ملخص عن قصيدة غربة وحنين للبارودي
تعتبر قصيدة “غربة وحنين” للشاعر محمود سامي البارودي من أبرز القصائد التي تعبر عن لوعة الشوق إلى الوطن والحنين إلى ذكريات الماضي الجميل. تعكس القصيدة تجربة الشاعر في المنفى، حيث يصور ألمه وحزنه لفراق الأهل والأحبة والديار. يستخدم البارودي لغة شعرية قوية وصورًا فنية معبرة لنقل مشاعره وأحاسيسه إلى القارئ.
تبدأ القصيدة بتساؤل الشاعر عمن يستطيع أن يخفف عنه ألم الحب والشوق، ثم ينتقل إلى وصف حاله في الغربة ومعاناته من الوحدة والبعد عن الوطن. يتذكر الشاعر أيام الصبا واللهو في مصر، ويعبر عن حنينه إلى طبيعتها الخلابة وأهلها الكرام. وفي نهاية القصيدة، يسلم الشاعر أمره لله ويتضرع إليه بالصبر والفرج.
يقول الشاعر البارودي في قصيدته:[1]
هَلْ مِنْ طَبِيبٍ لِدَاءِ الْحُبِّ أَوْ رَاقِي
يَشْفِي عَلِيلاً أَخَا حُزْنٍ وَإِيرَاقِ
قَدْ كَانَ أَبْقَى الْهَوَى مِنْ مُهْجَتِي رَمَقاً
حَتَّى جَرَى الْبَيْنُ فَاسْتَوْلَى عَلَى الْبَاقِي
حُزْنٌ بَرَانِي وَأَشْوَاقٌ رَعَتْ كَبِدِي
يَا وَيْحَ نَفْسِيَ مِنْ حُزْنٍ وَأَشْوَاقِ
أُكَلِّفُ النَّفْسَ صَبْرَاً وَهْيَ جَازِعَةٌ
وَالصَّبْرُ فِي الحُبِّ أَعْيَا كُلَّ مُشْتَاقِ
لا فِي سَرَنْدِيبَ لِي خِلٌّ أَلُوذُ بِهِ
وَلا أَنِيسٌ سِوَى هَمِّي وَإِطْرَاقِي
أَبِيتُ أَرْعَى نُجُومَ اللَّيْلِ مُرْتَفِقَاً
فِي قُنَّةٍ عَزَّ مَرْقَاهَا عَلَى الرَّاقِي
تَقَلَّدَتْ مِنْ جُمَانِ الشَّهْبِ مِنْطَقَةً
مَعْقُودَةً بِوِشَاحٍ غَيْرِ مِقْلاقِ
كَأَنَّ نَجْمَ الثُّرَيَّا وَهْوَ مُضْطَرِبٌ
دُونَ الْهِلالِ سِرَاجٌ لاحَ فِي طَاقِي
يَا رَوْضَةَ النِّيلِ لا مَسَّتْكِ بَائِقَةٌ
وَلا عَدَتْكِ سَمَاءٌ ذَاتُ أَغْدَاقِ
وَلا بَرِحْتِ مِنَ الأَوْرَاقِ فِي حُلَلٍ
مِنْ سُنْدُسٍ عَبْقَرِيِّ الْوَشْيِ بَرَّاقِي
يَا حَبَّذَا نَسَمٌ مِنْ جَوِّهَا عَبِقٌ
يَسْرِي عَلَى جَدْوَلٍ بِالْمَاءِ دَفَّاقِ
بَلْ حَبَّذَا دَوْحَةٌ تَدْعُوالْهَدِيلَ بِهَا
عِنْدَ الصَّبَاحِ قَمَارِيٌّ بِأَطْوَاقِ
مَرْعَى جِيَادِي وَمَأْوَى جِيرَتِي وَحِمَى
قَوْمِي وَمَنْبِتُ آدَابِي وَأَعْرَاقِي
أَصْبُو إِلَيْهَا عَلَى بُعْدٍ وَيُعْجِبُنِي
أَنِّي أَعِيشُ بِهَا فِي ثَوْبِ إِمْلاقِ
وَكَيْفَ أَنْسَى دِيَارَاً قَدْ تَرَكْتُ بِهَا
أَهْلاً كِرَاماً لَهُمْ وُدِّي وَإِشْفَاقِي
إِذَا تَذَكَّرْتُ أَيَّامَاً بِهِمْ سَلَفَتْ
تَحَدَّرَتْ بِغُرُوبِ الدَّمْعِ آمَاقِي
فَيَا بَرِيدَ الصَّبَا بَلِّغْ ذَوِي رَحِمِي
أَنِّي مُقِيمٌ عَلَى عَهْدِي وَمِيثَاقِي
وَإِنْ مَرَرْتَ عَلَى الْمِقْيَاسِ فَاهْدِ لَهُم
مِنِّي تَحِيَّةَ نَفْسٍ ذَاتِ أَعْلاقِ
وَأَنْتَ يَا طَائِرَاً يَبْكِي عَلَى فَنَنٍ
نَفْسِي فِدَاؤُكَ مِنْ سَاقٍ عَلَى سَاقِ
أَذْكَرْتَنِي مَا مَضَى وَالشَّمْلُ مُجْتَمِعٌ
بِمِصْرَوَالْحَرْبُ لَمْ تَنْهَضْ عَلَى سَاقِ
أَيَّامَ أَسْحَبُ أَذْيَالَ الصِّبَا مَرِحاً
فِي فِتْيَةٍ لِطَرِيقِ الْخَيْرِ سُبَّاقِ
فَيَا لَهَا ذُكْرَةً شَبَّ الْغَرَامُ بِهَا
نَاراً سَرَتْ بَيْنَ أَرْدَانِي وَأَطْوَاقِي
يَعَصْرٌ تَوَلَّى وَأَبْقَى في الْفُؤَادِ هَوىً
يَكَادُ يَشْمَلُ أَحْشَائِي بِإِحْرَاقِ
وَالْمَرْءُ طَوْعُ اللَّيَالِي فِي تَصَرُّفِهَا
لا يَمْلِكُ الأَمْرَ مِنْ نُجْحٍ وَإِخْفَاقِ
عَلَيَّ شَيْمُ الْغَوَادِي كُلَّمَا بَرَقَتْ
وَمَا عَلَيَّ إِذَا ضَنَّتْ بِرَقْرَاقِ
فَلا يَعِبْنِي حسُودٌ أَنْ جَرَى قَدَرٌ
فَلَيْسَ لِي غَيْرُ مَا يَقْضِيهِ خَلَّاقِي
أَسْلَمْتُ نَفْسِي لِمَوْلَىً لا يَخِيبُ لَهُ
رَاجٍ عَلَى الدَّهْرِ وَالْمَوْلَى هُوَ الْوَاقِي
وَهَوَّنَ الْخَطْبَ عِنْدِي أَنَّنِي رَجُلٌ
لاقٍ مِنَ الدَّهْرِ مَا كُلُّ امْرِئٍ لاقِي
يَا قَلْبُ صَبْراً جَمِيلاً إِنَّهُ قَدَرٌ
يَجْرِي عَلَى الْمَرْءِ مِنْ أَسْرٍ وَإِطْلاقِ
لا بُدَّ لِلضِّيقِ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ فَرَجٍ
وَكُلُّ دَاجِيَةٍ يَومَاً لإِشْرَاقِ
الأفكار المحورية في القصيدة
تزخر القصيدة بعدد من الأفكار الأساسية التي سعى الشاعر إلى تجسيدها ونقلها إلى المتلقي، ومن أهم هذه الأفكار:
- البحث عن من يخفف وطأة الألم والاشتياق الذي يعانيه الشاعر.
- التحلي بالصبر والتعبير عن الألم العميق لفراق الأهل والوطن العزيز.
- استحضار صور الجمال التي تميز الوطن، وتحديدًا أرض مصر.
- تجديد العهد والوفاء للوطن، والتأكيد على أنه لا يمكن لأي أرض أخرى أن تحل محله في قلب الشاعر.
- استعادة ذكريات الطفولة الجميلة والأيام التي قضاها مع الأصدقاء والأحبة.
- التسليم بقضاء الله وقدره، والإيمان بأنه هو القادر على تغيير الأحوال.
تفسير معاني الكلمات في القصيدة
تحتوي القصيدة على مجموعة من المفردات التي تحتاج إلى توضيح وشرح من أجل فهم المعنى العام للقصيدة بشكل أفضل. إليكم بعض هذه المفردات:
المفردة | المعنى |
---|---|
مهجتي | تعني دم القلب، وهي أصفى وأخلص ما في الشيء.[2] |
سرنديب | اسم قديم لجزيرة سيلان، وهي من بلاد الهند.[3] |
قُنَّةٍ | أي في مكان مرتفع وعالٍ.[4] |
بَائِقَةٌ | تعني مصيبة أو أمر سيء.[5] |
الصَّبَا | هو الشوق والحنين إلى الوطن.[6] |
التصوير الفني في القصيدة
تتميز القصيدة باستخدام ثري للصور الفنية التي أضفت عليها جمالًا وبلاغة. من أبرز هذه الصور:
- قَدْ كَانَ أَبْقَى الْهَوَى مِنْ مُهْجَتِي رَمَقاً: هنا يشبه الشاعر الهوى بالإنسان الذي يبقي شيئًا من الشيء. وهذا تشبيه حذفت فيه المشبه به وأبقينا على شيء من لوازمه، وهو استعارة مكنية.
- حُزْنٌ بَرَانِي وَأَشْوَاقٌ رَعَتْ كَبِدِي: في هذا البيت، يشبه الشاعر الحزن والشوق بالإنسان الذي يؤلم ويرعى. وهو تشبيه حذفت فيه المشبه به وأبقينا على شيء من لوازمه، وهو استعارة مكنية.
- أُكَلِّفُ النَّفْسَ صَبْرَاً وَهْيَ جَازِعَةٌ: هنا يصور الشاعر النفس كالإنسان الذي يجزع ويحزن. وهو تشبيه حذفت فيه المشبه به وأبقينا على شيء من لوازمه، وهو استعارة مكنية.
المراجع
- ^ “هل من طبيب لداء الحب أو راق”،الديوان، تم الاطلاع عليه بتاريخ 15/10/2024.
- ^ “تعريف و معنى مهجة في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”،المعاني، تم الاطلاع عليه بتاريخ 15/10/2024. بتصرّف.
- ^ “تعريف و معنى سَرَنْدِيبَ في قاموس الكل. قاموس عربي عربي”،المعاني، تم الاطلاع عليه بتاريخ 15/10/2024. بتصرّف.
- ^ “تعريف و معنى قُنَّةٍ في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”،المعاني، تم الاطلاع عليه بتاريخ 15/10/2024. بتصرّف.
- ^ “تعريف و معنى بَائِقَةٌ في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”،المعاني، تم الاطلاع عليه بتاريخ 15/10/2024. بتصرّف.
- ^ “تعريف و معنى الصَّبَا في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”،المعاني، تم الاطلاع عليه بتاريخ 15/10/2024. بتصرّف.