قصائد بدر شاكر السياب: رحلة في أعماق الشعر العراقي

استكشاف لقصائد بدر شاكر السياب الخالدة، من

محتويات

قصيدة “لأني غريب”
قصيدة “لن نفترق”
قصيدة “هل كان حبًا؟”
مطلع قصيدة “غريب على الخليج”

شوق السياب لوطنه في قصيدة “لأني غريب”

يُعبّر بدر شاكر السياب في قصيدته “لأني غريب” عن اشتياقه العميق لوطنه العراق، مستخدماً أسلوباً شعرياً يُبرز حدة هذا الشوق والبعد الجغرافي والعاطفي عن الحبيب الأرض.

يبدأ السياب بالتعبير عن غربة روحه وجسده، مُشيراً إلى بعد العراق الحبيب وعدم قدرته على العودة إليه. وتتوالى الصورة الشعرية بصورة بليغة وتعبيرية:

لأنّي غريب
لأنّ العراق الحبيب بعيد
وأني هنا في اشتياق إليه إليها أنادي: عراق
فيرجع لي من ندائي نحيبتفجر عنه الصدى
أحسّ بأني عبرت المدى
إلى عالم من ردى لا يجيب ندائي
وإما هززت الغصون
فما يتساقط غير الردى حجارة حجارة
وما من ثمار وحتى العيون حجارة
وحتى الهواء الرطيب حجارة يندّيه بعض الدّم
حجار ندائي وصخر فمي ورجلاي ريح تجوب القفار

عتاب الحبيب في قصيدة “لن نِفترق”

تُجسّد قصيدة “لن نفترق” حوارًا دراميًا بين الحبيبين، حيث يُعبّر السياب عن خوفه من الفراق وعتابه لحبيبته التي تُبدي علامات القلق والشك.

يتّسم الوصف الشعري بالتناقضات بين الأمل والخوف، والحب والشك، ليُبرز عمق العاطفة والصراع الداخلي للحبيب. يُلاحظ استخدام السياب لألفاظ تصف الحالة النفسية الحادة كـ “الريّب” و “اليأس” و “الخاطر الشجب”.

هبت تغمغم: سوف نفترق
روح على شفتيك تحترق
صوت كأن ضرام صاعقة
ينداح فيه .. وقلبي الأفق
ضاق الفضاء وغام في بصري
ضوء النجوم وحطم الألق
على جفوني الشاحبات وفيدمعي شظايا منه أو مزق
فيم الفراق؟ أليس يجمعنا
حب نظل عليه نعتنق؟
حب ترقرق في الوعود سنامنه ورف على الخطى عبق
أختاه، صمتك ملؤه الريب؟
فيما الفراق؟ أما له سبب؟
الحزن في عينيك مرتجف
واليأس في شفتيك يضطرب
يداك باردتان: مثل غديع
على جبينك خاطر شجب
ما زال سرك لا تجنحه
آه مؤججة: ولا يثب
حتى ضجرت به وأسأمه
طول الثواء وآده التعب
إني أخاف عليك واختلج
تشفة إلى القبلات تلتهب
ثم انثنيت مهيضة الجلد
تتنهدين وتعصرين يدي
وترددين وأنت ذاهلة
إني أخاف عليك حزن غدف
تكاد نتتثرالنجوم أسى
في جوهن كذائب البرد
لا تتركي لا تتركي لغد
تعكير يومي ما يكون غد
وإذا ابتسمت اليوم من فرح
فلتعبسن ملامح الأبد
ما كان عمري قبل موعدنا
إلا السنين تدب في جسد
أختاه لذّ على الهوى ألمي
فاستمتعي بهواك وابتسمي
هاتي اللهيب فلست أرهبه
ما كان حبك أول الحمم
ما زلت محترقا تلقفين
نار من الأوهام كالظلم
سوداء لا نور يضيء بها
كرقاد حمى دونما حلم
هاتي لهيبك إن فيه سناً
يهدي خطاي ولو إلى العدم
هي ومضة ألقى الوجود بها
جذلان يرقص عاري القدم

تأملات في الحب في قصيدة “هل كان حبًا؟”

تُطرح في قصيدة “هل كان حبًا؟” أسئلة وجودية حول معنى الحب وطبيعته، مُستخدِماً السياب أسلوبًا شعريًا يُمزج بين التساؤل والوصف والانفعال العاطفي.

يُعبّر السياب عن حيرته وتردّده في تحديد ماهية الحب، هل هو جنونٌ، أم غرامٌ، أم مزيجٌ من الألم والفرح؟ يُجسّد السياب تجربة عاطفية معقّدة مليئة بالتناقضات بين الاشتياق والخوف، والاقتراب والابتعاد.

هل تُسمّينَ الذي ألقى هياما ؟
أَمْ جنوناً بالأماني ؟ أم غراما ؟
ما يكون الحبُّ ؟ نَوْحاً وابتساما ؟
أم خُفوقَ الأضلعِ الحَرّى ، إذا حانَ التلاقي
بين عينينا ، فأطرقتُ ، فراراً باشتياقي
عن سماءٍ ليس تسقيني ، إذا ما ؟
جئتُها مستسقياً ، إلاّ أواما
العيون الحور ، لو أصبحنَ ظلاً في شرابي
جفّتِ الأقداحُ في أيدي صحاب
دون أن يَحْضَينَ حتى بالحبابِ
هيئي ، يا كأسُ، من حافاتك السكرى، مكانات
تلاقى فيه، يوماً، شفتان
في خفوقٍ والتهابِ
وابتعادٍ شاعَ في آفاقهِ ظلُّ اقترابِ
كم تَمَنَّى قلبيَ المكلومُ لو لم تستجيبي
من بعيدٍ للهوى ، أو من قريبِ
آهِ لو لم تعرفي ، قبل التلاقي ، من حبيبِ!
أيُّ ثغرٍ مَسَّ هاتيك الشفاها
ساكباً شكواهُ آهاً … ثم آها ؟
غير أنّي جاهلٌ معنى سؤالي عن هواها º
أهو شيءٌ من هواها … يا هواها ؟
أَحْسدُ الضوءَ الطروب
امُوشكاً، مما يلاقي، أن يذوب
افي رباطٍ أوسع الشَّعرَ التثاما ،
السماء
البكرُ من ألوانه آناً ، وآن
لا يُنيلُ الطرفَ إلاّ أرجوان
ليتَ قلبي لمحةٌ من ذلك الضوء السجينِ º
أهو حبٌّ كلُّ هذا ؟! خبّرينِ

صورة الغربة في مطلع قصيدة “غريب على الخليج”

يُجسّد مطلع قصيدة “غريب على الخليج” صورة بصرية قوية للوحدة والغربة، حيث يُصور السياب الغريب جالسًا على شاطئ الخليج، يتأمل في محيط واسع يُجسّد شعوره بالوحدة والبعد عن وطنه.

الريح تلهث بالهجيرة كالجثام، على الأصيل
وعلى القلوع تظل تطوى أو تنشّر للرحيل
زحم الخليج بهنّ مكتدحون جوّابو بحار
من كل حاف نصف عاري
وعلى الرمال ، على الخليج
جلس الغريب، يسرّح البصر المحيّر في الخليج
ويهد أعمدة الضياء بما يصعّد من نشيج
أعلي من العبّاب يهدر رغوه ومن الضجيج
“صوت تفجّر في قرارة نفسي الثكلى: عراق”
كالمدّ يصعد ، كالسحابة ، كالدموع إلى العيون
الريح تصرخ بي عراق

Total
0
Shares
المقال السابق

قصائد امرئ القيس: رحلة عبر الصحراء والغزل

المقال التالي

قصائد بدوية أصيلة: مشاعر عميقة وأحاسيس صادقة

مقالات مشابهة