فهم مفهوم الطاغوت

استعراض شامل لمفهوم الطاغوت في الإسلام، أنواعه، وما أمرنا الله باجتنابه.

جذور مفهوم الطاغوت

يستمدّ لفظ “الطاغوت” أصله اللغوي من الفعل “طغى”، وهو ما يتجاوز الحدّ المسموح به. فكما يقال عن الماء إذا غمر حدوده أنه طغى، كما في قصة سيدنا نوح عليه السلام، قال تعالى: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾. [٢]. وقد أشار أهل اللغة إلى معانٍ أخرى للطاغوت، كالشيطان، والكاهن، والشاعر، والأصنام، وكل من تمرد في الشرّ. وقد ورد ذكر أسماء محددة كحُيي بن أخطب وكعب بن الأشرف، وكذلك اللات والعزّى، وحتى السحر، كأمثلة على الطاغوت، فهو كل ما يصرف الناس عن الحقّ.

أما في الاصطلاح الشرعي، فيُعرّف الطاغوت بأنه كل ما يتجاوز به العبد حده، سواءً في العبادة أو الطاعة أو الاتباع، بما يخالف شرع الله تعالى. فالله وحده هو المستحق للعبادة والطاعة، ومن تجاوز هذا الحدّ إلى حدّ الألوهية فقد طغى.

تصنيفات الطاغوت

بناءً على المعنى اللغوي والاصطلاحي، يمكن تصنيف الطاغوت إلى عدة أقسام، جميعها تشترك في صرف الناس عن الحقّ:

  • الشيطان: كرأس الشرّ ومُضلّ الخلق.
  • مَن ادّعى التشريع أو غيّر أحكام الله: من زعم أن ماغيّره أفضل من شرع الله.
  • مَن يدعو لعبادته: من طلب من الناس عبادته أو رضى بعبادته له.
  • مَن يطلب الطاعة في محظورات الله: من أمر الناس بطاعته حتى ولو في ما حرمه الله.
  • الساحر: لادعائه علم الغيب والتأثير بالمخلوقات.

أمر الله باجتناب الطاغوت

قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾. [١٣] فقد بشر الله عباده الذين يجتنبون الطاغوت في العبادة والطاعة والاتباع، ووصفهم بأنهم يتبعون أحسن الأقوال، وأنهم أصحاب العقول الراجحة.

يشمل هذا الاجتناب الشيطان كرأس الشرّ، وكل من يضلل الخلق ويحرفهم عن طريق التوحيد، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾. [١٥] ويشمل أيضاً كل من هو رأس في الشرّ وقدوة في إضلال الناس.

ومعنى “اجتناب” هنا هو البعد عن الطاغوت، جعل النفس في جانب والطاغوت في جانب آخر، لتجنب تأثيره الضارّ. وقد أمر الله باجتناب الطاغوت لما لها من خطورة على عقيدة المسلم في الدنيا والآخرة.

المراجع

تم الاستعانة بمجموعة من المصادر في إعداد هذا المقال، وذلك لضمان دقة المعلومات.


Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

فهم الضوء: من الجسيمات إلى الموجات

المقال التالي

الطاقة: تعريفها، أشكالها، ومصادرها

مقالات مشابهة