأَخَّرَ آمَالِي وَلا تَهِنُ، هُوَ الْوَفِيُّ وَلَكِنِّي ذَكَرْتُ لَهُمْ وُدَّةً فَهُوَ يَبْلُوهَا وَيَمْتَحِنُ.

تُعتبر هذه القصيدة من أروع قصائد المتنبي، حيث يُعبّر ببراعة عن شعوره بالوحدة والاستقلالية، ورفضه للتبعية والتقليد. إنها صورة لشخصية قوية متفردة تُؤمن بذاتها وقدرتها على تجاوز الصعاب.

Total
0
Shares
المقال السابق

قصائد حسان بن ثابت في مدح النبي

المقال التالي

خواطر شعرية وحِكم بالغة

مقالات مشابهة

تأثير التفكير الإبداعي على التحصيل الدراسي

يكشف هذا المقال عن تأثير التفكير الإبداعي على التحصيل الدراسي، مع التركيز على أهمية مهارات التفكير الإبداعي للطلبة. سنستعرض بعض مهارات التفكير الإبداعي في الدراسة مثل: الطلاقة، المرونة، الأصالة، والإفاضة.
إقرأ المزيد