فهم الرجاء: مفهومه، أهميته، وكيفية تعزيزه

استكشاف مفهوم الرجاء. طرق تعزيز الرجاء. استراتيجيات للتغلب على الإحباط. أمثلة للرجاء في قصص الأنبياء. المصادر.

مقدمة

الحياة رحلة مليئة بالصعود والهبوط، حيث تتداخل اللحظات السعيدة مع التحديات. في خضم هذه التقلبات، يبرز الرجاء كمنارة تنير لنا الطريق، وتبث فينا روح الإصرار والمثابرة. إنه الوقود الذي يدفعنا لتحقيق أهدافنا وتجاوز الصعاب. الأمل يذكرنا دائمًا بإمكانية تحقيق الأفضل، حتى في أصعب الظروف. إنه قوة دافعة للإنسان المؤمن، تحثه على العمل الصالح والفوز بالجنة. إنه الدافع الذي يشجع الطلاب على الدراسة والاجتهاد لتحقيق النجاح.

وقد جاء فيالقرآنالكريم آية كريمة تبُث روح الأمل والتفاؤل بالمسلمين، قال الله عز وجلّ:(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).[١][٢]

معنى الرجاء

في اللغة العربية، يُفهم الرجاء على أنه التوقع الإيجابي لحدوث شيء مرغوب فيه. غالبًا ما يرتبط بأمور قد تبدو بعيدة المنال. إن الرجاء يمثل مزيجًا من الدافع والإرادة القوية التي يمتلكها الفرد لتحقيق غاياته. فالأهداف تمثل الطموحات والنتائج التي يسعى الإنسان لتحقيقها. يتكون الرجاء من ثلاثة عناصر أساسية: قوة الإرادة التي تدفع نحو تحقيق الأهداف، الطاقة الذهنية التي تحفز وتوجه الجهود، والقدرة على إيجاد المسارات والخطط التي تعكس الطموحات الذهنية.

ويمكن تعريف الرجاء أيضاً بأنه حالة من التحفيز الإيجابي القائم على شعور النجاح المُكتسب بشكل تفاعلي، وينقسم الأمل في هذا التعريف إلى قسمين الأول هو التخطيط لتحقيقالأهداف، والثاني هو توجيه الطاقة للهدف.[٥]

سبل تنمية الرجاء

على الرغم من التحديات والصعاب التي تواجهنا في الحياة، إلا أن الرجاء حاضر دائمًا. يمكن للفرد تعزيز الرجاء من خلال الانخراط في الأنشطة التي تبعث فيه التفاؤل. الحديث الإيجابي مع النفس وتكرار العبارات المشجعة له تأثير كبير على النفس. على سبيل المثال، تكرار عبارة “الأمور ستتحسن” يساعد على التخلص من الأفكار السلبية ويمنح النفس دفعة من الأمل والسعادة.

أساليب التغلب على اليأس

قد يتعرض الإنسان للعديد من التجارب الصعبة التي تؤدي إلى التفكير السلبي وفقدان الرجاء. للتغلب على هذه المشاعر، يمكن اتباع الطرق التالية:

  • تغيير نمط التفكير: التركيز على الجوانب الإيجابية في الحياة والنظر إلى الأمور الصغيرة على أنها نعم كبيرة من الله. هذا يساعد على تقليل المشاعر السلبية.
  • طلب المساعدة المتخصصة: اللجوء إلى طبيب نفسي للتحدث عن المشاعر السلبية وعدم تجاهلها. قد يكون الاكتئاب سببًا لهذه المشاعر، ويمكن للطبيب أن يصف العلاج المناسب.
  • التركيز على الإيجابيات ومحاصرة السلبيات: تعزيز الجوانب الإيجابية في الشخصية والعمل على تقليل الجوانب السلبية. فالقرآن الكريم لديه منهج رائع، يتلخّص في ذِكر الايجابيات وتأخير ذكر السلبيات، قال الله سبحانه وتعالى:(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ).[١][٨]
  • اتباع منهجالقرآن الكريمالذي ينُص على عدم إشاعة الفاحشة: فإن ضعُف الإنسان وعصى الله سراً، فإنّ الإثم يصيبه وحده، وتبقى صورة المجتمع ناصعة وتبعث الأمل لدى الناس، حيث إنّ تداول الناس لأحاديث الفواحش في مجالسهم، يتسبب في الضرر على كامل المُجتمع، لأنّه يتسبب في ظهور الانحرافات، والخواطر المريضة التي تُزيّن للإنسان فِعلالحرامويُعدِم ثقة الناس ببعضهم.[١]

صور من الرجاء في قصص الأنبياء

تجلت صور الرجاء في حياة الأنبياء بشكل متنوع، حيث تحمل كل قصة عبرة ملهمة. من هذه الصور:

  • رجاء سيدنا إبراهيم عليه السلام: على الرغم من تقدمه في السن وعدم إنجابه، لم يفقد إبراهيم عليه السلام الأمل ودعا الله، فاستجاب له ووهبه إسماعيل وإسحاق. قال الله في كتابه الكريم:(رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ).[٩]
  • رجاء النبي يعقوب عليه السلام: عندما فقد يوسف عليه السلام، لم ييأس يعقوب بل ظل متشبثًا بالرجاء في رحمة الله. فقال:(قالَ بَل سَوَّلَت لَكُم أَنفُسُكُم أَمرًا فَصَبرٌ جَميلٌ عَسَى اللَّـهُ أَن يَأتِيَني بِهِم جَميعًا إِنَّهُ هُوَ العَليمُ الحَكيمُ)[١٠]
  • رجاء النبي أيوب عليه السلام: رغم ابتلائه بذهاب العافية والولد والمال، لم يفقد أيوب الأمل في شفاء الله. فقال الله سبحانه وتعالى:(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ*فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ).[١١]
  • رجاء الرسول صلى الله عليه وسلم: تجسد الرجاء في سورة الشرح، قال الله تعالى:(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ* وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ* الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ* وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ* فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا*فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ* وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب).[١٢]
  • رجاء الرسول صلى الله عليه وسلم في مواجهة الشرك: لم يضعُف الرسول صلى الله عليه وسلم أمام استهزاء المشركين وأذاهم، وظل الأمل يملأ قلبه. والدليل من السنّة قول أبي بكر الصديق:(كنتُ معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الغارِ ، فرأَيتُ آثارَ المُشرِكينَ ، قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، لو أنَّ أحدَهم رفَع قدمَه رآنا ، قال : (ما ظنُّك باثنَينِ اللهُ ثالثُهما).[١٣]

المراجع

  1. حسام العيسوي إبراهيم (12-12-2012)،”الأمل والتفاؤل”،www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-3-2018. بتصرّف.
  2. سورة الزمر، آية: 53.
  3. “تعريف و معنى أمل في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”،www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-3-2018. بتصرّف.
  4. د.عبد المحسن ابراهيم ديغم،”الأمل النظرية والعلاج”،www.pathways.cu.edu.eg، اطّلع عليه بتاريخ 18-3-2018. بتصرّف.
  5. KATIE HANSON (24/102009),”What Exactly is Hope and How Can You Measure it?”،WWW.positivepsychology.org.uk, Retrieved 18-3-2018. Edited.
  6. Robert Puff (16-2-2015),”Finding Hope in Our Hopelessness”،www.psychologytoday.com, Retrieved 18-3-2018. Edited.
  7. د.محمد عبد العليم (7-1-2005)،”الشخصية السلبية واليائسة”،www.consult.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-3-2018. بتصرّف.
  8. سورة آل عمران، آية: 110.
  9. سورة الصافات، آية: 100-101.
  10. سورة 83، آية: يوسف.
  11. سورة 83-84، آية: الأنبياء.
  12. سورة الشرح، آية: 1-8.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم: 4663، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
Total
0
Shares
المقال السابق

فهم مصطلح الأمة وأهميته

المقال التالي

مفهوم السلامة والأمان

مقالات مشابهة