فهم مفهوم الحوكمة الرشيدة: تعريفات وتطبيقات

استعراض شامل لتعريف الحوكمة الرشيدة من منظور منظمات دولية كبرى، بالإضافة إلى خصائصها الأساسية وأهميتها في التنمية المستدامة.

محتويات

التعريفات المتعددة للحوكمة الرشيدة

يُعدّ مفهوم الحوكمة الرشيدة من المفاهيم المتعددة الأوجه، حيث تختلف تعريفاته باختلاف المنظور والهدف. فلا يوجد تعريف عالمي موحد، لكن نجد اختلافات طفيفة بين التعريفات الصادرة عن المنظمات الدولية الكبرى:

منظور برنامج الأمم المتحدة الإنمائي:

يُعرّف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الحوكمة الرشيدة بأنها حكومة تشاركية، شفافة، خاضعة للمساءلة، وتعزز سيادة القانون.

منظور منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية:

ترى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الحوكمة الرشيدة تتجلى في دور السلطات العليا في تهيئة بيئة اقتصادية عادلة تُوزّع المنافع بشكل مُنصف، وتُحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم بوضوح وشفافية.

منظور البنك الدولي:

يُعرّف البنك الدولي الحوكمة الرشيدة بأنها صنع سياسات منفتحة وواعية، وبيروقراطية تتميز بالمهنية، وذراع تنفيذية حكومية مسؤولة عن أفعالها، مدعومة بمجتمع مدني قوي يشارك في الشؤون العامة، وكل ذلك تحت مظلة سيادة القانون.

منظور بنك التنمية الآسيوي:

يُنظر إلى الحوكمة الرشيدة من قبل بنك التنمية الآسيوي على أنها الطريقة التي تُدار بها السلطة موارد الدولة الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق التنمية الشاملة.

منظور إدارة الضمان الاجتماعي:

تُعرّف إدارة الضمان الاجتماعي الحوكمة الرشيدة بأنها ممارسة السلطة بشكل خاضع للمساءلة والشفافية، وقابل للتنبؤ، بالإضافة إلى كونها تشاركية وديناميكية.

السمات المميزة للحوكمة الرشيدة

تتميز الحوكمة الرشيدة بمجموعة من الخصائص الجوهرية التي تضمن فعاليتها، أهمها:

المشاركة:

تُعزز الحوكمة الرشيدة مشاركة جميع أفراد المجتمع، رجالاً ونساءً، في صنع القرارات، وتُشجع على المشاركة المدنية المنظمة، مع دعم حرية التعبير، وبناء مجتمع مدني قوي. وتتخذ هذه المشاركة شكلين رئيسيين: المشاركة المباشرة والمشاركة التمثيلية من خلال مؤسسات وسيطة شرعية.

سيادة القانون:

تُعتبر سيادة القانون ركيزة أساسية للحوكمة الرشيدة، حيث تتجلى في وجود سلطة قضائية مستقلة وعادلة، وتنفيذ القوانين بحيادية، واحترام حقوق الإنسان والحريات المدنية لجميع المواطنين، بما في ذلك الأقليات، مع وجود قوة شرطة نزيهة وخالية من الفساد.

الشفافية:

تتضمن الشفافية اطلاع جميع المواطنين على كيفية اتخاذ القرارات، وسهولة وصولهم إلى المعلومات والقرارات الحكومية، وتوفيرها بصور ووسائل سهلة الفهم.

الاستجابة:

تُعنى الاستجابة بسرعة وكفاءة المؤسسات الحكومية في تلبية احتياجات جميع أصحاب المصلحة، ضمن إطار زمني معقول.

الإجماع وتوافق الآراء:

تُحاول الحوكمة الرشيدة تحقيق توافق في الآراء بين مختلف الجهات الفاعلة في المجتمع، مع مراعاة وجهات النظر المتنوعة، بما يعكس السياق التاريخي والثقافي والاجتماعي للمجتمع.

المساواة والشمولية:

تهدف الحوكمة الرشيدة إلى ضمان المساواة والشمول، بحيث يشعر جميع المواطنين بأنهم جزء من المجتمع، وأن لديهم الفرصة لتحسين رفاههم، مع التركيز بشكل خاص على الفئات الأكثر ضعفاً.

الفعالية والكفاءة:

تتمثل الفعالية والكفاءة في الاستخدام الأمثل والمستدام للموارد المتاحة، لتلبية احتياجات المواطنين، وضمان استمرارية الاستثمارات الاجتماعية، والحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئية للأجيال القادمة.

المساءلة:

تُشير المساءلة إلى خضوع جميع منظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والمؤسسات والوكالات الحكومية للمساءلة أمام المواطنين، بغض النظر عن طبيعة القرارات المتخذة، سواءً كانت داخلية أو خارجية. وهي شرط أساسي للحوكمة الرشيدة، ولا يمكن تحقيقها إلا بوجود سيادة القانون والشفافية.

أهمية الحوكمة الرشيدة في التنمية

تلعب الحوكمة الرشيدة دوراً حيوياً في تحقيق التنمية المستدامة، فهي تُعزز الثقة بين المواطنين والحكومة، وتُشجع الاستثمار، وتُقلل من الفساد، وتُحسّن من مستوى الخدمات العامة، وتُسهم في بناء مجتمعات أكثر عدلاً وازدهاراً.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

كشف الحقيقة: رحلة في معانيها وتفاسيرها

المقال التالي

غوص في عالم الحكايات الشعبية: تعريفها، خصائصها، وعناصرها

مقالات مشابهة