فهم الزنا: أنواعه ودرجاته في الشريعة الإسلامية

تعريف الزنا في اللغة والفقه، وأنواعه المختلفة، وبيان أشدها حرمةً، مع الاستناد إلى آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة.

فهرس المحتويات

الموضوعالرابط
تعريف الزنا في اللغة والفقهالفقرة الأولى
أنواع الزنا: الحقيقي والمجازيالفقرة الثانية
أشد أنواع الزنا حرمةالفقرة الثالثة
المراجعالفقرة الرابعة

معنى الزنا في اللغة وفي الاصطلاح الفقهي

كلمة “زنا” في اللغة العربية مشتقة من الفعل “زني” و”يزني”، وتختلف قراءتها بين القصر والمد بحسب اللهجات. وتشير في معناها العام إلى المباشرة الجنسية المحرمة. أما في الاصطلاح الفقهي، فتختلف تعريفات الزنا بين مذاهب الفقه الإسلامي الأربعة، لكنها تتفق على ضرورة توافر عنصرين أساسيين: الوطء المحرم، وكونه متعمداً بدون وجود أي شبهة شرعية.

فقد عرّفه الحنفية، على سبيل المثال، بأنه قضاء الشهوة في فرج المكلف بامرأة خالية من الملكين وشبهتهما، مع تمكينها من ذلك. بينما عرّفه المالكية بأنه كل وطء وقع على غير نكاح صحيح، أو شبهة نكاح، أو ملك يمين. وتتباين التعريفات الأخرى بين المذاهب، لكن جوهرها واحد وهو تحريم الوطء خارج إطار الزواج الشرعي.

تصنيفات الزنا: بين الحقيقي والرمزي

ينقسم الزنا إلى قسمين رئيسيين: زنا حقيقي، وزنا مجازي (أو رمزي). الزنا الحقيقي هو الوطء الفعلي المحرم، وله عدة أنواع، منها: الزنا بالأجنبية، والزنا بالإكراه (الاغتصاب)، والزنا بحليلة الجار، والزنا بالمحارم.

أما الزنا المجازي، فيشمل كل ما يقرب من الفاحشة دون بلوغ حد الوطء. وقد ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (كَتَبَ اللهُ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، لا بُدَّ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَالنَّفْسُ تَتَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ أَوْ يُكَذِّبُ). ويشمل هذا النوع زنا العين (النظر للحرام)، وزنا اللسان (الكلام الفاحش)، وزنا اليد (اللمس)، وزنا الأذن (سماع المحرمات)، وزنا الرجل (الذهاب إلى أماكن الفواحش).

و يُعتبر الزنا بالإكراه، كما ورد في القرآن الكريم: (وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [سورة النور: 33]، جريمةً لا إثم فيها على المُكرَهة.

كما يُعدّ الزنا بالمحارم من أشدّ أنواع الزنا إثماً، وذلك لما فيه من قطيعة للرحم وانتهاك لحرمات مقدسة. وقد روي عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنه قال: (مَرَّ بِي عَمِّي الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو – رضي الله عنه – وَمَعَهُ لِوَاءٌ قَدْ عَقَدَهُ لَهُ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – فَقُلْتُ لَهُ: أَيْ عَمِّ، أَيْنَ بَعَثَكَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-؟ قَالَ: “بَعَثَنِي إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ وَآخُذَ مَالَهُ”).

أهمية تحديد درجات الزنا في الشريعة

يُعتبر الزنا من الكبائر، لكن شدة عقابها تختلف حسب عدة عوامل، منها الزمان، والمكان، وحال الزانيين. فزنا رمضان، مثلاً، أعظم إثماً من زنا في غيره من الشهور، وكذلك الزنا في الأماكن المقدسة كالحرم المكي والمدينة المنورة.

كما أن حالة الزانيين تؤثر في شدة الذنب. فزنا المحصن أعظم من زنا غير المحصن، وزنا الرجل المسن أعظم من زنا الشاب، وزنا بحليلة الجار أعظم من زنا بغيرها. و كذلك زنا بزوجة مجاهد أعظم من زنا بغيرها، كما ورد في الحديث الشريف عن بريدة بن حصيب الأسلمي -رضي الله عنه-.

وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:(ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ).

وعليه، فإن الزنا وإن كان من الكبائر، إلا أن درجاته متفاوتة بحسب الظروف والملابسات.

المراجع

سيتم إدراج المراجع هنا عند انتهاء كتابة المقال.

Total
0
Shares
المقال السابق

فهم الزنى: التعريف، المفاسد، والوقاية

المقال التالي

فهم الزهد: جوهر، درجات، وعلامات

مقالات مشابهة