فهرس المحتويات
العنوان | الرابط |
---|---|
وداعاً يا أبي | وداعاً يا أبي |
سألوني لماذا لم أرث أبي؟ | سألوني لماذا لم أرث أبي؟ |
أبي | أبي |
قصيدة أبي لنزار قباني | قصيدة أبي لنزار قباني |
أبي لإيليا أبو ماضي | أبي لإيليا أبو ماضي |
المراجع | المراجع |
وداعاً يا أبي
وَأَصْبَحْتَ طَيْفَاً بَعيدَ المَزارْ وأُقْصِيتَ عَنَّا فَلَمَّا فَقَدْناكَ ذاكَ النَّهارْ وَجُرِّدْتَ مِنَّا. أتينا إليك بكينا عليك فقد كنت فينا كعصفور أيك بحب تغنى. كنت حلماً مع الحلم، عمراً مع العمر، بدراً مع الليل به قد فتنّا. وأصبحت طيفاً بعيد المزار. لقد كان يوماً عصيباً علينا، فوا أسفا حيث ضاع الشباب. فقد كنت كالشمس، ما إن تَبدّتْ فكيف توارتْ وفي الفجر غاب؟! وها صار كالحلم نهفو إليه فنلقاه حيث انتهينا سراب. وما كنت أحسب أن الليالي ستغتال ندمانها والشراب، وأن نجوم السماء النيرات ستَهوي ليعلو ذراها التراب. ويصبح من كان يمشي الهوينى يحلق كالطير بل كالشهاب. ويجتاحنا الحزن حتى كأنّاكَ فُلْكٌ تَرامَتْ بطامي العباب. وداعاً أَبِي، وداعاً، فالموت جرح عميق، وداعاً، فالموت ظفر وناب. وداعاً أَبِي، ولتنل حيث ترقى، رفيع الجنان وحسن المآب. [١]
سألوني لماذا لم أرث أبي؟
سألوني: لِمَ لَمْ أَرْثِ أَبي؟ وَرِثاءُ الأَبِ دَيْنٌ أَيُّ دَيْنْ. أَيُّهَا اللُّوّامُ، ما أَظْلَمَكُمْ! أَيْنَ لِي العقلُ الذي يُسْعِدُ أَيْنَ؟ يا أَبِي، ما أَنْتَ في ذا أَوَّلُ، كُلُّ نَفْسٍ لِلمَنايا فَرْضُ عَيْنٍ. هَلَكَتْ قَبْلَكَ نَاسٌ وَقُرًى، وَنَعَى النَّاعُونَ خَيْرَ الثَّقَلَيْنِ. غَايَةُ المَرْءِ وَإِنْ طالَ المَدَى، آخِذٌ يأخُذُهُ بِالأَصْغَرَيْنِ. وَطَبِيبٌ يَتَوَلَّى عَاجِزاً، نَافِضاً مِنْ طِبِّهِ خَفِي حَنِينٍ. إِنَّ لِلْمَوْتِ يَدًا إِنْ ضَرَبَتْ، أَوْشَكَتْ تَصْدَعُ شِمْلَ الفَرْقَدَيْنِ. تَنْفَذُ الجَوَّ عَلَى عَقِبَانِهَا، وَتُلاقِي اللِّيثَ بَيْنَ الجَبَلَيْنِ. وَتَحُطُّ الفَرْخَ مِنْ أَيْكَتِهِ، وَتَنالُ البَبَّغَاءَ فِي المِئَتَيْنِ. أَنَا مِنْ ماتَ، وَمَنْ ماتَ أَنالُ، قِيَ الموتَ كِلاَنَا مَرَّتَيْنِ. نَحْنُ كُنَّا مَهْجَةً فِي بَدَنٍ، ثُمَّ صِرْنَا مَهْجَةً فِي بَدَنَيْنِ. ثُمَّ عُدْنَا مَهْجَةً فِي بَدَنٍ، ثُمَّ نُلْقَى جُثَّةً فِي كَفَنَيْنِ. ثُمَّ نَحْيَا فِي عَلِيٍّ بَعْدَنَا، وَبِهِ نُبْعَثُ أُولَى البَعْثَتَيْنِ. فَإِذا ما قِيلَ ما أَصْلُهُما، قُلْ: هُما الرَّحْمَةُ فِي مَرْحَمَتَيْنِ. فَقَدَا الجَنَّةَ فِي إيجادِنا، وَنَعِمْنا مِنْهُما فِي جَنَّتَيْنِ. وَهُما العُذْرُ إِذا ما أُغْضِبَا، وَهُما الصَّفْحُ لَنَا مُسْتَرْضَيَيْنِ. لَيْتَ شِعْرِي أَيُّ حَيٍّ لَمْ يَدْنُ، بِالَّذِي دَانا بِهِ مُبْتَدِئَيْنِ؟ ما أَبِي إِلاَّ أَخٌ فَارَقْتُهُ، وَدُّهُ الصِّدْقُ وَوُدُّ النَّاسِ مَيْنُ. طَالَما قُمْنا إِلى مَائِدَةٍ، كانَتِ الكُسْرَةُ فِيهَا كُسْرَتَيْنِ. وَشَرِبْنَا مِنْ إِناءٍ واحِدٍ، وَغَسَلْنَا بَعْدَ ذا فِيهِ اليَدَيْنِ. وَتَمَشَّيْنَا يَدٌ فِي يَدِهِ، مَنْ رَآنا قالَ عَنَّا: أَخَوَيْنِ. نَظَرَ الدَّهْرُ إِلَيْنَا نَظْرَةً، سَوَّتِ الشَّرَّ فَكانَتْ نَظْرَتَيْنِ. يا أَبِي، وَالْمَوْتُ كَأْسٌ مِرَّةٌ، لا تَذُوقُ النَّفْسُ مِنْها مَرَّتَيْنِ. كَيْفَ كانَتْ سَاعَةٌ قَضَيْتُها، كُلُّ شَيْءٍ قَبْلَها أَوْ بَعْدُ هَيْنٌ؟ أَشْرِبْتَ المَوْتَ فِيهَا جُرْعَةً، أَمْ شَرِبْتَ المَوْتَ فِيهَا جُرْعَتَيْنِ؟ لا تَخَفْ بَعْدَكَ حُزْناً أَوْ بُكَاءً، جَمَدَتْ مِنِّي وَمِنْكَ اليَوْمَ عَيْنٌ. أَنْتَ قَدْ عَلَّمْتَنِي تَرْكَ الأَسَى، كُلُّ زَيْنٍ مُنْتَهاهُ المَوْتُ شَيْنٌ. لَيْتَ شِعْرِي: هَلْ لَنا أَنْ نَلْتَقِيَ مَرَّةً، أَمْ ذا افْتِراقُ المَلَوَّيْنِ؟ وَإِذا مِتُّ وَأُودِعْتُ الثَّرَى، أَنْلَقَى حُفْرَةً أَمْ حُفْرَتَيْنِ؟ [٢]
أبي
أبي كنت طفلاً على منكب من العطف يا أزهر الكوكب، وفي راحتيك الحياة والندى، ونحن كنبت الرّبى المعشوب. بستان قمح ونخل جميل، وظلّ تعثر في المهرّب. وأنت الأمير تمرّ بنار، ربيع يغنّيك في موكب. يا من رضاؤك في رضا الربّ، وقلبي وذا مطلبي. حديثك فاكهة المجلس، يبدّد حزن الدّنا المعْربوك. كفّك شرنقة للحرير، تعرّت لتكسو هذا الصّبي. وتسبل فوقك صبرا جميلاً، أستائر تخفي عنا المُتعَبِ. وصدرك بحر بخلجان نهر، سى الحلم والعفو عن مذنبو. يحظى المسيء بمرجانه، فيا عجبا للفضا الأرحب. إذا لجّ عقلي في حيرة، بدا الحلّ في رأيك الأصوب. وإن كدّر القلب من علّة، أتى الصفو من وصفك الأنسب. عصيتك لكنّك البرّ بيف، من لي كمثلك صدراً أبيو. وإنّك فينا كفجر الدّنيا، يقصّر ليل الأسى المسهب. [٣]
قصيدة أبي لنزار قباني
أماتَ أَبوكَ؟ ضَلالٌ! أَنَا لا يَمُوتُ أَبِي. فَفِي البَيْتِ مِنْهُ رَوائِحُ رَبٍّ.. وَذِكْرى نَبِيِّهِ. نَا رُكْنُهُ.. تِلْكَ أَشْياؤُهُ. تَفَتَّقَ عَنْ أَلْفِ غُصْنٍ صَبِي، جَرِيدَتُهُ. تَبْغُهُ. مُتَّكَاهُ. كَأَنَّ أَبِي – بَعْدُ – لَمْ يَذْهَبِ. وَصَحْنُ الرَّمادِ.. وَفِنجانُهُ، عَلَى حالِهِ.. بَعْدُ لَمْ يُشْرَبِ. وَنَظَّارَتاهُ.. أَيَسْلُو الزُّجاجُ، عُيُوناً أَشَفَّ مِنَ المغربِ؟ بَقاياهُ، فِي الحُجُراتِ الفِساحِ، بَقايَا النُّسُورِ عَلَى المَلْعَبِ. أَجُولُ الزَّوايا عَلَيْهِ، فَحَيْثُ أَمُرُّ .. أَمُرُّ عَلَى مُعْشِبِ. أَشُدُّ يَدَيْهِ.. أَمِيلُ عَلَيْهِ، أُصَلِّي عَلَى صَدْرِهِ المُتْعَبِ. أَبِي.. لَمْ يَزَلْ بَيْنَنَا، وَالْحَدِيثُ حَدِيثُ الكُؤُوسِ عَلَى المَشْرَبِ. يُسامِرُنا.. فَالدَّوالِي الحُبَالَى، تَوَالَدَ مِنْ ثُغْرِهِ الطَّيِّبِ.. أَبِي خَبَرٌ كانَ مِنْ جَنَّةٍ، وَمَعْنى مِنَ الأَرْحَبِ الأَرْحَبِ.. وَعَيْنَا أَبِي.. مَلْجَأٌ لِلنُّجُومِ، فَهَلْ يَذْكُرُ الشَّرْقُ عَيْنَيْ أَبِي؟ بِذاكِرَةِ الصَّيْفِ مِنْ والِدَيْكَ، رُمُّ، وَذاكِرَةِ الكَوْكَبِ.. أَبِي يا أَبِي .. إِنَّ تَارِيخَ طَيِّبٍ، وَرَاءَكَ يَمْشِي، فلا تَعْتَبِ.. عَلَى اسْمِكَ نَمْضِي، فَمِنْ طَيِّبٍ، شَهِيِّ المَجَانِي، إِلى أَطْيَبِ. حَمَلْتُكَ فِي صَحْوِ عَيْنَيَّ.. حَتَّى تَهَيَّأَ لِلنَّاسِ أَنِّي أَبِي.. أَشِيلُكَ حَتَّى بِنَبْرَةِ صَوْتِي، فَكَيْفَ ذَهَبْتَ.. وَلا زِلْتَ بِي؟ إِذا فُلَّّةُ الدَّارِ أَعْطَتْ لِدِينَنا، فِي البَيْتِ أَلْفُ فَمٍ مُذْهَبِ. فَتَحْنَا لِتَمُّوزَ أَبْوابَنَا، فِي الصَّيْفِ لا بُدَّ يَأْتِي أَبِي. [٤]
أبي لإيليا أبو ماضي
طوى بعض نفسي إذ طواك الثّرى عني، وذا بعضها الثاني يفيض به جفني. أبي! خانني فيك الرّدى فتَقوّضت مقاصير أحلامي كبيت من التّين. وكانت رياضي حاليات ضواحك، فأقوت وعفّى زهرها الجزع المضني. وكانت دناني بالسرور مليئة، فطاحت يد عمياء بالخمر والدّنّ. ليس سوى طعم المنّية في فمي، وليس سوى صوت النوادب في أذني. ولا حسن في ناظري، وقَلَّما فتحتهما من قبل إلاّ على حسن. وما صور الأشياء، بعدك غيرها، ولكنّما قد شوّهتها يد الحزن. على منكِ تبرّ الضحى وعقيقه، وقلبي في نار، وعيناي في دجن. أبحث الأسى دمعي وأنهيته دمو، وكنت أعدّ الحزن ضرباً من الجبن. مستنكر كيف استحالت بشاشتك، مستنكر في عاصف رعشة الغضن. يقول المعزّي ليس يحدي البكا الفتى، وقول المعزّي لا يفيد ولا يغني. شخصت بروحي حائراً متطلعاً، إلى ما وراء البحر أأدنو وأستدنو. ذات جناح أدرك السيل عشّها، فطارت على روع تحوم على الوكن. فواها لو أني في القوم عندمان، نظرْتُ إلى العوّاد تسألهم عنّي. يا ليتما الأرض انطوى لي بساطها، فكنت مع الباكين في ساعة الدفن. لعلّي أوفّي تلك الأبوّة حقّها، وإن كان لا يوفى بكيل ولا وزن. فأعظم مجدي كان أنك لي أبو، أكبر فخري كان قولك: ذا إبني! أقول: لي أني… كي أبرّد لو عتيفي، يزداد شجوي كلّما قلت: لو أني! أحتّى وداع الأهل يحرمه الفتى؟ أيا دهر هذا منتهى الحيف والغبن! أبي! وإذا ما قلتها فكأنني، أنادي وأدعو يا بلادي ويا ركني. لمن يلجأ المكروب بعدك في الحمى، فيرجع ريّان المنى ضاحك السنّ؟ خلعت الصبا في حومة المجد ناصعاً، ونزّه فيك الشيب عن لوثة الأفن. فذَهَنْتَ كَنجْمِ الصَّيْفِ فِي أَوَّلِ الدُّجَى، وَرَأَيْتَ كَحَدِّ السَّيْفِ أَوْ ذلِكَ الذَّهْنِ. وَكُنْتَ تَرَى الدُّنْيا بِغَيْرِ بَشاشَتِكَ، أَرْضٌ بلا مَناً وَصَوْتٌ بلا لَحَنْ. فَما بِكَ مِنْ ضَرٍّ لِنَفْسِكَ وَحْدَها، وَضَحْكُكَ والإيناسُ لِلبِحَارِ وَالخَدَنْجِ. جَرِئٌ عَلَى الباغِي، عَيُوفٌ عَنِ الخِنا، سَرِيعٌ إِلى الدَّاعِي، كَرِيمٌ بلا مَنٍّ. وَكُنْتَ إِذا حَدَّثْتَ حَدَّثَ شَاعِرٌ، لَبِيبٌ دَقِيقُ الفَهْمِ وَالذَّوْقِ وَالفَنِّ. فَما اسْتَشْعَرَ المُصْغِي إِلَيْكَ مَلالَةً، وَلا قُلْتَ إِلاَّ قالَ مِنْ طَرَبٍ: زِدْنِي. بِرَغْمِكَ فارَقْتَ الرُّبُوعَ وَإِذا، عَلَى الرَّغْمِ مِنَّا سَوْفَ نَلْحَقُ بِالظُّعْنِ. طَرِيقٌ مَشَى فِيهَا المَلايِينُ قَبْلَنَا، مِنَ المُلِيكِ السَّامِي عَبْدُهُ إِلى عَبْدِهِ الفَنِّ. نَظُنُّ لَنا الدُّنْيا وَما فِي رَحابِها، وَلَيْسَ لَنا إِلاَّ كَما البَحْرُ لِلسُّفَنِ. تَرُوحُ وَتَغْدُو حُرَّةً فِي عَبابِهِ، كَما يَتَهادَى ساكنُ السِّجْنِ فِي السِّجْنِ. وَزَنْتَ بِسِرِّ المَوْتِ فَلْسَفَةَ الْوَرَى، فَشَالَتْ وَكانَتْ جَعْجَعَاتٌ بلا طَحْنِ. أَصْدَقُ أَهْلِ الأَرْضِ مَعْرِفَةً بِهِ، أَكْثَرُهُمْ جَهْلاً يَرْجُمُ بِالظَّنِّ. فَذا مِثْلُ هذا حائِرُ اللَّبِّ عِنْدَهُ، وَذاكَ كَهذا لَيْسَ مِنْهُ عَلَى أَمْنِ. يا لَكَ سَفَراً لَمْ يَزَلْ جَدُّ غامض، عَلَى كَثْرَةِ التَّفْصِيلِ فِي الشَّرْحِ وَالمَتْنِ. يا رَمْزَ لُبْنانَ جَلالاً وَهَيْبَةً، وَحَصْنَ الْوَفاءِ المُحْصَنَ فِي ذلِكَ الحِصْنِ. ضَرِيحُكَ مَهْما يَسْتَسِرُّ وَلَذَّةً، أَقَمْتُ بِها تَبْنِي المَحامِدَ ما تَبْنِي. أَحَبُّ مِنَ الأَبْراجِ طالَتْ قِبابُها، وَأَجْمَلُ فِي عَيْنَيَّ مِنْ أَجْمَلِ المُدُنِ. عَلَى ذلِكَ القَبْرِ السَّلامُ، فَذِكْرُهُ، أَرِيجٌ بِهِ نَفْسِي عَنِ العَطْرِ تَسْتَغْنِي. [٥]
المراجع
[١] “وداعاً أَبِي”، adab، [تاريخ الوصول ١٢-٢-٢٠١٩].[٢] “سألوني لم لم أرث أبي”،aldiwan، [تاريخ الوصول ١٢-٢-٢٠١٩].
[٣] “أبي .. مخلوف علي”، poetsgate. [تاريخ الوصول ١٤-٢-٢٠١٩].
[٤] “أبي”،aldiwan، [تاريخ الوصول ١٤-٢-٢٠١٩].
[٥] “أبي”،adab، [تاريخ الوصول ١٤-٢-٢٠١٩].