جدول المحتويات
نشأة وتطور النظام البرلماني البريطاني
يُعد النظام البرلماني البريطاني، الذي يُعرف بـ “أم البرلمانات”، أقدم نظام برلماني في العالم.[١] بدأ البرلمان البريطاني فعليًا في عام 1265، حيث عقد سيمون دي مونتفورت أول برلمان منتخب في إنجلترا في قصر وستمنستر، والذي كان حينها قرية خارج مدينة لندن.[٢]
لم تكن فكرة “البرلمان” جديدة كليًا، فقد كان لدى الملوك البريطاساكسونيون قبل الفتح النورماندي عام 1066 مجلس من الحكماء يُدعى “ويتان” أو “ويتيناجيموت”.[٢] كان هذا المجلس مكونًا من نبلاء ورجال الكنيسة، وكانوا يختارون الملك التالي ويقدمون النصح للملك، لكن لم تكن لديهم سلطة حقيقية في الحكم.
بعد الفتح النورماندي، اعتمد ويليام الفاتح وخلفاؤه على نظام البارونات والمجالس الإقليمية لحكم البلاد، مما شكل أساس النظام الإقطاعي لبريطانيا النورماندية.[٢]
واصل البرلمان الإنجليزي العمل بثبات لعدة قرون، بمثابة قوة موازنة لسلطة الملك.[٢] منذ القرن الرابع عشر، تألف البرلمان من مجلسين: مجلس اللوردات (“المجلس الأعلى”) ومجلس العموم (“المجلس الأدنى”).
لكن في منتصف القرن السابع عشر، أدت محاولة الملك تشارلز الأول للحكم بدون برلمان إلى اندلاع الحرب الأهلية الإنجليزية أو الثورة الإنجليزية.[٢] استمرت الحرب الأهلية بين القوات الملكية والقوات البرلمانية بقيادة أوليفر كرومويل حتى انتصر البرلمانيون، مما أدى إلى ترسيخ البرلمان الإنجليزي كقوة أساسية في إدارة البلاد.
أعلن البرلمان عام 1660 استعادة النظام الملكي، وأسس نظام الملكية البرلمانية. لكن سرعان ما تم وضع سلطة البرلمان على المحك، وفي عام 1688 أطاح البرلمان بالملك جيمس الثاني ودعا الأمير الهولندي ويليام من أورانج لتولي تاج إنجلترا.
أكد نجاح “الثورة المجيدة” دور البرلمان الإنجليزي، و تم تحديده دستوريًا في العام التالي بالتوقيع على صك الحقوق أو وثيقة الحقوق، وهو أحد القوانين الدستورية الرئيسية للمملكة المتحدة.[٢] حدد هذا القانون دور البرلمان وحدود السلطة الملكية بشكل رسمي.
مع توقيع الدستور، بدأ عصر البرلمان الحديث بنظام الأحزاب السياسية. وفي عام 1707، بعد قانون الاتحاد بين إنجلترا واسكتلندا، أصبح البرلمان الإنجليزي، ومقره لندن، البرلمان البريطاني.[٢]
خلال القرن التاسع عشر، أصبحت السلطة البرلمانية مركزة بشكل متزايد في أيدي مجلس العموم. في بداية القرن السابع عشر، جاء معظم رؤساء الوزراء من مجلس اللوردات، لكن بحلول نهاية القرن، أصبحت الحكومة البريطانية في أيدي رؤساء الوزراء المختارين من الأعضاء المنتخبين في مجلس العموم.[٢]
أصبحت حكومة ماركيز سالزبوري من عام 1898 إلى عام 1902 آخر حكومة يقودها أحد اللوردات. ومنذ ذلك الحين، جلس جميع رؤساء الوزراء في مجلس النواب.
في عام 1911، أكد البرلمان رسميًا سيادة مجلس العموم.[٢] منذ ذلك الحين، لم يتمكن اللوردات من إعاقة مشاريع القوانين التي قدمتها الحكومة في مجلس العموم، ولم يتمكنوا حتى من تأخير إجراءات الميزانية والضرائب. تم تعديل قانون عام 1911 في عام 1949 كتعديل أخير.
هيكل السلطة في النظام البرلماني البريطاني
يتكون مجلس البرلمان البريطاني من اجتماع سلطتين أساسيتين: السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. تتكون كل سلطة من جزئين ثابتين، كما يلي:
السلطة التنفيذية
تتألف السلطة التنفيذية من طرفين ثابتين:
رئيس الدولة
في النظام البريطاني، رئيس الدولة هو ملكًا، غير مسؤول سياسيًا أو جنائيًا. لا يتمتع رئيس الدولة بسلطة تنفيذية حقيقية، ويشمل دوره تقديم النصح والإرشاد إلى سلطات الدولة.[٣] يقوم رئيس الدولة بتعيين رئيس الوزراء، مُقيدًا بنتائج الانتخابات، و لا يُمارس الصلاحيات المحددة له دستوريًا إلا من خلال الوزراء المعينين. على الرغم من دوره المحدود، يبقى رئيس الدولة الحكم الأعلى بين سلطات الدولة.
الوزارة (الحكومة)
تتكون الوزارة من رئيس الحكومة الذي يُعيّن من بين الأغلبية في البرلمان ويختار أعضاء حكومته. تمارس الحكومة مهام السلطة التنفيذية في النظام البرلماني، وهي صاحبة السلطة الفعلية.[٣] لذلك، فإنها تتحمل المسؤولية أمام البرلمان، سواء كانت مسؤولية فردية أو نظامية. تُتخذ القرارات في مجلس الوزراء بأغلبية الأصوات، ويُمكن لرئيس الدولة حضور اجتماعات الحكومة، لكن لا يحق له التصويت.
السلطة التشريعية
يتكون البرلمان البريطاني أو السلطة التشريعية من مجلسين ثابتين:
مجلس اللوردات
يمثل هذا المجلس الطبقة الأرستقراطية البريطانية ويتكون من حوالي 1000 عضو، 500 عضو بالوراثة والباقي معيّن من طرف الملك والبعض الآخر منتخب من طرف زملائهم.[٣] كان للمجلس نفس مهام مجلس العموم، إذ لابد من موافقة المجلسين على مشاريع القوانين. لكن بعد صدور قانوني 1911 و1944، تضاءلت مهام هذا المجلس وأصبح اختصاصه منحصرًا في الاعتراض التوفيقي للقوانين.
مجلس العموم
يتكون مجلس العموم من 630 نائبا يتم انتخابهم لمدة 5 سنوات. لم يُطبق نظام الاقتراع العام في بريطانيا إلاّ ابتداء من 1918، بينما مُنحت النساء حق الانتخاب ابتداء من 1928.[٣] يُنتخب المجلس رئيسًا له دون الأخذ بالاعتبارات الحزبية، ويقسم مجموعة من اللجان التقنية لمساعدته في عمله. يتمثل اختصاص المجلس في التشريع واعتماد الميزانية وإقرار الضرائب ومراقبة وتوجيه الحكومة.
المراجع
- “Parliament”, britannica, Retrieved 18/4/2022. Edited.
- “The Parliament of the United Kingdom”, about-britain, Retrieved 18/4/2022. Edited.
- “النظام البرلماني”، جامعة محمد لمين دياغين سطيف، اطّلع عليه بتاريخ 18/4/2022. بتصرّف.