مُقدّمة في تمييز النسبة
يُعدّ تمييز النسبة أحد أهمّ المواضيع في علم النحو العربي، فهو يُوضح ويُحدّد نوعَ أو جنسَ ما سبقه في الجملة. سنستعرض في هذا المقال تعريف تمييز النسبة، وأماكن استخدامه، وأصوله، بالإضافة إلى أمثلة مُتعدّدة من القرآن الكريم.
ماهية تمييز النسبة ووظيفته
يُعرّف تمييز النسبة بأنه اسم نكرة منصوب يَبين نوعًا أو جنسًا ما سبقه، أو يُحدّد النسبة فيه. وهو اسمٌ بمعنى (مِنْ) مُبيِّنٌ نكرة، يُنصب تمييزًا بما قد فسّره، كما جاء في ألفية ابن مالك: [٢] اسمٌ بمعنى (مِنْ) مُبينٌ نَكِرة * يُنصب تمييزاً بما قد فَسَّره
يُعتبر تمييز النسبة نوعًا من نوعين رئيسيين للتمييز: تمييز الذات وتمييز النسبة. [٣] وظيفته الأساسية هي رفع الإبهام عن الجملة، وإعطاء معنىً دقيقًا ومحددًا، خاصةً في الجمل التي تحمل معنى مجملًا أو غير واضح.
مواقع تمييز النسبة في الجملة
يظهر تمييز النسبة في مواضع مُتعدّدة، وهو غالباً ما يُطلق عليه “التمييز الملحوظ” أو “تمييز الجملة”. من أهمّ المواقع التي يأتي بها ما يلي: [٥]
- بعد صيغ (أفعل) التفضيل، مثل: أكثر، أشَدَّ، أعظم. فعلى سبيل المثال، في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ) [٦]، “حُبًّا” هو تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
- بعد كلمات (حَسُن، ساء، كَبُر، ازداد). مثل قوله تعالى: (وَسَاءَ مُرْتَفَقًا) [٧]، “مُرْتَفَقًا” تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
- بعد الفعل (كفى). كما في قوله تعالى: (وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) [٨]، “حسيبًا” تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
أصول تمييز النسبة
يمكن تتبّع أصول تمييز النسبة إلى عدة مصادر نحوية: [٩]
- تحويل من الفاعل: مثل قوله تعالى: (وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) [١٠]، “شَيْبًا” تمييز منصوب، والأصل في المعنى (اشتعل شيب الرأس).
- تحويل من المفعول به: كما في قوله تعالى: (وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا) [١١]، “عيوناً” تمييز منصوب، والأصل في المعنى (فجرنا عيون الأرض).
- تحويل من المبتدأ: مثل قوله تعالى: (وَأَعَزُّ نَفَرًا) [١٢]، “مالاً ونفراً” تمييز منصوب، والأصل في المعنى (مالي أكثر من مالك ونفري أعز من نفرك).
- أساليب من أصلها ليس بفاعل أو مفعول به أو مبتدأ: مثل قولنا: لله درُّ خالد بن الوليد فارساً، “فارساً” تمييز منصوب، والمعنى التعجب من فروسية خالد بن الوليد.
أمثلة متنوعة على تمييز النسبة
إليك بعض الأمثلة المُستخرجة من القرآن الكريم توضح استخدام تمييز النسبة:
- قوله تعالى: (وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا) [١٣]
- قوله تعالى: (ثُمَّ ازْدادُوا كُفْرًا) [١٤]
- قوله تعالى: (وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) [١٥]
- قوله تعالى: (كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ) [١٦]
- قوله تعالى: (وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا) [١٧]
- قوله تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً) [١٨]
- قوله تعالى: (قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا) [١٩]
- قوله تعالى: (حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا) [٢٠]
المراجع
تم الاستعانة بالمصادر التالية في إعداد هذا المقال:
المرجع | العنوان | الصفحة |
---|---|---|
محمود ياقوت | النحو التعليمي والتطبيق في القرآن الكريم | 792, 793-794 |
عبد اللطيف الخطيب | متن ألفية ابن مالك | 24 |
خالد عبد العزيز | النحو التطبيقي | 469, 275-276 |
عبده الراجحي | التطبيق النحوي | 257-260 |