فهرس المحتويات
قصيدة شيزوفرينيا: حبٌّ صعبٌ ومعقد |
قصيدة قارئة الفنجان: تنبؤاتٌ غامضةٌ |
قصيدة حبيبتي هي القانون: سلطانٌ أنثوي |
قصيدة أحبك جداً: عشقٌ متيمٌ |
قصيدة شيزوفرينيا: حبٌّ صعبٌ ومعقد
في قصيدته “شيزوفرينيا”، يُبرز نزار قباني علاقة حبٍّ مُعقّدة، ليست سهلة ولا خالية من التحديات. يُعبّر عن استسلامه لهذا الحبّ الصعب، رافضاً مقاومته أو الاعتراض عليه. يُشير إلى أن الحبّ الكبير يُرافقه دائماً صعوبات، ليست بالضرورة أن يأتي بسهولة ويسر، فهو لا يُشبه القمر المُختبئ تحت الشراشف، ولا شامةً زرقاء تحت الخاصرة. بل هو كلامٌ جديدٌ، ذهبٌ وبهارات هندية. علاقةٌ تُشبه الكهنة والعرافين، وعلامات حبٍّ مُقبلة كعلامات يوم القيامة، تنبؤاتٌ عن أنهارٍ ستفيض، وكنوزٍ ستتوهج، وأطفالٍ سيلتحقون بمدرسة البنفسج. طقسٌ رماديّ يميل إلى المطر، حيث يشتهي حبيبته تحت المطر وبعده، كعشب البراري.
يكمل الشاعر وصف هذه العلاقة المُعقدة بتشبيهاتٍ رائعة، فهي حالةٌ من الشعر لم يُكتبها بعد، وحالةٌ من النبوءة لم يُبشّر بها الناس، وحالةٌ من الانخطاف تجعله سيد الدراويش. أسئلةٌ لا يُريد لها جواباً، وتناقضاتٌ جميلةٌ ليس من مصلحة الحبّ أن تنتهي، وخصوماتٌ طفوليةٌ ليس من مصلحة الشعر أن تُحسم. عاداتٌ صغيرة تتسلّق رفوف الكتب وورق الجدران، وتترسّب مع البنّ في فناجين القهوة. فضيحةٌ غير معلنة، وزلازلٌ مجهولة التوقيت، وجريمة عشقٍ قابلة للتنفيذ في أي لحظة. شوارعٌ نصف مضيئة، وقطاراتٌ ليلية يسمع صفيرها ولا يراها، فيَهلوس في نومه.
يُضيف قباني بعداً آخر لهذه العلاقة، فبينه وبين حبيبته بلادٌ من العطش، ومُنحرفون شعرياً وجنسياً يرفضون أنوثتها كما يرفضون قصائده. طغاةٌ، ومخبرون، ومراكز قوى، وشركاتٌ مساهمةٌ لمكافحة الحبّ والثورة والكتاب. نساءٌ يبعن أساورهن ويقطعن أيديهن من أجل الشعر. مجتمعٌ من الصيارفة لا يُمكن اختراقه، ومجتمعٌ من البطاركة لا يعترف بشرعية عيني حبيبته. فقهاءٌ، ومجتهدون، ومفسّرون، قرروا بإجماع الآراء سفك دمه وشطب شعره من مناهج وزارة التربية حتى لا تتكحل به بنات القبيلة.
قصيدة قارئة الفنجان: تنبؤاتٌ غامضةٌ
في هذه القصيدة، يُصور الشاعر لقاءً مع قارئة فنجانٍ، تتوقع له مستقبلاً مليئاً بالحبّ والحزن. تخبره بأن الحبّ مكتوبٌ له، لكن طريقه سيكون مليئاً بالحروب والأسفار. سيُحبّ كثيراً ويموت كثيراً، سيعشق كلّ نساء الأرض، ويرجع كالملك المغلوب. ستكون في حياته امرأةٌ جميلةٌ، لكنّ سماءه ستكون ممطرة، وطريقه مسدوداً. حبيبته نائمةٌ في قصرٍ مرصود، يحرسه كلابٌ وجنود، ومن يدخل حجرتها يكون مفقوداً.
قارئة الفنجان تحاول التنبؤ بمصير علاقته باستخدام رموز الفنجان. لكنّها لا تجد فنجاناً يشبه فنجانه، ولا أحزاناً تشبه أحزانه. مقدّره أن يمشي في الحبّ على حدّ الخنجر، ويظلّ وحيداً كالأصداف، وحزيناً كالصفصاف. سيبحر في بحر الحبّ بلا قوارب، سيحبّ ملايين المرات، ويرجع كالملك المخلوع.
قصيدة حبيبتي هي القانون: سلطانٌ أنثوي
يُمجّد نزار قباني في هذه القصيدة جمال حبيبته وسلطانها عليه. يصفها بأنها أنثى يمتزج في صوتها الفضة بالنبيذ بالأمطار، ومن مرايا ركبتيها يطلع النهار، ويستعد العمر للإبحار. يصف عينيها بالبحر المختلط بالزيتون، ويُشبهها بالوردة، والنجوم، وتاج الرأس. يُقرّ بأنه قد يكون مشاغباً أو فوضوياً أو مجنوناً، لكنّها هي المسؤولة عن جنونه، أو لعنه إن كان ملعوناً، فهو يعترف بأنه يمارس الحبّ بلا إجازة في العالم الثالث، لذلك فهو ملعون.
ويُكرّر الشاعر فكرة أن كلّ امرأة أحبّها أصبحت هي القانون، فقد أصبح تحت سلطان جمالها وحبها. يسألها عن ماذا يفعل إن خرج عن حرفية القانون، وهو لا يملك إلاّ أن يستسلم لسلطانها.
قصيدة أحبك جداً: عشقٌ متيمٌ
في هذه القصيدة، يُعبّر نزار قباني عن حبّه العميق لحبيبته، معترفاً بصعوبة الطريق إلى المستحيل، ومعترفاً بأنها ستّ النساء، ولا بديل لها. يُشير إلى أنّ زمن الحنين انتهى، وأنّ الكلام الجميل لم يعد يكفي لتعبير عن مدى حبّه. يُصرّح بأنه يعيش في منفى، وهي في منفى آخر، وبينهما رياحٌ، وغيمٌ، وبرقٌ، ورعدٌ، وثلجٌ، ونار. يُعترف بأن الوصول إلى عينيها وهم، والوصول إليها هو حرب، لكنّه يسعده أن يُمزّق نفسه من أجلها.
يُختتم الشاعر قصيدته بإلحاحٍ على حبيبته ألا تتركه، سائلاً إياها باسم الله ألا تتركه، فماذا يكون هو إن لم تكن هي بجانبه؟ يُكرّر ألفاظ الحبّ ويمضي في التعبير عن عشقه المُتيم، رافضاً الاستسلام أو الاستقالة من هذا الحبّ، سائلاً هل يستطيع المُتيم بالعشق أن يستقيل؟ ولا يُبالي إن خرج من الحبّ حياً أو قتيلاً.