محتويات
جوانب فهم الهداية
تتنوع التفسيرات للفظ “الهداية” في اللغة العربية الفصحى. لغةً، مصدر الفعل “هَدَى” يدل على الوصول إلى المقصود أو الإرشاد إليه، كما يشير أحياناً إلى طريق الصواب.[1] أما اصطلاحاً، فتعني الهداية الرشاد والتعريف بالطريق الصحيح.[2]
التنوع في مظاهر الهداية الإلهية
يُظهر القرآن الكريم تنوعاً في أنواع الهداية، منها ما هو عام يشمل جميع الكائنات، ومنها ما هو خاص بالإنسان. فمن آيات الله – عز وجل – التي تبين هذه الهداية:
الهداية الشاملة: تُشمل هذه الهداية جميع الكائنات الحية، تمكنها من السعي لما ينفعها واجتناب الضار. يقول الله تعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى*الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى*وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى).[4] فهذه الآية الكريمة تبرز أربعة جوانب من فضل الله: الخلق، والتقدير، والتسوية، والهداية.[4] تُعدّ التسوية من كمال الخلق، والهداية من كمال التقدير. وهذه الهداية تشمل الإنسان وغيره من الكائنات، كما في قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).[5] وهنا نجد التسوية والهداية في خلق الكائن الحيّ، وتحديد جنسه، وتوجيهه لسلوك التكاثر، وغير ذلك من الأمور.
هداية البيان والإرشاد: هذا النوع من الهداية خاص بالمكلفين، ويُبرز دور الأنبياء والرسل في توصيل الرسالة الإلهية. يقول الله تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).[6] هذه الهداية أساس التكليف، وبها تُقام الحجة على البشر. يقول الله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا)،[7] و(رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا).[8] وقد أودع الله – سبحانه وتعالى – في الإنسان الفطرة والعقل لفهم هذه الرسالة، كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ القلَمُ عن ثلاثٍ: عنِ النَّائمِ حتَّى يستيقِظَ، وعنِ الصَّغيرِ حتَّى يكبَرَ، وعنِ المجنونِ حتَّى يعقِلَ ويُفِيقَ).[9]
هداية التوفيق والإلهام: هذا النوع من الهداية خاص، وهو من عند الله وحده، لا يملكه نبي ولا ملك. يقول الله تعالى: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ*يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).[10] وهذه الهداية تتطلب من العبد الإقبال على الله والطاعة. يقول الله تعالى: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا).[11]
الهداية إلى الجنة أو النار: هذا النوع من الهداية خاص بالآخرة، من سلك طريق الطاعة في الدنيا، هداه الله إلى الجنة. يقول الله تعالى: (إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ يَهديهِم رَبُّهُم بِإيمانِهِم تَجري مِن تَحتِهِمُ الأَنهارُ في جَنّاتِ النَّعيمِ).[12] أما من عصى وكفر، فهو يهدى إلى النار، كما في قوله تعالى: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ*مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ).[13]
ثمار الهداية الإلهية
للإيمان والهداية ثمار عظيمة، منها:
- الاطمئنان واليقين بالله.
- الرفعة والمكانة بين الناس.
- الصيانة من الأخطاء والزلات.
- البركة في الرزق، كما في قوله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا).[15]
المصادر
رقم المرجع | المصدر |
---|---|
[1] | موقع معنى الكلمة |
[2] | موقع آخر |
[3] | موقع ثالث |
[4] | سورة الأعلى، آية: 1-3 |
[5] | سورة البقرة، آية: 29 |
[6] | سورة الشورى، آية: 52 |
[7] | سورة الإسراء، آية: 15 |
[8] | سورة النساء، آية: 165 |
[9] | رواه ابن العربي، في عارضة الأحوذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3/392، صحيح. |
[10] | سورة المائدة، آية: 15،16 |
[11] | سورة الكهف، آية: 17 |
[12] | سورة يونس، آية: 9 |
[13] | سورة الصافات، آية: 22،23 |
[14] | موقع إسلام ويب |
[15] | سورة الطلاق، آية: 2-3 |