فهم الطلاق وأنواعه في الشريعة الإسلامية

شرح مفصل لأنواع الطلاق في الإسلام، من حيث الحكم، وإمكانية الرجوع، والصيغة، بالإضافة إلى أحكامه الشرعية وأركانه.

فهرس المحتويات

معنى الطلاق: اللغوي والاصطلاحي

لغويًا، يُشير الطلاق إلى التحرر من شيء ما، والانفصال عنه. كقولنا: “طلق المسجون” بمعنى تحرر من قيده، أو “طلقت المرأة من زوجها” بمعنى تحررت من عصمته. كما يُستخدم في معنى البسط والعطاء، كما في “طلق يده بالخير”.

أما اصطلاحًا، فيُعرّف الطلاق بأنه فسخ عقد الزواج بلفظ مخصوص، أو بأي لفظٍ يدلّ عليه. ويشترط أن يكون الزواج صحيحًا، وأن يكون بإرادة الزوج، مع إمكانية تفويض شخص آخر، كاللإستعانة بالقاضي.

يُلاحظ أن الخلع أيضًا يُؤدي إلى الفرقة بين الزوجين، بناءً على طلب الزوجة أو وليها، في حال عدم قدرتها على الاستمرار في الزواج، وفقًا للشروط والضوابط الشرعية. كما أن القاضي قد يُفرق بينهما وفقًا لظروف محددة، مع مراعاة حقوق الطرفين.

أنواع الطلاق بحسب شرعيته

ينقسم الطلاق من حيث موافقته للشريعة إلى نوعين رئيسيين:

الطلاق السنّي

هو الطلاق الذي يتوافق مع ضوابط الشريعة، وهي: أن يكون بطلقة واحدة، وفي طهر لم يُجامع فيه الزوج زوجته. الحكمة من ذلك إعطاء الزوج فرصة للمراجعة. كما يُحرم طلاق الزوجة أثناء الحيض أو النفاس، أو في طهر جامعها فيه، لمنع الضرر بالزوجة، وذلك وفقًا لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [سورة الطلاق: 1].

الطلاق البدعي

هذا النوع مخالف لضوابط الشريعة، كأن يُطلق ثلاثًا بلفظ واحد، أو في مجلس واحد، أو أثناء الحيض، أو النفاس، أو في طهر جامعها فيه. أجمع الفقهاء على تحريم هذا النوع، وأن فاعله آثم. اختلفوا في وقوعه: فذهب البعض إلى وقوعه، مستدلين بعموم آيات الطلاق، وذهب آخرون إلى عدم وقوعه، لأنه مخالف لأمر الله.

تصنيف الطلاق حسب إمكانية الرجوع

الطلاق الرجعي

يجوز فيه للزوج مراجعة زوجته خلال فترة العدة بعد الطلقة الأولى والثانية، دون عقد جديد.

الطلاق البائن

يُنهي عقد الزواج نهائيًا، ويُقسم إلى:

  • بائن بينونة صغرى: يقع بعد انتهاء عدّة الطلقة الأولى أو الثانية، ويحتاج للرجوع إلى عقد جديد.
  • بائن بينونة كبرى: يقع بعد الطلقة الثالثة، ولا يحل للزوج مراجعتها إلا بعد زواجها برجل آخر وانفصالهما، ثم انقضاء عدتها، وذلك وفقًا لقوله تعالى: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [سورة البقرة: 230].

تصنيف الطلاق حسب ألفاظه

الطلاق الصريح

يقع بلفظ صريح يدل عليه، كالقول: “طلقتك”، أو “أنت طالق”.

الطلاق الكنائي

يقع بلفظٍ يُحتمل فيه الطلاق، كقول الزوج: “اذهبي إلى بيت أهلك”. يُشترط هنا سؤال الزوج عن نيته للتأكد من أنه قصد الطلاق.

أحكام الطلاق في الإسلام

ثبتت مشروعية الطلاق في القرآن الكريم والسنة النبوية، وإجماع العلماء. ويختلف حكمه باختلاف حالة وقوعه:

  • الحرمة: في حالة كونه بدعيًا، كطلاق الزوجة وهي حائض.
  • الكراهة: دون حاجة، مع استقرار الحياة الزوجية.
  • الوجوب: في حالة الشقاق المستحكم، أو عدم رجوع الحياة الزوجية بعد الإيلاء.
  • الإباحة: في حالة الضرورة، كإساءة الزوجة.
  • الندب: في حال الشقاق، أو عدم عفة المرأة، أو طلبها الخلع.

الأدلة على مشروعية الطلاق كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [سورة البقرة: 229]، وحديث ابن عمر عن رسول الله ﷺ في مراجعة من طلق زوجته وهي حائض.

أركان الطلاق وشروطه

اختلف الفقهاء في أركان الطلاق: فذهب الحنفية إلى أن الركن الوحيد هو الصيغة، بينما ذهب الجمهور إلى ثلاثة أركان: المطلّق، والمطلّقة، والصيغة. ولكل ركن شروط خاصة، أهمها أن يكون المطلّق مكلفًا، وأن تكون المطلّقة في عصمة زوجها بزواجٍ صحيح، وأن تكون الصيغة واضحة.

اختلف الفقهاء أيضاً في طلاق السكران: فذهب البعض إلى وقوعه، وذهب آخرون إلى عدم وقوعه، مستندين إلى آيات قرآنية تُشير إلى عدم اعتبار قول السكران.

الركنالشروط
المُطلِّقتكليف، عدم سُكرٍ مُفرط
المُطلَّقةعصمة زوجية صحيحة
الصيغةلفظ صريح أو كنائي مع نية واضحة
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

فهم ظواهر الطقس

المقال التالي

طهارة: تعريفها، أحكامها، وأنواعها

مقالات مشابهة

التعويض عن الأضرار في القانون المدني

استكشاف مفهوم الضرر في المسؤولية المدنية، بما في ذلك تعريف الضرر، وحالات استحقاق التعويض، والتمييز بين أنواع الأضرار المختلفة مثل الضرر المباشر وغير المباشر، والضرر المادي والمعنوي.
إقرأ المزيد