مقدمة حول مفهوم العفوية
العفوية هي سلوك ينبع “دون تخطيط مسبق أو جهد أو إعداد”، ويمكن تعريفها بأنها “تصرف غير متوقع” أو “سلوك فوري” (وفقًا لقاموس ويبستر الجديد). لذلك، يمكن اعتبار “التصرف العفوي” أو “الضحك أو التصفيق العفوي” أمرًا طبيعيًا وصادقًا، ولا يمكن تقييده أو التحكم فيه.
على الرغم من أن السلوك العفوي قد يكون ارتجاليًا أو غير متوقع أو حتى غير واعٍ، إلا أنه يُعتبر عمومًا آمنًا وغير محفوف بالمخاطر. هذا يعني أننا نادرًا ما نتحدث عن “مخاطر” أو “نتائج كارثية” للتصرف بعفوية.
يمكن تعريف العفوية أيضًا بأنها القدرة على أن تكون طبيعيًا وصادقًا في طريقة التفكير والتصرف. لا يتعلق الأمر بفعل أو قول الأشياء الصحيحة أو القيام بها ببراعة، بل يتعلق بالشفافية وإظهار الذات الحقيقية، سواء في السلوك أو الكلام. في علم النفس، تعتبر العفوية مؤشرًا على الصحة العاطفية.
الميزات الإيجابية للعفوية
للعفوية تأثيرات إيجابية متعددة على جوانب مختلفة من الحياة، مما يجعلها صفة مرغوبة.
العفوية ودورها في تعزيز المرونة
وفقًا للدكتور “سيلتزر”، الباحث في علم النفس، فإن العيش بعفوية يشجع على تجربة الحياة بطريقة أكثر “مرونة”. فعدم الالتزام بخطط محددة يمنحك حرية التصرف والتكيف مع الظروف المتغيرة.
العفوية تتيح لنا “التكيف بسهولة أكبر مع الظروف المتغيرة”.
العفوية كمحفز للإبداع
يستمر الدكتور “ليون سيلتزر” في توضيح العلاقة بين العفوية والإبداع، مستخدمًا قدرة الفنان على “الاندماج في تدفق أفكاره” كمثال. ويقول: “عندما أفكر في الأشخاص الذين يعيشون بعفوية، أرى حياتهم شديدة الانسيابية، مثل تيار المحيط تقريبًا، في بعض الأحيان يكون المد منخفضًا وفي أحيان أخرى يكون مرتفعًا”.
صعوبة التنبؤ بالمد والجزر بدقة تعود إلى اعتماده على عوامل مختلفة. وبالمثل، يصعب التنبؤ بتصرفات الأشخاص العفويين لأنهم لا يلتزمون بمناطق الراحة، بل يتبعون تدفق أفكارهم.
العفوية طريق إلى السعادة
يشرح سيلتزر أن السعادة، مثل العفوية، لا يمكن التخطيط لها مسبقًا. “إنها ليست شيئًا يمكننا اختراعه أو ترتيبه أو التلاعب به”. وعندما تعتاد على اتباع خطة معينة، قد تشعر بعدم الارتياح في حالة عدم وجود خطة. ومع ذلك، هذه العلاقة تشبه الطريقة التي نتعامل بها مع سعادتنا.
من خلال التدرب على عيش حياتك بعفوية، لن تعتمد سعادتك على نفس الأشياء القديمة. وإذا واجهتك مشكلة ما، ستكون أكثر استعدادًا للتعامل معها بطرق مختلفة، مما يؤدي في النهاية إلى سعادة حقيقية.
كيفية تنمية العفوية في حياتك
تنمية العفوية تتطلب تغيير بعض العادات وتبني أساليب جديدة في التفكير والتصرف.
الاعتماد على الحدس
لكي تكون أكثر عفوية، يجب عليك دائمًا الاستماع إلى حدسك والثقة به. من المهم الانتباه إلى ذلك الصوت الخافت الذي يوجهك نحو شيء ما أو شخص ما في لحظات معينة، دون سبب واضح. الحدس الخاص بك هو مزيج من التصورات والمعلومات والخبرات السابقة، وهو أول ما يخطر ببالك قبل ظهور أي أحكام وتقييمات مصحوبة بمخاوف أو معتقدات خاطئة.
على الرغم من أنه ليس من السهل دائمًا سماع حدسك لأنك قد لا تكون معتادًا عليه، فلا تيأس. حاول أن تثق بنفسك أكثر وتوقف عن التسويف. كن حذرًا للغاية مع القرارات والإجراءات التي تنطوي على مخاطر كبيرة؛ ففي بعض الأحيان، من الضروري التفكير فيما سيحدث لاحقًا.
تجاوز منطقة الراحة
يعني ذلك القيام بأشياء لا تفعلها عادة. قم بزيارة أماكن جديدة، وغير روتينك اليومي بطريقة ما، وافصل هاتفك لفترة من الوقت. ببساطة، أطلق العنان لنفسك واستكشف المجهول لتتجاوز منطقة الراحة وتكتشف جوانب جديدة من شخصيتك.
مغادرة منطقة الراحة هو قرار إيجابي له فوائد كبيرة، حتى لو لم تدركها في البداية. من أهم هذه الفوائد أنه سيساعدك على أن تكون أكثر عفوية وسيزيد من ثقتك بنفسك، مما يجعلك تؤمن بقدراتك ويظهر جانبك الطبيعي دون تصنع أو تحفظات.
تخصيص وقت للعفوية
يبدأ الطريق إلى العفوية بإعادة تنظيم جدولك الزمني. أول ما يجب عليك فعله هو ترك بعض المساحات الفارغة في جدول أعمالك. يجب عليك أيضًا تغيير الأوقات التي تكون فيها متفرغًا كل أسبوع، لأن أحد أكبر القيود على العفوية هو الالتزام بجدول زمني صارم وضيق. غالبًا ما نشعر بأننا بحاجة لملء جدولنا الزمني بالكامل، لذلك نقوم بتنظيمه بحيث لا يكون لدينا ساعة فراغ واحدة، وحتى إذا كان لدينا ساعة فراغ، فإننا نبحث عن طريقة لملئها في أسرع وقت ممكن.
عليك إذن التفكير في أهمية الالتزامات التي حددتها. هل يمكن التخلص من بعضها؟ هل يمكن تكليف شخص آخر بمهمة معينة؟ هل من الممكن ترك يوم خالٍ تمامًا؟ قد تشعر ببعض الانزعاج في البداية، ولكن إذا كنت ترغب في أن تكون أكثر عفوية، فسيساعدك ذلك على تحقيق هدفك.
المراجع
- Leon F. Seltzer Ph.D (27/3/2009),”The Wisdom of Spontaneity”,psychology today, Retrieved 26/1/2022. Edited.
- “3 Keys to Being More Spontaneous”,exploring your mind, 5/2/2018, Retrieved 26/1/2022. Edited.
- DAN SCOTTI (21/7/2015),”The Psychology Of Spontaneity: Why Some People Drop Everything And Go”,elite daily, Retrieved 26/1/2022. Edited.