فهرس المحتويات
دعاء التوبة الخالص | عظمة ذنوبنا ورحمة الله الواسعة | التضرع لله بعدم العقاب | خلوة القلب والحساب مع الله |
نداء النفس التائبة | صلاحية التوبة للمذنب | قسوة القلب وضيق المذاهب | متى التوبة يا نفس؟ |
المذنب وخطاياه الجليلة |
دعاء التوبة الخالص
يقول عبداللطيف الجوهري:
دَعَا الدَّاعِي فَلَبَّيْنَا نِدَاهُ
تَتُوقُ نُفُوسُنَا لِسَنَا هُدَاهُ
فَيَا عَبْدًا يَضِيقُ بِكُلِّ إِثْمٍ
وَيَرْجُو اللَّهَ تَسْدِيدًا خُطَاهُ
تَقَدَّمْ نَحْوَ بَابِ اللَّهِ تَظْفَرْ
بِتَرْحَابٍ تُرَدِّدُهُ سَمَاهُ
كَرِيمٌ لا يُخَيِّبُ ظَنَّ عَبْدٍ
تُمَدُّ إِلَيْهِ فِي ذُلٍّ يَدَاهُ
فَكَمْ لِلَّهِ مِنْ فَضْلٍ عَلَيْنَا
وَيُمْنَاهُ تَجُودُ بِمَا قَضَاهُ
حَلِيمٌ لَيْسَ يَعْجَلُ فِي عَذَابٍ
إِذَا مَا الجَهْلُ مُرِّغَ فِي ثَرَاهُ
نَقَاءُ العَبْدِ يُسْرِفُ فِيالمَعَاصِى
وَيَمْضِي لا يَلُوذُ بِمَنْ دَعَاهُ
لِنَيْلِ الحُبِّ وَالرِّضْوَانِ حَتَّى
يَفِيضَ النُّورُ يَغْمُرُ مَنْ يَرَاهُ
وَيَشْمَلُهُ بِعَطْفٍ مِنْهُ فَضْلاً
يُطَهِّرُهُ مِنَالذَّنْبِنَدَاهُ
وَيَبْسُطُ لِلعَنِيدِ يَدًا وَدُودًا
لِرَحْمَتِهِ وَتَشْمَلُ مَنْ عَصَاهُ
فَكَيْفَ يَجُودُ رَحْمنٌ لِعَبْدٍ
أَحَبَّ اللَّهَ أَوَّابًا رَجَاهُ؟!
تَبَارَكَ مِنْ إِلَهِ الكَوْنِ حَقًّا
تَطِيبُ لَنَا الحَيَاةُ بِمَا حَبَاهُ
عظمة ذنوبنا ورحمة الله الواسعة
يقول أبو نواس:
يا ربِّ إنْ عَظُمَتْ ذُنُوبِي كَثْرَةً
فلقد عَلِمْتُ بِأَنَّعفوكأَعْظَمُ
إِنْ كَانَ لاَ يَرْجُوكَ إِلاَّ مُحْسِنٌ
فَمَن الذي يَدْعُو ويَرْجُو المجرم
أَدْعُوكَ رَبِّ كما أمرت تَضَرُّعاً
فَإِذَا رَدَدَّتَ يَدِي فمن ذا يَرْحَمُ
مَا لِي إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ إِلاّالرَّجَاءُ
وَجَمِيلُ عَفْوِكَ ثُمَّ إِنِّي مُسْلِمُ
التضرع لله بعدم العقاب
يقول أبو العتاهية:
إلهي لا تعذبني، فإنّي
مُقِرٌّ بالذي قد كان مني
وما لي حيلة، إلا رجائي
لعفوك إن عفوت وحسن ظني
فكم من زلة لي في البرايا،
و أنت علي ذو فضل و منّ
إذا فكرت في ندمي عليها،
عضضت أناملي و قَرَعْتُ سِنّي
يظن الناس بي خيراً، و إنّي
لشر الناس، إن لم تعف عني
أُجنّ بزهرة الدنيا جنوناً،
و أفنى العمر فيها بالتمني
و بين يدي مُحتبس ثقيل،
كأنّي قد دُعيتُ له، كأنّي
و لو أنّي صدقت الزهد فيها،
قَلَبْتُ لأهلها ظهر المِجَنّ
خلوة القلب والحساب مع الله
يقول أبو العتاهية:
إِذا ما خَلَوتَ الدَهرَ يَوماً فَلا تَقُل
خَلَوتُ وَلَكِن قُل عَلَيَّ رَقيبُ
وَلا تَحسَبَنَّ اللَهَ يُغفِلُ ما مَضى
وَلا أَنَّ ما يَخفى عَلَيهِ يَغيبُ
لَهَونا لَعَمْرُ اللَّهِ حَتّى تَتابَعَت
ذُنوبٌ عَلى آثارِهِنَّ ذُنوبُ
فَيا لَيتَ أَنَّ اللَّهَ يَغفِرُ ما مَضى
وَيَأذَنُ في تَوباتِنا فَنَتوبُ
إِذا ما مَضى القَرنُ الَّذي كُنتَ فيهِ
وَخُلِّفتَ في قَرنٍ فَأَنتَ غَريبُ
وَإِنَّ امرَأً قَد سارَ خَمسينَ حِجَّةً
إلى مَنهَلٍ مِن وِردِهِ لَقَريبُ
نَسيبُكَ مَن ناجاكَ بِالوِدِّ قَلبُهُ
وَلَيسَ لِمَن تَحتَ التُرابِ نَسيبُ
فَأَحسِن جَزاءً ما اجتَهَدْتَ فَإِنَّمَا
بِقَرضِكَ تُجزى وَالقُروضُ ضُروبُ
نداء النفس التائبة
يقول أبو الداود النبراوي:
يا نفس توبي فإنّ الموت قد حانا
واعصي الهوى فالهوى ما زال فتانا
أما ترين المنايا كيف تلقطنا
قطاً فتلحق أخرانا بأولانا
في كل يوم لنا ميتٌ نشيعه
نرى بمصرعه آثار موتانا
صلاحية التوبة للمذنب
يقول أبو علاء المعري:
أَتَصِحُّ تَوبَةُ مُدرِكٍ مِن كَونِهِ
أَو أَسوَدٍ مِن لَونِهِ فَيَتوبَا
كُتِبَ الشَّقاءُ عَلى الفَتى في عَيشِهِ
وَلِيَبْلُغَنَّ قَضاءَهُ المَكتوبُ
وَإِذا عَتَبتَ المَرءَ لَيسَ بِمُعتَبٍ
أُلْفِيْتَ فيما جِئتَهُ مَعتوباً
يَبْغِي المَعاشِرُ في الزَّمانِ وَصَرْفِهِ
رُتُباً كَأَنَّ لَهُم عَلَيْهِ رُتُوباً
قسوة القلب وضيق المذاهب
يقول الإمام الشافعي:
وَلَمّا قَسا قَلْبي وَضاقَت مَذاهِبي
جَعَلْتُ الرَّجا مِنِّي لِعَفوِكَ سُلَّمَاتِ
تَعاظَمَنِي ذَنْبي فَلَمّا قَرَنْتُهُ
بِعَفوِكَ رَبِّي كانَ عَفوُكَ أَعْظَمَا
فَما زِلْتَ ذا عَفوٍ عَنِ الذَّنْبِ لَمْ تَزَلْتَ
جودُ وَتَعْفُو مِنَّةً وَتَكَرَّمَا
فَلَولاكَ لَمْ يَصْمُدْ لِإِبْلِيسَ عَابِدٌ
فَكَيْفَ وَقَدْ أَغْوى صَفِيَّكَ آدَمَا
فَلِلَّهِ دَرُّ العارِفِ النَّدِبِ إِنَّهُ
تَفِيضُ لِفَرْطِ الوَجْدِ أَجْفانُهُ دَمَا
يُقِيمُ إِذا ما اللَّيْلُ مَدَّ ظَلامَهُ
عَلى نَفْسِهِ مِن شِدَّةِ الخَوْفِ مَأْتَمَا
فَصِيحاً إِذا ما كانَ في ذِكْرِ رَبِّهِ
وَفي ما سِواهُ في الوَرَى كانَ أَعْجَمَا
وَيَذْكُرُ أَيَّاماً مَضَتْ مِن شَبابِهِ
وَما كانَ فيها بِالجَهالَةِ أَجْرَمَا
فَصارَ قَرِينَ الهَمِّ طولَ نَهارِهِ
أَخَا الشُّهُدِ وَالنَّجْوى إِذا اللَّيْلُ أَظْلَمَا
يَقُولُ حَبِيبِي أَنْتَ سُؤْلِي وَبُغْيَتِي
كَفى بِكَ لِلرَّاجِينَ سُؤْلاً وَمَغْنَمَا
أَلَسْتَ الَّذي غَذَّيْتَنِي وَهَدَيْتَنِي
وَلا زِلْتَ مَنَّاناً عَلَيَّ وَمُنْعِمَا
عَسى مَنْ لَهُ الإِحْسانُ يَغْفِرُ زَلَّتَهُ
وَيَسْتُرُ أَوْزارِي وَما قَدْ تَقَدَّمَا
متى التوبة يا نفس؟
يقول أبو العتاهية:
أَلاَ للهِ أَنْتَ مَتَى تَتُوبُ
وقد صَبَغَتْ ذَوائِبَكَ الخُطُوبُ
كَأَنَّكَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَيَّ حَثٍّ
يَحُثُّ بِكَ الشُّرُوقُ، كَمَا الغُروبُ
أَلَسْتَ تَراكَ كُلَّ صَبَاحِ يَوْمٍ
تُقابِلُ وَجْهَ نائِبَةٍ تَنُوبُ
لَعَمْرُكَ ما تَهُبُّ الرِّيحُ، إِلاَّ
نَعاكَ مُصَرِّحاً ذاكَ الهُبُوبُ
أَلاَ للهِ أَنْتَ فَتىًّ وَكَهْلاً
تَلُوحُ عَلى مَفارِقِكَ الذُّنُوبُ
هُوَ المَوْتُ الَّذي لا بُدَّ مِنْهُ،
فَلا يَلْعَبْ بِكَ الأَمَلُ الكَذُوبُ
وَكَيْفَ تُرِيدُ أَن تُدْعى حَكيماً،
وَأَنْتَ لِكُلِّ ما تَهْوى رَكُوبُ
وَتُصْبِحُ ضاحِكاً ظَهْراً لِبَطْنٍ،
وَتَذْكُرُ ما اجْتَرَمْتَ فَما تَتُوبُ
أَراكَ تَغِيبُ ثُمَّ تَؤُوبُ يَوْماً،
وَتُوشِكُ أَنْ تَغِيبَ وَلا تُؤُوبُ
أَتَطْلُبُ صاحِباً لا عَيْبَ فيهِ
وَأَيُّ النَّاسِ لَيْسَ لَهُ عُيُوبُ
رَأَيْتُ النَّاسَ صاحِبُهُمْ قَلِيلٌ،
وَهُمْ، وَاللَّهُ مَحْمُودٌ، أَنْواعُ
لَسْتُ مُسَمّى بَشَراً وَهُوباً
وَلَكِنَّ الإِلهَ هُوَ الْوَهُوبُ
تَحاشى رَبُّنَا عَنْ كُلِّ نَقْصٍ،
وَحاشا سائِلِيهِ أَنْ يَخِيبُوا
المذنب وخطاياه الجليلة
يقول البوصيري:
وَأَفَاكَ بِالذَّنْبِ العَظِيمِ المُذْنِبُ
خَجَلاً يُعَنِّفُ نَفْسَهُ وَيُؤَنِّبُ
لَمْ لا يُشُوبُ دُمُوعُهُ بِدِمائهِ
ذُو شَيْبَةٍ عَوْراتُها ما تَخْضَبُ
لَعِبَتْ بِهِ الدُّنْيا وَلَولا جَهْلُهُ
ما كانَ فِي الدُّنْيا يَخُوضُ وَيَلْعَبُ
لَزِمَ التَّقَلُّبَ فِي مَعاصِي رَبِّهِ
إِذْ باتَ فِي نَعْماءِهِ يَتَقَلَّبُ
يَسْتَغْفِرُ اللهَ الذُّنُوبَ وَقَلْبُهُ
شَرْهٌ عَلى أَمْثالِها يَتَوَثَّبُ
يُغْرِي جَوارِحَهُ عَلى شَهَواتِهِ
فَكَأَنَّهُ فيما اسْتَبَاحَ مُكَلَّبُ
أَضْحَى بِمُعْتَرَكِ المَنايا لاهِياً
فَكَأَنَّ مُعْتَرَكَ المَنايا مَلْعَبُ
ضاقَتْ مَذاهِبُهُ عَلَيْهِ فَما لَهُ
إِلا إِلى حَرَمِ بِطَابَةَ مَهْرَبُ
مُتَقَطِّعُ الأَسبابِ مِنْ أَعْمالِهِ
لَكِنَّهُ بِرَجائِهِ مُتَسَبِّبُ
وَقَفَتْ بِجاهِ المُصْطفى آمالُهُ
فَكَأَنَّهُ بِذُنُوبِهِ يَتَقَرَّبُ
وَبَدَا لَهُ أَنَّ الوُقُوفَ بِبابِهِ
بابٌ لِغُفْرانِ الذُّنُوبِ مُجَرَّبُ
صَلَّى عَلَيْهِ اللهُ إِنَّ مَطامِعِي
فِي جُودِهِ قَدْ غارَ مِنْها أَشْعَبُ
لَمْ لا يَغِيرُ وَقَدْ رآني دُونَهُ
أَدْرَكْتُ مِنْ خَيْرِ الوَرَى ما أَطْلُبُ
ماذا أَخافُ إِذا وَقَفْتُ بِبابِهِ
وَصَحائِفِي سُودٌ وَرأْسِيَ أَشْيَبُ
وَالمُصْطفى المَاحِي الَّذي يَمْحُو الذِّي
يَحْصِي الرَّقِيبُ عَلى المُسِيءِ وَيَكْتُبُ
بَشَرٌ سَعِيدٌ فِي النُّفُوسِ مُعْظَمٌ
مِقْدارُهُ وَإِلى القُلُوبِ مُحَبَّبُ
بِجَمالِ صُورَتِهِ تَمَدَّحَ آدَمُ
وَبَيَانِ مَنْطِقِهِ تَشَرَّفَ عَرَبُ
مِصْباحُ كُلِّ فَضِيلَةٍ وَإِمامُها
وَلِفَضْلِهِ فَضْلُ الخَلائِقِ يُنْسَبُ
رُدْ وَاقْتَبِسْ مِنْ فَضْلِهِ فَبِحارُهُ
ما تَنْتَهِي وَشُمُوسُهُ ما تَغْرُبُ
فَلِكُلٍّ سارٍ مِنْ هُداهُ هِدايةٌ
وَلِكُلِّ عَافٍ مِنْ نِدائِهِ مَشْرَبُ
وَلِكُلِّ عَيْنٍ مِنْهُ بَدْرٌ طالِعٌ
وَلِكُلِّ قَلْبٍ مِنْهُ لَيْثٌ أَغْلَبُ
مَلأَ العَوالِمَ عِلْمُهُ وَثَناءُهُ
فيهِ الوجودُ مُنَوَّرٌ وَمُطَيَّبُ
وَهَبَ الإِلهُ لَهُ الكَمالَ وَإِنَّهُ
فِي غَيْرِهِ مِنْ جِنْسِ ما لا يُوَهَبُ
كُشِفَ الغِطاءُ لَهُ وَقَدْ أُسْرِيَ بِهِ
فَعُلُومُهُ لا شَيْءَ عَنْها يَعْزُبُ
وَقابَ قَوْسَيْنِ انْتَهى فَمَحَلُّهُ
مِنْ قابِ قَوْسَيْنِ المَحَلُّ الأَقْرَبُ
وَدُنَا دُنُوّاً لا يُزاحِمُ مَنْكِباً
فيهِ كَما زَعَمَ المُكَيِّفُ مَنْكِبُ
فَاتَتِ العِبارَةُ وَالإِشارَةُ فَضْلُهُ
فَعَلَيْكَ مِنْهُ بما يُقالُ وَيُكْتَبُ
صَدِّقْ بِما حُدِّثْتَ عَنْهُ فَفِي الوَرَى
بِالغَيْبِ عَنْهُ مُصَدِّقٌ وَمُكَذِّبُ