مقدمة
دراسة فحوى النصوص (بالإنجليزية: Content Analysis) هي منهجية بحثية تستخدم لتقييم وتحديد حجم الاستجابات المتعلقة بمجموعة من التساؤلات. يتم ذلك من خلال تطبيق مجموعة من المقاييس والمعايير الكمية للحصول على نتائج متنوعة.
كما يمكن تعريف دراسة المحتوى على أنها عملية تحليلية تهدف إلى فهم المعنى والغاية من تأثير شيء ما، مثل وسائل الإعلام المختلفة (الصحافة، البث التلفزيوني، الاتصالات)؛ وذلك عن طريق إجراء دراسة لتقييم النتائج المترتبة على الرسالة الإعلامية.
بمعنى آخر، هي طريقة بحثية تهدف إلى استخلاص استنتاجات موثوقة وصحيحة من خلال ترميز وتفسير المواد النصية بشكل منهجي. تعتمد هذه الدراسة على وجود بيانات نصية مثل المستندات والرسومات، والتي يمكن تحويلها من بيانات وصفية إلى بيانات رقمية، وغالباً ما تستخدم في مجال العلوم الاجتماعية.
تطور دراسة المحتوى
على الرغم من عدم وجود تاريخ محدد لبداية استخدام دراسة المحتوى، إلا أن البدايات الفعلية تعود إلى عام 1930 على يد لازويل وزملاؤه في مدرسة الصحافة بجامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية. بعد ذلك، قام سبيد بإجراء دراسة لمقارنة التغيرات التي طرأت على صحف نيويورك بعد زيادة توزيع صحيفة نيويورك تايمز مع تخفيض سعرها وزيادة عدد صفحاتها.
ظهرت عدة دراسات استخدمت نموذج دراسة المحتوى، وأصبحت من أهم الدراسات في هذا المجال، مثل دراسة ويلي للصحف الإقليمية المشابهة لدراسة الصحف الإقليمية الأسبوعية التي طبقت خلال حرب الاستقلال الأمريكية؛ حيث استخدمت نفس الفئات والمقاييس في الدراستين. استخدمت هذه المنهجية بشكل منتظم في عام 1940 في الأبحاث الخاصة بالصحافة، من خلال الدراسات المقدمة من ليتس ولازويل عن طريق دراسة المعارف المرتبطة بدعاية جامعة شيكاغو.
نشرت العديد من الدراسات التي اعتبرت دراسة المحتوى منهجاً علمياً؛ ومنها أبحاث باركوس الذي أجرى 1719 بحثاً في هذا المجال، وصنفت لاحقاً إلى مجموعات لتحليلها. عقد المؤتمر القومي الأمريكي في عام 1967 حول دراسة المحتوى، ويعتبر المؤتمر الأول الذي اهتم بمناقشة العديد من الأبحاث الخاصة بهذا المجال. ظهرت هذه الدراسات في الدول العربية ضمن الدراسات الاجتماعية، ثم في مجال الإعلام بعد إنشاء كلية الإعلام في مصر عام 1970؛ حيث أصبحت الدراسات الإعلامية تعتمد على استخدام أساليب وأدوات دراسة المحتوى في الرسائل الجامعية لمرحلة الدراسات العليا.
صفات أساسية في دراسة المادة
تتميز دراسة المحتوى بالصفات التالية:
- أسلوب وصفي: تستخدم لوصف شيء أو فكرة معينة، والوصف هنا هو التفسير المستخدم في تحديد معنى الظاهرة كما هي.
- الموضوعية: النظر إلى الفكرة بشكل محايد، دون الاعتماد على تحليلات شخصية.
- التنظيم: تطبيق التحليل من خلال خطة علمية تتضمن فرضيات، وتحديد الفئات المستخدمة في التحليل وخطواته ونتائجه.
- أسلوب كمي: الاعتماد على تقدير الكميات (الأرقام) لاستخدامها كأساس لدراسة المضمون.
- أسلوب علمي: الاهتمام بدراسة الظواهر الخاصة بالمضمون، مما يساهم في وضع قوانين توضح العلاقات بينها.
- استخدام الشكل: يتم التعامل مع الشكل من خلال:
- مضمون المادة: المعارف، الأفكار، الحقائق، النظريات، المهارات، القوانين، والقيم.
- الشكل المستخدم في نقل المادة إلى المتلقين.
- الاهتمام بدراسة ظاهر المادة: الاعتماد على تحليل المعاني الظاهرة التي تعبر عنها الألفاظ دون تعمق في الأسباب والأفكار الكامنة.
أقسام دراسة المضمون
تنقسم دراسة المحتوى إلى قسمين رئيسيين:
- دراسة المحتوى المهاري: يعتمد على تعلم المهارات الخاصة بتحليل المهارة أو تحليل الخطوات المتتابعة، وأفضل أسلوب مستخدم هو الأهداف الحركية، والذي يعتمد على وجود تصور ذهني لكافة المعلومات المطلوبة لتحقيق الهدف من التسلسل الذي تبدأ به. يتميز هذا النوع بالخصائص التالية:
- تنظيم خطوات تحليل المحتوى المهاري في تسلسل معين.
- إمكانية تعلم كل خطوة والتدريب عليها بشكل مستقل.
- تعتبر مخرجات كل خطوة المدخلات الخاصة بالخطوة التي تليها.
- دراسة المحتوى المعرفي: يدرس المحتوى المعرفي الخاص بالتحليل الهرمي، ويعتمد على وجود معرفة كاملة بالمضمون مما يساهم في تحليله إلى مكونات فرعية؛ لذلك يجب على المحلل أن يكون مدركاً للمهارات العقلية التي يجب على المتلقي تعلمها.
إيجابيات وسلبيات دراسة المادة
تؤثر مجموعة من الصفات على دراسة المحتوى، وتشكل إيجابياتها وسلبياتها:
- إيجابيات دراسة المادة:
- الاعتماد على التواصل النصي، مما يساهم في تحقيق التفاعل الاجتماعي.
- توفير معلومات ذات قيمة تاريخية يمكن الرجوع إليها على مدى فترة زمنية طويلة.
- السماح ببناء تحليلات إحصائية على شكل رموز موزعة بين علاقات وفئات معينة.
- القدرة على استخدام دراسة المحتوى لتفسير النصوص بهدف تطوير النظم.
- تعتبر وسيلة تفاعلية غير مزعجة.
- سلبيات دراسة المادة:
- الحاجة إلى وقت طويل جداً لتطبيقها.
- ظهور أخطاء متزايدة عند محاولة تحقيق مستوى أفضل من التفسير.
- غياب قاعدة نظرية تساهم في الوصول إلى استنتاجات ذات معنى مرتبط بالتأثيرات والعلاقات الخاصة بالدراسة.
- تجاهل السياق الخاص بالنص بعد إنتاجه.
- قد يكون من الصعب إضافة دراسة المحتوى إلى نظام حاسوبي.
المراجع
- “content analysis”,Business Dictionary
- “content analysis”,Dictionary.com
- “Content Analysis”,publichealth.columbia
- أ.د. محمد المدخلي، منهج دراسة المحتوى تطبيقات على مناهج البحث (دراسة جامعية)، المملكة العربية السعودية: كلية المعلمين بمحافظة جدة – جامعة الملك عبد العزيز، صفحة 3. بتصرّف.
- أ.د. إسكندر محمد (2013م)، دراسة المحتوى (دراسة جامعية)، العراق: جامعة ديالى – كلية التربية الأساسية – قسم الدراسات العليا – ماجستير – طرائق تدريس اللغة العربية، صفحة 10-11. بتصرّف.