فهم معاني سورة الإخلاص

تحليل لسورة الإخلاص، أهميتها، أسباب نزولها، وفضائلها. شرح مفصل لآيات السورة ودلالاتها.

مقدمة

تعتبر سورة الإخلاص من السور العظيمة في القرآن الكريم، حيث تتضمن جوهر التوحيد الخالص لله عز وجل. ولهذه السورة فضل عظيم وأهمية بالغة في حياة المسلم، فهي تعدل ثلث القرآن كما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة. سنتناول في هذا المقال شرحًا مفصلًا لآيات هذه السورة المباركة، وسبب نزولها، وأهم الفضائل التي تتضمنها.

تفسير آيات سورة الإخلاص

سنتناول فيما يلي تفسيرًا مبسطًا لآيات سورة الإخلاص، مع التركيز على المعاني والدلالات التي تحملها كل آية:

(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ): هذه الآية هي أساس التوحيد، حيث تأمر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بأن يعلن جازمًا ومؤكدًا أن الله واحد لا شريك له، متفرد بصفات الكمال والجلال، وله الأسماء الحسنى والصفات العُليا. وعندما سأل المشركين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسب الله -عزّ وجل- ومن الذي خلقه، أنزل الله -عز وجل- هذه السورة، كما جاء في كتب التفسير.[1][2]

(اللَّهُ الصَّمَدُ): هذه الآية تؤكد أن الله هو الصمد، أي الذي يلجأ إليه الخلق في جميع حاجاتهم ومسائلهم. الصمد هو اسم من أسماء الله الحسنى، ويدل على أن جميع المخلوقات مفتقرة إليه، بينما هو سبحانه وتعالى غني عنهم، ولا يحتاج إلى أحد من خلقه. فهو سبحانه وتعالى الذي يفتقرُ إليه الخلق ولا يفتقر هو إلى أي أحد، وليس لمخلوقاته غنىً عنه وهو الغنيُّ عن العالمين.[5]

(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ): هذه الآية تنفي عن الله صفات النقص، فهو لم يلد ولم يولد، لأن الولادة صفة المخلوقات، والله تعالى منزه عن هذه الصفات التي لا تليق بجلاله وعظمته. أي لم يكن له ولدٌ فبذلك لم يكن والداً، ولم يولد أيضاً فبذلك لم يكن ولداً، وهما صفتا نقصٍ، ولا يليق بمقام ربِّ العباد -عز وجل- أن يتّصفَ بهذه الصفات التي تُنقِصُ منه.[7]

(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ): هذه الآية تؤكد أن الله ليس له مثيل أو شبيه، ولا يضاهيه أحد في المكانة والصفات. التوحيد هو أهم مبدأ جاء به الإسلام، وهذه الآية تعزز هذا المبدأ وتؤكده. أي أن الله -سبحانه وتعالى- لا يكافئه أحد بالمكانة؛ فلا شبيه له ولا مثيل، ولا نِدّ له ولا نظير،حيث إنَّالتوحيد أهم مبدأ دعا إليه الإسلام.[9]

لمحة عن سورة الإخلاص

سورة الإخلاص هي سورة مكية، نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة. تتكون السورة من أربع آيات فقط، وتتميز بالإيجاز والتركيز على جوهر التوحيد. وتعتبر هذه السورة المباركة جزءًا هامًا من القرآن الكريم، حيث تعدل ثلث القرآن كما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة. ولها عشرون اسماً، وهي: التنزيل، والتجريد، والتوحيد، والنجاة، والولاية، والجمال، والمعرفة، والمقشقشة، والمعوّذة، والصّمد، والنسبة، والأساس، والمانعة، والمحتضر، والمنفّرة، والبراءة، والمذكّرة، والنور، والإنسان.[11]

وقد جاءت هذه السورة إجابة لسؤال المشركين للرسول -صلى الله عليه وسلم- عن نسب الله -عزّ وجلّ- ومن خَلَقه؛ فأنزل الله -تعالى-:(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ).[1][2] وتجدر الإشارة إلى أهمية سورة الإخلاص وفوائدها الكبيرة في الإسلام.

أهمية سورة الإخلاص وفضائلها

لسورة الإخلاص فضائل جمة، ومنافع عظيمة، نذكر بعضًا منها:

  • تعدل ثلث القرآن: ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:(احشُدوا، فإنِّي سأقرَأُ عليكم ثُلُثَ القُرآنِ، فحشَد مَن حشَد، فخرَج رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فقرَأ: (قُلْ هو اللهُ أحَدٌ) ثمَّ دخَل، فقال بعضُنا لبعضٍ: إنِّي أُرَى هذا خبَرٌ جاءهُ منَ السَّماءِ، فذاك الذي أدخَلهُ، ثمَّ خرَج، فقال: إنِّي قُلْتُ لكم، إنِّي سأقرَأُ عليكم ثُلُثَ القُرآنِ، ألَا إنَّها تَعدِلُ ثُلُثَ القُرآنِ).[13]
  • محبة الله تعالى: عن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بَعَثَ رَجُلًا علَى سَرِيَّةٍ، وكانَ يَقْرَأُ لأصْحَابِهِ في صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذلكَ للنبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَقالَ:(سَلُوهُ لأيِّ شيءٍ يَصْنَعُ ذلكَ؟، فَسَأَلُوهُ، فَقالَ: لأنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وأَنَا أُحِبُّ أنْ أقْرَأَ بهَا، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أخْبِرُوهُ أنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ).[14]
  • تيسير قراءة القرآن: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصْحابِهِ:(أيَعْجِزُ أحَدُكُمْ أنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ القُرْآنِ في لَيْلَةٍ؟ فَشَقَّ ذلكَ عليهم وقالوا: أيُّنا يُطِيقُ ذلكَ يا رَسولَ اللَّهِ؟! فقالَ: اللَّهُ الواحِدُ الصَّمَدُ؛ ثُلُثُ القُرْآنِ).[15]
  • المداومة عليها: وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه كان يُكثر من قراءة سورة الإخلاص؛ فكان يقرأُ بها في الصباح والمساء ثلاثاً، وعندما يشتكي شيئاً أو ضيقاً، وعند النوم، وفي سنّةِ الفجر كما وكان يقرأ بها في صلاة المغرب، وهذا فيه دلالة على عِظم فضل هذه السورة.

المراجع

  1. سورة الإخلاص، آية: 1.
  2. أبو جعفر الطبري (2000)،تفسير الطبري جامع البيان ت شاكر(الطبعة 1)، صفحة 687. بتصرّف.
  3. عبد الرحمن السعدي (2000)،تفسير السعدي تيسير الكريم الرحمن(الطبعة 1)، صفحة 937. بتصرّف.
  4. سورة الإخلاص، آية: 2.
  5. سعيد حوى (1424)،الأساس في التفسير(الطبعة 6)، القاهرة:دار السلام، صفحة 6749. بتصرّف.
  6. سورة الإخلاص، آية: 3.
  7. عز الدين بن عبد السلام (1996)،تفسير العز بن عبد السلام(الطبعة 1)، بيروت:دار ابن حزم، صفحة 508، جزء 3. بتصرّف.
  8. سورة الإخلاص، آية: 4.
  9. محمد المقدم،تفسير القرآن الكريم، صفحة 6. بتصرّف.
  10. مقاتل بن سليمان (1423)،تفسير مقاتل بن سليمان(الطبعة 1)، دمشق:دار إحياء التراث، صفحة 921، جزء 4. بتصرّف.
  11. محيي الدين درويش (1415)،إعراب القرآن وبيانه(الطبعة 4)، سوريا- بيروت:دار الإرشاد- اليمامة- ابن كثير، صفحة 619. بتصرّف.
  12. مصطفى العدوي،سلسلة التفسير، صفحة 2. بتصرّف.
  13. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج مشكل الآثار، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1223، إسناده صحيح على شرط الصحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:7375، صحيح.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو سعيد الخدري ، الصفحة أو الرقم:5015، عن إبراهيم مرسل وعن الضحاك المشرقي مسند.
Total
0
Shares
المقال السابق

استقراءات في معاني سورة الأنبياء

المقال التالي

معاني سورة الإخلاص للأطفال

مقالات مشابهة