فهم المدرسة العقلية: نظرة شاملة

مقدمة حول المذهب العقلي

تُعرف المدرسة العقلية، أو العقلانية، في صميم الفلسفة الغربية، بأنها ترتكز بشكل أساسي على اعتبار العقل هو المنبع الأسمى للمعرفة. يؤكد أتباع هذا المذهب على وجود طائفة من الحقائق التي يستطيع العقل استيعابها مباشرة، مع افتراض أن الحقيقة ذاتها تتسم ببنية منطقية جوهرية.

تُعد العقلانية في المقابل نقيضًا للمذهب التجريبي، الذي يرى أن التجربة الحسية والإدراك الحسي هما أساس كل معرفة. العقلانية تمنح العقل قدرة على اكتساب المعرفة بمعزل عن الإدراك الحسي.

الجذور التاريخية ورواد العقلانية

من الصعب إرجاع العقلانية إلى شخصية مركزية واحدة على مر التاريخ، فالقدرة على التفكير هي صفة بشرية لا يمكن إنكارها، وهي التي تسمح لنا بإدراك حقائق معينة تتطلب العقل. ومع ذلك، تبرز بعض الشخصيات كرموز في هذا المذهب، ومنهم:

• أفلاطون:

  مؤسس لأشهر المذاهب الميتافيزيقية، وهو صاحب مذهب (النموذج). رأى أفلاطون أن قدرة التفكير البشري هي الوسيلة الوحيدة التي تتيح للأفراد الاقتراب من الجوانب الجوهرية للواقع.

• ديكارت:

  الفيلسوف الفرنسي الذي حدد مسار الفلسفة من خلال تأملاته الفلسفية الأولى، تحديدًا مع بداية عصر التنوير في أوروبا الغربية. اعتقد ديكارت أن الناس قد ضُللوا بسبب الإيمان المفرط بشهادة حواسهم.

• كانط:

  يُعتبر الفيلسوف إيمانويل كانت نموذجًا للفيلسوف المُناهض للعقلانية في بعض النواحي، وفي بعض أعماله كرّس نفسه بشكل خاص لمُهاجمة الادّعاءات العقلانية بأنّ العقل يملك نظرة ثاقبة في طبيعة الروح والبنية السببية (المكانية والزمانية) للكون بالإضافة إلى وجود الله، وكان قد استهدف في نقده كلًّا من ديكارت وأفلاطون وغيرهم.

مجالات البحث الأساسية في العقلانية

تتناول العقلانية طيفًا واسعًا من القضايا الفلسفية، ومن بينها:

• كيف ندرك هويتنا؟

  يميل العقلانيون إلى الاعتقاد بأن الذات البشرية تُعرف من خلال الحدس العقلي، وليس عن طريق التصور الحسي للذات. في المقابل، يرى التجريبيون أن وحدة الذات وهمية.

• ما هي طبيعة العلاقة بين السبب والنتيجة؟

  يرى العقلانيون أن الروابط السببية بين السبب والنتيجة تُعرف عن طريق العقل. أما التجريبيون، فيفسرون ذلك بالعادة، من خلال تكرار التجارب والحصول على نفس النتائج في كل مرة. على سبيل المثال، نعرف بالتجربة الحسية أن النار حارقة.

• كيف نحدد الأفعال الصحيحة أخلاقيًا؟

  يقول كانت “أنّ القيمة الأخلاقية للفعل لا يُمكن فهمها إلا من منظورٍ عقلاني، والتقييم الأخلاقي هو لعبة عقلانيّة يُتصوّر فيها عامل عقلانيّ واحد أو أكثر في ظل ظروف افتراضية”. لا يمكن فصل العقلانية عن التجريبية، فإتخاذ قرارات عقلانية يتطلب معلومات تقدمها الحواس، ولا يمكن اتخاذ قرارات تجريبية دون التفكير في نتائجها العقلانية.

المراجع

1. Brand Blanshard,”rationalism”,britannica, Retrieved 6/4/2022. Edited.
2. “Rationalism”,newworldencyclopedia, Retrieved 14/1/2022. Edited.
3. Andrea Borghini (30/1/2019),”Rationalism in Philosophy”,thoughtco, Retrieved 14/1/2022. Edited.