مدخل إلى سورة العصر
سورة العصر هي إحدى سور القرآن الكريم القصيرة والميسرة، مما يجعلها سهلة الحفظ بالنسبة للأطفال. تتضمن هذه السورة معاني إيمانية وأخلاقية عظيمة يجب على كل مسلم أن يتعلمها ويتدبرها. قال الله تعالى في سورة العصر: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ). في هذه السطور، سنقدم شرحاً مبسطاً لهذه السورة المباركة، مع التركيز على المعاني التي يمكن للأطفال فهمها.
توضيح آيات سورة العصر ببساطة
“والعصر”
يبدأ الله عز وجل السورة بالقسم بالعصر. عندما يقسم الله بشيء، فهذا دليل على أهمية وعظمة هذا الشيء. وقد اختلف العلماء في معنى العصر على ثلاثة أقوال:
- القول الأول: العصر هو الدهر، أي الزمن والحياة بشكل عام. وقد ذكر هذا المعنى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وغيره من العلماء.
- القول الثاني: العصر هو صلاة العصر، وهي إحدى الصلوات المفروضة. وقد ذكر هذا المعنى مقاتل بن سليمان رحمه الله.
- القول الثالث: العصر هو وقت العشي، وهو الوقت الذي يمتد من بعد الظهر إلى غروب الشمس. وقد ذكر هذا المعنى الحسن البصري وقتادة.
الحكمة من القسم بالعصر تكمن في أنّه يحمل الكثير من العبر والدروس. ففي مرور الأيام والليل والنهار، نرى العديد من الأحداث التي تدل على وجود خالق لهذا الكون، وهو الله سبحانه وتعالى. كما يدل هذا القسم على عظمة قدرة الله وكماله.
“إن الإنسان لفي خسر”
تشير هذه الآية إلى أن الإنسان – إذا لم يكن مؤمناً – فهو في خسارة دائمة. فهو خاسر في الدنيا بسبب عدم التزامه بالصراط المستقيم، وخاسر في الآخرة بسبب عقابه على ذنوبه وفقدانه للجنة. وتذكرنا هذه الآية بأهمية شكر الله على نعمة الإيمان، وأن أي خسارة في الدنيا لا تقارن بالنعيم الذي أعده الله للمؤمنين في الجنة.
“إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات”
يستثني الله سبحانه وتعالى المؤمنين من هذه الخسارة. فالمؤمنون هم الرابحون لأنهم آمنوا بالله ورسوله، وعملوا الصالحات، واتبعوا أوامر الله واجتنبوا نواهيه. كما أنهم تواصوا بالحق، وهو توحيد الله والإيمان به وبرسوله وبالقرآن الكريم، وصبروا على طاعة الله وعن فعل المعاصي.
خصال المؤمنين في سورة العصر
توضح سورة العصر أربع صفات أساسية للمؤمنين:
- الإيمان: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره. أي الإيمان بأركان الإيمان الستة.
- عمل الصالحات باستمرار: يشمل فعل الفرائض والنوافل والسنن، وذكر الله، واجتناب المحرمات.
- التواصي بالحق: يعني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الخير وتوحيد الله واتباع نبيه والرغبة في الآخرة.
- التواصي بالصبر: الصبر على الطاعات والعبادات، والصبر عن المحرمات، والصبر على الابتلاءات والمصائب.
معلومات أساسية عن سورة العصر
- سورة العصر سورة مكية، نزلت قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة.
- عدد آيات سورة العصر ثلاث آيات فقط.
- نزلت سورة العصر بعد سورة الشرح.
- ترتيب سورة العصر في المصحف هو السورة رقم 103.
- تقع سورة العصر في الجزء الأخير من القرآن الكريم (الجزء الثلاثين).
- الرسالة الرئيسية لسورة العصر هي توضيح أسباب نجاح الإنسان وفلاحه، وأسباب خسارته وشقائه.
- لسورة العصر فضل عظيم، وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله: “الناس في غفلة عن هذه السورة”، وقال أيضاً: “لو ما أنزل الله حجةً على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم”.
الدروس والعبر من سورة العصر
نتعلم من سورة العصر العديد من الدروس الهامة، منها:
- أهمية الوقت وضرورة استثماره في الأعمال الصالحة والمفيدة، وعدم تضييعه فيما لا ينفع.
- الإيمان هو أساس النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.
- يجب أن يتبع الإيمان العمل الصالح، فالإيمان بالقلب وحده لا يكفي.
- أهمية التواصي بين المسلمين ونصحهم وتذكيرهم بالحق والخير.
- أهمية الصبر وفضله، وأنه من صفات المؤمنين.
