جدول المحتويات
البند | العنوان |
---|---|
1 | أبيات شعرية مؤثرة من ديوان قاسم حداد |
2 | قصائد حزينة للشاعر حافظ إبراهيم |
3 | قصيدة “جرحان” |
4 | رثاء مؤثر لأخ عزيز |
أبيات شعرية مؤثرة من ديوان قاسم حداد
يقول الشاعر قاسم حداد:
أُشاركُكِ صورةً في خيالي، في بزوغِ الفجرِ. أُلاحِظُكِ بينَ السناجبِ وجنادبِ العشبِ الطري. أختارُ سطراً لكِ وآخرَ لي، وأجلسُ بجانبكِ. كحُرِّيَّةٍ تُحرِّرُ الفرسَ من اللجامِ والسرجِ، تُطلقُها في سهولِ الحريةِ. أُحيطُكِ بشباكِ الشوقِ، وأزيلُ أسوارَ الحواجزِ، كي لا يعترضَ الطريقَ شيءٌ. تسقطينَ في أحضاني، في موجةٍ من الخضرةِ الذهبيةِ. نلتقي بلا تردد، ولا ندري من الصائد ومن الفريسة، ومن أين يبدأ الصيد، وكيف تسقط الضحية في شِراكِ الندمِ. يا قلبِي، ما الجدوى؟ ضاقتْ هذه الخريطة، و كثرت شكاوى البوصلات. أينَ مدخلُ الدارِ؟ ليس صدفةً أن يستخدمَ الوقودُ لإشعالِ النارِ. يدي في مستحيلٍ ساحر، كغزالٍ خائفٍ في موجةٍ من الهيام. قلبي ضائع في الحب، كسفينةٍ في الضباب. كان لها نجومٌ تُضيئها، مناراتٌ وارتجافُ ضائعين لها، وميناءُ السكارى والقراصنة الأسطوريين، والعاصفة، كان لها. كي يستقيمَ الموجُ، حقٌّ في اشتعالِ العشقِ في بحارةٍ شجعان، يُوقدون النارَ في الفوضى، عراةُ الصدور، يسقون الصواري نخبَهم، يتجاسرون إذا طغى المعنى وضاعَ دليلهم، و يُكابرون إذا بكتْ مراياهم، وارتاعَ ربّانُ السفينة ساعةَ النجوى. فما الجدوى من السفر الطويل وجنةٌ في البيت؟ يا بيتَ الصديقِ القلبِ، طاشَ الموجُ بيوتاً. تساءلت روحي، وهاج الشوق بالمعنى. فمن يبكي إذا طال الرحيل؟ ومن يُفسرُ محنةَ الأسفار؟ من يقوى؟ وما الجدوى إذا فكرتَ في الجدوى.
ويضيف قائلاً:
كم سيبقى من العمر لأُسألَ الله أن يُجمعَ الأصدقاءَ، ويرسمَ حبَّ الأعداءِ لهم، ويُؤلفَهم في كتابٍ جديدٍ يُمحِي الحقدَ من قلوبهم، ثم يسعى بهم إلى البعيد القريب من الناس، يستوعبون الجراحَ ويُحنونَ أعناقَهم للصديق. كم يا تُرى سوف يكفي من العمر نرجو السناجبَ كي لا تقوّضَ هيكلنا في الطريق إلى الله؟ يبقى من الله فينا قليلاً نؤجل أخطاءنا ونحضُّ السماءَ على العفو كي لا يزيد الطغاةُ من العسف في بيتنا. ليتنا نسألُ الله في غفلةٍ أن يكفَّ الدعاةُ إلى الموت باسم الكتاب العتيق. كم سوف يكفي من الدم كي نحتفي بالضغينة وهي تزول من النص؟ يبقى من العمر وقتٌ نؤدي به حاجةَ الروحِ بعد النقائض قبل الحريق. كم سوف يحتاج ترميمُ أرواحنا بعدما هشمتها الشظايا؟ فهل من بقايا من الشمس تكفي لمستقبلٍ عاطلٍ في المحطات قبل البريق؟ يا ربُّ، هاتِ الأحباءَ يستقبلون معي غدهم في الحقول البعيدة عن عتمات المعابد، هات الندى في القلوب الحسيرة. قل هو الوقتُ يكفي، ففي الحب بوصلةٌ للطريق.
قصائد حزينة للشاعر حافظ إبراهيم
يقول الشاعر حافظ إبراهيم:
حَبَسَ اللِسانَ وَأَطلَقَ الدَمعانِ، عَينٌ أَصَمَّ بِنَعيِكَ السَّمعَ، لكَ مِنَّةٌ قَد طَوَّقَت عُنُقي، ما إِن أُريدُ لِطَوقِها نَزَعاً. ماتَ الإِمامُ وَكانَ لي كَنَفاً، وَقَضَيتَ أَنتَ وَكُنتَ لي دِرعاً، فَلَيَشمَتِ الحُسّادُ في رَجُلٍ أَمسَت مُناهُ وَأَصبَحَت صَرعى، وَلَتَحمِلِ الأَيّامُ حَملَتَها. غاضَ المَعينُ وَأَجدَبَ المَرعى، إِنّى أَرى مِن بَعدِهِ شَلَلاً بِيَدِ العُلا وَبِأَنفِها جَدعاً، وَأَرى النَدى مُستَوحِشاً قَلِقاً، وَأَرى المُروءَةَ أَقفَرَت رَبعاً. قَد كانَ في الدُنيا أَبو حَسَنٍ، يُولي الجَميلَ وَيُحسِنُ الصُنعا، إِن جاءَ ذو جاهٍ بِمَحمَدَةٍ، وَتَرَى شَآهُ بِمِثلِها شَفعاً. فَإِذا نَظَرتَ إِلى أَنامِلِهِ، تَندى حَسِبتَ بِكَفِّهِ نَبعاً، سَلني فَإِنّي مِن صَنائِعِهِ، وَسَلِ المَعارِفَ كَم جَنَت نَفعاً. قَد أَخصَبَت أُمُّ اللُغاتِ بِهِ خِصباً أَدَرَّ لِأَهلِها الضَرعاتِ، اللَهِ لَولا أَن يُقالَ أَتى بِدعاً، لَطُفتُ بِقَبرِهِ سَبعاً. قَد ضِقتُ ذَرعاً بِالحَياةِ وَمَن، يَفقِد أَحِبَّتَهُ يَضِق ذَرعاً، وَغَدَوتُ في بَلَدٍ تَكَنَّفَنِي فيهِ الشُرورُ وَلا أَرى دَفعاً. كَم مِن صَديقٍ لي يُحاسِنُني، وَكَأَنَّ تَحتَ ثِيابِهِ أَفعى، يَسعى فَيُخفي لينُ مَلمَسِهِ عَنّي، مَسارِبَ حَيَّةٍ تَسعى. كَم حاوَلَت هَدمي مَعاوِلُهُم، وَأَبى الإِلَهُ فَزادَني رَفعاً، أَصبَحتُ فَرْداً لا يُناصِرُني، غَيرُ البَيانِ وَأَصبَحوا جَمعاً، وَمُناهُمُ أَن يَحطِموا بِيَدَي قَلَماً أَثارَ عَلَيهِمُ النَّقعَ، وَلَرُبَّ حُرٍّ عابَهُ نَفَرٌ لا يَصلُحونَ لِنَعلِهِ شِسْعاً.
ويكمل قائلاً:
مَن ذا يُواسيني وَيَكلَأُني في هَذِهِ الدُنيا وَمَن يَرعى؟ لا جاهَ يَحميني وَلا مَدَدٌ، رَعَنّي يَرُدُّ الكَيدَ وَالقَذَعا. بِكَ كُنتُ أَدفَعُ كُلَّ عادِيَةٍ، وَأُجيبُ في الجُلّى إِذا أُدعى، وَأُقيلُ عَثرَةَ كُلِّ مُبتَئِسٍ، وَأَفي الحُقوقَ وَأُنجِحُ المَسعى. حَتّى نَعى الناعي أَبا حَسَنٍ، فَوَدَدتُ لَو كُنتُ الَّذي يُنعى. غيظُ العِداةِ فَحاوَلوا سَفَهاً، مِنهُم لِحَبلِ وِدادِنا قَطْعاً، أَراموا لَهُ بَتّاً وَقَد حَمَلوا ظُلماً فَكانَ لِوَصلِهِ أَدْعى. يا دَوحَةً لِلبَرِّ قَد نَشَرَت، في كُلِّ صالِحَةٍ لَها فَرْعاً، وَمَنارَةً لِلفَضلِ قَد رُفِعَت، فَوقَ الكَنانَةِ نورُها شَعّاً، وَمَثابَةً لِلرِّزقِ أَحمَدُها، ما رَدَّ مِسكيناً وَلا دَعّا. إِنّي رَثَيتُكَ وَالأَسى جَلَلٌ، وَالحُزنُ يَصدَعُ مُهجَتي صَدْعاً، لا غَرْوَ إِن قَصَّرتُ فيكَ فَقَد، جَلَّ المُصابُ وَجاوَزَ الوُسعَ، سَأَفيكَ حَقَّكَ في الرِّثاءِ كَما، تَرضى إِذا لَم تُقَدَّرِ الرُّجعى.
قصيدة “جرحان”
يقول الشاعر قاسم حداد:
تجلى ليَ العِلمُ أنّي أموتُ جُزافاً على الدربِ بين التآويلِ والعاصفةِ، تراءتْ ليَ النزهةُ المشتهاةُ كأنَّ الحياةَ كَالسيرِ في موكبِ العائدينَ من الموتِ بالحجةِ الخائفةِ، بدا ليَ أنّ المعزّينَ يأتونَ مبتهجينَ لأنّ الذي ماتَ ضحى بهم في الكتابةِ والمعرفةِ، غنّى بجرحينِ كي يُولِمَ الحفلَ والمائدةَ بالقوى السائدةِ، وأنّ الذي خطّهُ في الدفاترِ أخطاؤُهُ المنتقاةُ قبلَ المماتِ، ولم يستعنْ، كي يموتَ سريعاً، بما يشغلُ البعضَ في الربحِ والفائدةِ، بدتْ للرواةِ الحقيقةُ قبلَ اكتمالِ الحكايةِ، لم ينتبه أحدٌ، أخفقوا في التفاسيرِ، باتوا على حزنهم، والتهوا بالجنازةِ عن مستثارِ الرؤى الرائدةِ.
رثاء مؤثر لأخت عزيزة
تقول الخنساء:
أَعَينَيَّ جوداً وَلا تَجمُدا، أَلا تَبكِيانِ لِصَخرِ النَّدى، أَلا تَبكِيانِ الجَريءَ الجَميلَ، أَلا تَبكِيانِ الفَتى السَّيِّدَ، طويلَ النِّجادِ رَفيعَ العِمادِ، سادَ عَشيرَتَهُ أَمْرَداً، إِذا القَومُ مَدُّوا بِأَيديهِمِ إِلى المَجدِ مَدَّ إِلَيهِ يَدَاً، فَنالَ الَّذي فَوقَ أَيديهِمِ مِنَ المَجدِ ثُمَّ مَضى مُصْعِداً، يُكَلِّفُهُ القَومُ ما عالُهُمْ، وَإِن كانَ أَصْغَرَهُم مَوْلِداً، تَرَى المَجدَ يَهْوِي إِلى بَيتِهِ، يَرَى أَفضَلَ الكَسبِ أَن يُحْمَدَ، وَإِن ذُكِرَ المَجدُ أَلْفَيْتَهُ تَأَزَّرَ بِالمَجدِ ثُمَّا ارتَدى.